تتفاقم أزمة السيارات في قطاع غزة كل يوم، وتزداد أعداد التجار الذين يتضررون بشكل ينسف رؤوس أموالهم التي استثمروها في هذا القطاع الحيوي، وتتراكم أعداد المواطنين الذين ينتظرون سياراتهم التي مضى على حجوزاتهم لها ما يزيد عن العام، بشكل جعل من حجزوا سيارات في العام 2010 لموديلات ذات العام يتوقعون استلام هذه السيارات في العام 2012، وهي سيارات بالمناسبة مدفوعة الجمارك كاملة، وأتمت كل ما عليها للخزينة الفلسطينية، ويتوقف الأمر عند قرار إدخال هذه السيارات من معبر كرم أبو سالم الذي يؤمن دخول 40 مركبة أسبوعياً، بمعنى أن هذه السيارات غير ممنوعة الدخول وإنما يتوقف الأمر عند عدد ما هو مسموح بإدخاله، وهو ما يدفع المراقبين إلى التساؤل عن درجة مسؤولية الحكومة الفلسطينية في رام الله عن تفاقم هذه المعاناة التي يدفع ثمنها أكثر من طرف.
اللافت أن رئيس الحكومة د. سلام فياض لا ينفك يتحدث عن الشراكة القائمة مع القطاع الخاص، وعن دعم صمود الأهل في قطاع غزة، وعن أهمية إنعاش هذا القطاع الحيوي، والكل يعرف أزمة السيارات وتجارة السيارات في القطاع المحاصر، فبعد توقف عن دخول السيارات لمدة زادت عن الأعوام الخمسة، وتداعي هذا القطاع الحيوي في الاقتصاد الغزي، وتردي جودة الكثير من السيارات التي لا ينبغي أن تظل تسير على الطرقات، ففي قطاع غزة سيارات نقل للركاب يزيد عن عمرها الزمني عن 42 عاماً، وهي سابقة ربما غير موجودة في مناطق أخرى من العالم، ناهيك عن السيارات التي لم تعد تصلح للاستخدام بعدما تم تغيير نوعية الموتور بالانتقال من الوقود الطبيعي (سولارـ بنزبن) إلى (زيت الطعام ـ والغاز)، بعد كل هذه المعاناة تمكن عدد من التجار الذين صمدوا في زمن الحصار وأنفقوا ما يزيد عن 200 مليون دولار في تجارة السيارات بعد التوافق على آلية إدخالها، وهي آلية تضمن للحكومة في رام الله استيفاء كافة الرسوم والضرائب المفروضة على السيارات التي يتم إدخالها، ومع ذلك بقيت آلية الإدخال معقدة وسيئة للغاية، على الرغم من أن بضائع أخرى ومعدات أخرى جرى ويجري إدخالها بالتوافق مع الجانب الإسرائيلي مع أن الجانب الآخر كان يرفض دوماً السماح بإدخالها، كل هذا تم بضغوط مباشرة من الحكومة في رام الله، عبر وسطاء مثل الأمريكيين والأوروبيين ومكتب مبعوث اللجنة الرباعية، فلماذا لم يحدث الأمر في موضوع السيارات؟
ما الذي يمنع فتح معبر كرم أبو سالم حصرياً لإدخال السيارات العالقة لمدة أسبوع واحد وبمعدل 150 سيارة في اليوم؟ من الذي يرغب في مراكمة الفقر وزيادة معاناة المواطن الغزي الذي نفذ صبره في انتظار إدخال مركبته العالقة ؟ ومن هي الجهة التي تتحمل المسؤولية عن استمرار المعاناة، المواصلات، أم الشؤون المدنية، أم هيئة المعابر، أم مكتب رئيس الحكومة؟ وما هو السبيل لعلاج المعضلة قبل أن نصل إلى مرحلة يعلن فيها تجار السيارات إفلاسهم في ظل ضغوط زبائنهم لاسترداد أموالهم التي دفعوها، وكيف سيكون رد دولة رئيس الحكومة على هذه الأزمة التي تذهب بأموال فلسطينية في مخازن إسرائيلية تتقاضى نحو 400 ألف دولار شهرياً نظير بقاء السيارات الفلسطينية فيها، فيما لا يتطلب الأمر سوى أن يقرر رئيس الحكومة حل هذه الأزمة بنفسه عندها وفي غضون أقل من عشرة أيام ستكون هذه القضية خلف ظهورنا جميعاً.. فهل سيفعلها رجل الحلول السحرية أم ستظل الأزمة مستمرة؟؟!!
بقلم/ عماد سليم محسن
باحث وإعلامي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت