( قراء تاريخية تحليلية)
نقف اليوم كشعب فلسطيني يختزل في ذهنه وتاريخه معاني الوفاء ، أمام ذكري ليست عابرة إنها ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية ، انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، حاملة النوط المقدس لثورات العالم كافة ..
عام جديد انطوى ، وتستمر الثورة بكافة أشكالها بسواعد أبناء فتح العملاقة ، الساعية لنيل الاستقلال والحرية ، فتح ورغم حجم المؤامرات والنائبات ، إلا أنها انطلقت لتبقى ، ولتكن دائما رائدة الكفاح ، فتح الديمومة بعطائها وفكر روادها الأوائل التي جسدت ارقي معاني الكفاح الفلسطيني بسواعدها المقاتلة ، وعقول قادتها النيرة ، حركة قادها الزعيم أبو عمار الخالدة ذكراه ، وثبتت بعقلية الزعيم السياسي العالمي المحنك محمود عباس (ارطبون القرن الحادي والعشرين) الذي أرسي الدعائم الحقيقية لأركان الدولة الفلسطينية المستقلة ، ورفع بيده الفتحاوية الثائرة علم فلسطين في عواصم العالم واليونسكو رغم أنف المدلسين والخراصين ..
نحتفل اليوم بذكري انطلاقة الثورة ( ال47) ولازال الشعار هوا لشعار ، شعار فلسطين وشعبها ، لايقبلا القسمة والطرح ولا المعادلات المستوردة ، لأنها ثورة خرجت من رحم فلسطين الأصيل ، وأنجبت رجال صنعت ثورة وحفرت اسمها بدماء مزكية برائحة الشهداء ..
تجيء ذكري الانطلاقة هذا العام وتحمل في طياتها الكثير من المبادئ والقيم ، لازالت راسخة ، منذ شربوها من مفجر الثورة أبو عمار وثلة من الأولين ، ولأنها فتح الثائرة لابد أن تتكالب عليها قوى الشر ، وتحاك لها المؤامرات التى على العتبات الإقليمية والعالمية ، تتكالب عليها ، لأنها تحمل راية الوطن منذ انطلاقها ، لأنها التاريخ الذي لا يزور ، ولأنها من حقق السبق في تاريخ الشهداء ، حين قدمت أول شهيد للثورة المعاصرة (احمد موسى ) ، والسبق في الأسري والأسيرات ، فكان ابن فتح ( محمود بكر حجازي ) وابنه الفتح ( فاطمة برناوي) ، أوائل من قدمتهم فتح لتبت للتاريخ أننا باقون ولن يمحى تاريخ ، سطر بدم وعرق ونار ونور معا ،
فتح صاحبة العلاقة السرمدية مع تاريخ فلسطين النظيف حين يتحدث بطلاقة في ذكرى الانطلاقة أيضا على أنها صاحبة المدرسة الأولى في العمليات الاستشهادية ، وأروع نموذج في السيطرة على المواقع الصهيونية ، وما عملية كمال عدوان 1978م إلا شاهد على ذلك ..
ولانها فتح التي حافظت على الثوابت ، واستشهد من اجلها ياسر عرفات ، وهدد بالاغتيال مرارًا محمود عباس ، نرى وبشكل موضوعي وكتاب نحمل في أذهاننا وعقولنا التاريخ الفلسطيني الخالص ، انه من الضروري اللازم ، ومن اجل فلسطين وحدها ، أن نحافظ حركة فتح على تاريخها ، ونطرح في سبيل ذلك المحددات الواجبة التالية :
- انتخاب شخصيات قيادية تخرج من رحم القاعدة الفتحاوية ، والابتعاد عن سياسة التعينات .
- الالتزام بقرارات القيادة ، وعدم التفرد باتخاذ القرارات والتصريحات ، والتغريد خارج السرب الفتحاوي الوطني ..
- خلق قيادة شابة جديدة للحركة والاهتمام بالكادر الفتحاوي ، وتخصيص مدرسة فتحاوية نزيهة ، تعمل على تخريج كادر ثوري واعي يحمل رسالة فتح الخالدة وينقلها للأجيال ..
- الاهتمام بالجانب التوعوي الوطني ، وغرس قيم الولاء للوطن ، وقياداته المخلصين والشهداء الذين رضعوا من حليب الثورة التى أطلقتها فتح ، وليكن البدء من البراعم والزهرات والشبيبة الواعية ..
- وضع كافة الخيارات التكتيكية ، عنوانًا للمقاومة حتى نيل الاستقلال وإكمال المشوار التي انطلقت فتح لأجله ..
- إخضاع الخلافات الداخلية لمنظومة الظواهر الصحية ، وعدم إظهارها - إن وجدت - ونشرها على السطح المحلي والإعلامي عبر فضائيات متصيدة ..
- إرساء منظومة إعلامية موحدة للحركة ذات مرجعية واحدة ، واختيار ناطقين إعلاميين أكفاء مدربين ، وبشكل دوري لإعطاء الفرص للجميع والبقاء للأصلح وليس للأسبق ..
- تكثيف العمل الاجتماعي والمؤسساتي ، وإحياء ما اندثر منه ، وخاصة فيما يتعلق بالشئون (العلاجية والخدماتية والرياضية)
- إعادة بناء الثقة بينها وبين جماهيرها العريضة ، وإعطاء الفرص للجميع ، وعدم احتكار المسميات على شخصيات بعينها بالتناوب ن لان رحم فتح يفرخ الكثير ولن تعقم الحركة عن ولادة قيادات شابة متجددة ..
- تعزيز مبدأ الشفافية والمحاسبة ، تحث شعار (لا احد فوق القانون ) ..
- الالتفاف حول قيادة فتح المركزية ، والقيادة السياسية للسلطة و مساعدتها على تحقيق مبادئ الصلح المجتمعي للتفرغ نحو قضايانا المصيرية والمركزية ..
- العمل على طي صفحات الانقسام والانفلات ، تحت سقف فلسطين وسلطة واحدة وجيش واحد ..
هذه المحاور والمحددات لا تدخل في درب الأماني ، لأنه من السهل تحقيقها ، إن توفرت النوايا الصادقة والعازمة على شد إزارها لتحقيق الحلم الذي بات تحقيقه أقرب من مرمي الحجر ، وباعتقادنا أن ثورة استمرت نصف قرن ، وقدمت الآلاف من الشهداء ، لابد أن تصل إلى أهدافها السامية ، وتنجز ما تبقى من مشروعها ،وتسلم راية فلسطين الجامعة لكافة حضارات العرب والمسلمين للأجيال المنتظرة ، بتنا ننتظر الصبح ، أليس الصبح بقريب ؟
د. ناصر إسماعيل جربوع اليافاوي باحث ومؤرخ فلسطيني الأمين العام لمبادرة المثقفين العرب لشئون قطاع غزة (وفاق)
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت