المصالحة ما بين الإرادة الذاتية والشروط الدولية..!

 


لقاءات عُقدت, ولجان تشكلت, وإجتماعات بدأت, ولكن الفلسطينيون يبحثون عن تطبيق على أرض الواقع للمصالحة الوطنية, "فما الذي يحدث؟", "وما الذي يجب عمله؟", و"ماذا يخبئ العام الجديد للقضية الفلسطينية..؟", "وكالة قدس نت للأنباء" ناقشت هذه الملفات مع المحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم أبراش.


 


يقول أبراش "لا شك بأن اللقاء الأخير في القاهرة, أدى لتحريك ملفات ولجان متفق عليها من قبل, بالتالي هناك تحريك لملفات المصالحة ولكن بالرغم من إجتماع بعض اللجان إلا أنه إلى الآن لم يحدث تقدم", لافتاً إلى أنه يبدو أن هناك أطراف داخلية تعيق عملية التقدم في بعض اللجان مثل اللجنة المجتمعية والحريات العامة.


 


ويشير إلى أن هذا يأتي بالإضافة إلى عدم وجود إرادة كاملة لدى الطرفين "فتح وحماس" بإنجاز المصالحة قبل إتضاح المشهد السياسي على المستوى العربي والدولي, بمعنى أن هناك في منظمة التحرير من ينتظر إلى ما بعد 26 يناير المهلة التي أعطتها الرباعية الدولية لاستئناف المفاوضات, حتى يمكنهم ذلك من تحديد الخطوات الفلسطينية القادمة.


 


ويضيف قائلا "حتى حركة حماس ما زالت أيضاً تنتظر 26 يناير وفي نفس الوقت تراهن على المتغيرات العربية, لأنها تشعر أن المتغيرات العربية تعزز مواقفها وطروحاتها السياسية, وبالتالي لا تريد أن تتعجل وتقدم ما يمكن أن يعتبر بتنازلات قبل أن يتضح المشهد الخارجي.


 


ويوضح بأن هناك نوع من الإنتظارية السياسية لدى الطرفين, ولكن بالرغم من ذلك فإن مجرد تحريك هذه الملفات وعقد لقاءات, هذا قد يعطى نوعاً من كسر حالة الجمود على تحريك ملفات المصالحة, ويخلق نوعاً من الدفيء وخصوصاً مع اللقاءات المتكررة للرئيس أبومازن مع خالد مشعل, والحديث الطيب من كل طرف تجاه الطرف الآخر, "هذا يعطي آملاً".


 


ويتابع أنه "بالرغم من ذلك إذا لم يحدث تقدم حقيقي على الأرض خلال أسابيع قليلة فقط, فإن الناس لن تعود تثق بهذه اللقاءات, لأنه إذا كان هناك حديث عن مصالحة والواقع يقول بتكريس الإنقسام, فإن الناس سيميلوا إلى واقع بتكريس الإنقسام, ولن يعطوا إهتمام لخطاب المصالحة, وبالتالي الوضع الآن يقول أن هناك خطاب للمصالحة بينما الواقع هو تكريس لعملية الإنقسام".


 


ويعتبر المحلل السياسي أبراش بأن هناك قضايا مرتبطة "بالإرادة الذاتية" يمكن أن ننجزها, ومنها قضية إطلاق سراح المعتقلين من الطرفين وأيضاً المصالحة المجتمعية, متسائلاً "لماذا لا تنجز الملفات في هذين الجانين؟".


 


ويلفت إلى أن الأمر مرتبط بأسابيع فقط, وإلا فأن الناس ستفقد الثقة, وسيبحث جزء منهم عن حلول خاصة بعيداً عن هذه اللقاءات التي تجري في القاهرة.


 


وحول متطلبات تحقيق إتفاق المصالحة فعلياً ينوه أبراش إلى أن هناك أمور في المصالحة تعتمد على الإرادة الفلسطينية الذاتية وهناك بعض جوانب المصالحة بالمفهوم الإستراتيجي مرتبطة بشروط خارجية, ومثال على ذلك أن المصالحة المجتمعية مرتبطة بإرادة فلسطينية, والحريات العامة مرتبطة بإرادة فلسطينية, ولكن المصالحة بمعنى تشكيل حكومة واحدة وسلطة واحدة تجمع بين غزة والضفة, تحتاج لشروط أخرى لأن هناك شروط رباعية وإسرائيل.


 


ويقول "لكن يمكن في إطار المصالحة أن نتقدم بما نستطيع القيام به, أما القضايا الأخرى يمكن أن ننتظر المتغيرات الأخرى, وبالتالي هي متطلبات جزء منها وطنية فلسطينية داخلية, وجزء آخر مرتبط بشروط دولية, وبالتالي هذا الأمر متداخل مع بعضه البعض", معبراً عن إعتقاده بأنه لو توفرت لدينا الإرادة الذاتية سيضطر العالم أن يتعامل مع إرادتنا الذاتية.


 


وحول ما الذي ينتظر القضية الفلسطينية في العام 2012 الجديد, رأى  المحلل إبراهيم أبراش أن ما جرى في العام 2011 أعطى نوعاً من الأمل, خاصةً أن القضية الفلسطينية تحركت على المستوى الدولي, والربيع العربي أعطى نوعاً من الآمال, والمصالحة خرجت من حالة الجمود وتم تشكيل لجان وتم تحديد ميعاد للإنتخابات, فإن كل هذا يعطي نوعاً من الأمل.


 


ويوضح بأن "التحرك على هذه المستويات إن لم ينتقل إلى ممارسة على أرض الواقع, أعتقد أن العام الجديد لن يبشر بكثير من الأمل, وخصوصاً أن المراهنة على العام 2012 جزء منه مرتبط بما سيحدث في العالم العربي من حولنا, لأننا لسنا منعزلين عما يجري, لأن ما يحدث في مصر وفي سوريا سيؤثر على الوضع الفلسطيني الداخلي, وبذلك قد يكون 2012 به الكثير من المفاجئات أكثر مما جرى في العام 2011".