خلال ساعات معدودة، تحوّل شارع "الخشخاني" في حي "الأزاريطة" أحد أرقى أحياء محافظة الإسكندرية الساحلية (شمال مصر)، إلى معلم بارز يعجّ بكاميرات المصورين الذين توافدوا عليه لتوثيق سقوط عمارة سكنية، رأى فيها سكان الحي منافسا لبرج بيزا المائل الشهير في إيطاليا.
وقبيل فجر اليوم الخميس، فوجئ أهالي حي "الخشخاني" بدوي صوت ناجم عن انفصال العمارة المكونة من 14 طابقا، وميلها كاملة بنفس حالتها للأمام في طريقها للسقوط، قبل أن يحضنها برج سكني يقع في الجهة المقابلة ويحول دون سقوطها، قبل إجلاء كافة سكانها منها.
وفي حين انتشرت في المنطقة أعداد كبيرة من قوات الجيش والشرطة وطواقم المحافظة ووزارة الإسكان المصرية، افترش سكان العمارة الأرض وقضوا ليلتهم في الشارع، وسط حالة من الشخط والغضب الشديدين على من وصفوهم بـ "مهندسي الحي المرتشين" والذين اتهموهم بالتسبب بهذه الكارثة.
من جانبهم، رفض مسؤولون في محافظة الإسكندرية الرد على استفسارات وكالة "قدس برس" حول كيفية حل المشكلة وكيفية إسقاط العمارة المائلة دون تضرّر باقي الأبنية المجاورة، وأكتفوا بالإحالة لبيان المحافظ.
وكان المحافظ، محمد سلطان، قد قال في بيان صحفي اليوم الخميس، إنه أمر بإخلاء جميع العقارات المجاورة للعقار المائل بمنطقة "الأزاريطة"، وإيقاف حركة المواصلات القريبة منها "ترام"، منعا لحدوث أي اهتزازات قد تؤثر على ميل العقار.
وأكد على عدم وجود أي اصابات أو وفيات جرّاء الحادثة، وأن محافظة الإسكندرية شكّلت لجنة عاجلة من كلية الهندسة والقوات المسلحة وشركة "المقاولون العرب"، للتدخل فورا والاتفاق على الحل الهندسي المناسب لإزالة العقار.
ورفعت المحافظة درجة الاستعداد القصوى في صفوف جميع أجهزتها ومرافقها؛ من مستشفيات وطواقم الدفاع المدني والإسعاف، فضلا عن تكثيف تواجد الأجهزة الأمنية في المنطقة المحيطة بالعقار، تحسبا لأي طارئ، بحسب بيانها.
وأكد المحافظ، على بدء الإجراءات لتجهيز أماكن سكن للأسر التي تم إخلاءها من العمارة، والتنسيق مع التضامن الاجتماعي لتدبير كافة احتياجاتهم، وفتح باب التحقيقات حول واقعة العقار المائل، لمعرفة أسباب حدوثها، مؤكدا أنه سيتم تحويل جميع المقصرين والمتسببين في ذلك للمساءلة القانونية والمحاكمة الفورية.
وتناول نشطاء مواقع التواصل الواقعة بسخرية وإسقاطات سياسية، معتبرين أن حال العمارة المائلة يعبر عن حالة الوضع في مصر الان سياسيا واقتصاديا، منتقدين انتشار الفساد في بلادهم.
وفي تصريحات صحفية، أكّد رئيس جهاز التفتيش الفني على البناء بوزارة الإسكان المصرية، عبد المنعم صالح، على أن عدد العقارات المخالفة التي رصدها الجهاز مؤخرا، بلغ حوالي 500 ألف وحدة بمختلف المحافظات، بقيمة سوقية تصل 300 مليار جنيه.
وأضاف أن الجهاز يتوقع جمع غرامات بقيمة 150 مليار جنيه بعد إقرار قانون التصالح في مخالفات البناء والذي يناقشه مجلس النواب حاليا.
وأوضح أن الجهاز يعد آلية للتعامل مع العقارات المخالفة تضمن حماية حقوق الدولة وفي نفس الوقت الحفاظ على الثروة العقارية التي تم إنشاؤها لأن إزالة 500 ألف عقار تتطلب تكلفة مالية عالية كما أن 99 في المائة من تلك العقارات تم تسكينها ولا يوجد بديل للسكان في الوقت الحالي والإزالة التامة قد تؤدي لخلل اجتماعي يجب التعامل معه بحذر.
*الدولار الأمريكي يساوي قرابة 18 جنيها مصريا