خلفت زيارة رئيس الحكومة في غزة إسماعيل هنية، إلى تونس سلسلة من الانتقادات تقاذفتها التيارات اليسارية ووجهتها إلى حركة النهضة، التي تقود تونس في فترة ما بعد انتخابات المجلس التأسيسي. واتخذت المواجهة طابع الصراع السياسي.
وتساءل التيار اليساري عن جدوى تلك الزيارة والهدف من ورائها، خاصة وهي تفتح الأبواب أمام شق فلسطيني واحد معروف بميوله الدينية، كما تساءل آخرون عن مشروعية حكومة حمادي الجبالي، رئيس الوزراء الجديد، في خلط الأوراق بين الحكومة وحركة النهضة.
وفي حين حولت بعض الأطراف المحسوبة على حركة النهضة الزيارة إلى حدث تاريخي له معان سياسية كثيرة، فإن ذلك لم يرق للأطراف المعارضة التي رأت في ذلك توظيفا مباشرا للقضية الفلسطينية للتأثير على الشارع التونسي وتقديم الزيارة بشكل رسمي، وحظي هنية خلالها باستقبال حكومي رسمي بتأطير من راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة.
وتركزت الانتقادات حول من أصدر الدعوة لإسماعيل هنية، هل هي حركة النهضة؟ وبالتالي لماذا كان الجبالي رئيس الحكومة الجديدة في استقباله، وفي ذلك خلط بين الحركة والحكومة، هذا من ناحية .
ومن ناحية أخرى تساءلت الأقلية المعارضة عن مدى مشروعية تلك الدعوى، وهل استشارت الحكومة بقية الأطراف السياسية لاتخاذ مثل تلك الخطوة ذات الطابع السياسي.
وتساءل حقوقيون وسياسيون: "إما أن تكون حركة النهضة هي التي استدعت هنية وفي هذه الحال ما سبب حضور رئيس الحكومة الذي يجب أن يحتفظ بمسافة من كل النشاطات السياسية لحزبه، وإما أن تكون قد دعته الحكومة، وفي هذه الحال ما سر حضور قادة النهضة وحدهم دون استدعاء لبقية الأحزاب".
وحول هذا الجدل الدائر، قال بلقسام حسن، الأمين العام المساعد لحزب الثقافة والعمل، كما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، إن الأطراف السياسية التي لم ترق لها الزيارة مطالبة أولا بالتثبت في الصفة التي استدعي بها إسماعيل هنية إلى تونس؛ إن كان رئيس حكومة غزة أو أحد أعضاء حركة حماس أو كذلك أنه جاء إلى تونس كقيادي سياسي فلسطيني، فهذا التوضيح يكشف الكثير من الأمور الغامضة، على حد تعبيره.
وبشأن الانتقادات الموجهة لحركة النهضة بخصوص الزيارة واستثمارها من الناحية السياسية، أفاد حسن في تصريحه بأن مجموعة من الأحزاب السياسية اليسارية ترفض رفضا قاطعا أي حراك سياسي تقوم به حركة النهضة، وفي ذلك خلط واضح في عالم التعامل مع المشهد السياسي. وقال "إن من حق السياسيين أن يطالبوا الحكومة الجديدة باستشارتهم عند اتخاذ الإجراءات السياسية، ومن بينها استدعاء شخصيات سياسية قد لا تكون محل اتفاق، ولكن حركة النهضة كحزب سياسي من حقها أن لا تستشير أي طرف سياسي عند اتخاذها أي خطوة سياسية مماثلة، ولكنها تتحمل في المقابل مسؤولية تداعيات كل خطوة من خطواتها".