حتمية المصالحة بين رؤى فتح وتطلع حماس/د.ناصر إسماعيل جربوع اليافاوي

بقلم: ناصر إسماعيل اليافاوي

يخرج إلينا كثيرا من أبواق الإعلام ،  ودون تنسيق مع صانعي القرار في أحزابهم ، ويرموا تصريحات  سوداء غرابيه ، تهدف إلى رمى العصا المتسخة في دولاب الرؤية الفلسطينية المتجهة نحو المصالحة ، لتعكير ماء الوجه أمام الشعب الذي عاني عقود من الظلم الاحتلالى ،  حتى إحساسه بظلم الانقسام الذي شوه حضاراتنا وقيمنا الفلسطينية ، وادخل مزيج ضبابي على تراثنا الفلسطيني الأصيل ..


 


ورغم تلك النائبات إلا أننا نرى أن تحقيق المصالحة ، وارد من الناحية العملية ، بين إخوة الدم الفلسطيني ، لان هناك العديد من المتغيرات الدولية والإقليمية فرضت نفسها على الطرفين المتخاصمين ..


 


 فمن ناحية الرئيس محمود عباس وحركة فتح ،  وجدوا أنه  لا مفر أمامهم إلا نسيان الماضي،  وفتح صفحة جديدة مع حركة حماس ،  لمواجهة التحديات الأكبر ، ألا وهى استحقاق الدولة والمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني ، في ظل جسم فلسطيني واحد ، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ، أن الرئيس عباس أيقن بعد تجارب مريرة أن الرهان على الأمريكان والمفاوضات  مع الجانب الصهيوني أصبح ميئوس منها ،  في ظل التعنت الصهيوني ،  والانحياز المطلق للإدارة الأمريكية مع إسرائيل ، واستغلال قضيتنا فقط كورقة انتخابات بيد الحزب الديموقراطي  والجمهوري ، ومن ناحية أخرى ، وحسب طبيعة محمود عباس السياسية والتاريخية انه لا يريد إنهاء حكمه بوجود انقسام يسجل في صفحات تاريخه ، بالإضافة إلى إستراتيجية حركة فتح التاريخية التي ترفض القسمة والانقسام ، وتخندقها الدائم وراء حرمة الدم الفلسطيني ،  ووحدة القرار،  واستقلال ورفض التبعية والوصاية لأي أجندات مفروضة من عتبات خارجية  ، لذلك أصبحت المصالحة خيار فتح الاستراتيجي لتفويت الفرص على إسرائيل والمتربصين  بالقضية الفلسطينية ..


 


أما فيما يتعلق بحركة حماس ، ونظرا للتغيرات العربية المحيطة بها ، وتناغمًا مع تلك الأحداث ، وما شهدته الحركات الإسلامية من  تغيرات تكتيكية في برامجها ، ارتأت قيادتها الداخلية والخارجية ،  انه لا مفر من قيام حكومة فلسطينية ، منتخبة تتحمل أعباء القضية الفلسطينية وملفاتها  المعقدة ( اقتصاد – أمن – حدود مياه لاجئين -  استثمارات – سياحة الخ ) بمعنى آخر تريد أن تحقق قفزة نحو العالمية ،  وتصبح رقم في المعادلة الدولية والخروج من كهفها القديم  ..


 


تأسيسا لما سبق نرى أن المصالحة ستحقق بالضرورة ، وان الانقسام مرض سرطاني عضال  . ،  الشفاء منه يحتاج إلى جرعات إنسانية ملموسة تحقق على ارض الواقع ،  والتصدي للانتهازيين الذين يضعون العصي بالدولاب ..!! الساعين إلى الحفاظ على مصالحهم الضيقة،  التي حققوها إبان  الانقسام ، وهذا يتطلب التضحية والمواقف الجادة شعبياً ومؤسساتياً وتعبوياً ، لان حوالي 5 سنوات من الانقسام تحتاج إلى استغلال كل يوم من الأيام القادمة لمحو آثار هذا  الانقسام البغيض


د. ناصر إسماعيل جربوع اليافاوي - كاتب ومحلل سياسي  فلسطيني ، الأمين العام المساعد لمبادرة ( وفاق )

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت