الرئيس الفلسطيني إسماعيل هنية/د. فايز أبو شمالة

كسب الشيخ إسماعيل هنية الجولة السياسية، وصار الشخصية الفلسطينية الأولى التي تحظى بالاحترام والتقدير والحضور والتمثيل لكافة أطياف الشعب الفلسطيني، بل تجاوز الشيخ إسماعيل هنية قضية فلسطين، وصار ينطق باسم كل الأمة، ويحرّض الأجيال على حرب إسرائيل، ويحض على قتال الغاصبين، والتهبت روح الشعب التونسي غضباً وشوقاً مع كل كلمة تحدث فيها الشيخ إسماعيل، حتى سال دمع الوفاء على خد تونس، وتدفق الإخلاص من عيون جامعاتها، لقد فتح الله على الرجل، وأعطاه بسطة في الجسم والعقل والعلم والدين، وجعل اللغة تجرى على لسانه بشكل حبب كل عربي مسلم بتاريخه، وجعله يفتخر بانتمائه لهذه الأمة التي ينتمي إليها الشيخ إسماعيل هنية؛ وقد كسر الحصار الإسرائيلي، لينبض قلبه حباً في شوارع تونس، إنه يصلي فيهم إماماً، وهو الذي كان مستهدفاً من الطائرات الإسرائيلية، ويخاطبهم بما يجيش في صدورهم، ويهتف أمامهم صادقاً: لن نعترف بإسرائيل، والمقاومة هي طريقنا لتحرير فلسطين، والتحقوا بجيش القدس كي نحرر المقدسات، ونقضي على الزمن الإسرائيلي.


 


كسب الشيخ إسماعيل هنية الجولة السياسية لأنه مقاوم، ولأنه صمد في وجه الحصار الإسرائيلي، ولأنه مثل ضمير ووجدان كل العرب المسلمين، وصار رئيس فلسطين المنتخب من جماهير الأمة العربية والإسلامية، وهذا ما أغاظ السيد عباس وحاشيته، ومنهم؛ أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم الذي خرج عن مألوف الدبلوماسية، ونشر عبر وسائل الإعلام نص الرسالة الموجهة من الرئيس التونسي منصف المرزوقي إلى السيد عباس، ويدعوه فيها لزيارة تونس، وكأن الأرض ضاقت إلا عن تونس، دون أن يدرك الطيب عبد الرحيم أن تونس ومصر وليبيا وكل بلاد المغرب العربي قد صارت تسير على نهج حماس، ولم يبق فيها للسلطة الفلسطينية لا كسرة خبز، ولا شربة ماء.



نصيحة إلى رئيس السلطة الفلسطينية بأن يبتعد عن ساحات انتصار الشيخ إسماعيل هنية، فلن يستطيع أن يجاريه، ولن يسابق مراكبه التي هبت رياحها، لأن الانتصار الذي حققه الشيخ إسماعيل هنية هو انتصار لفلسطين ولكل العرب والمسلمين، وقد هتف التونسيون بين يدي الشيخ إسماعيل هينة "لن نعترف بإسرائيل" والشعب يريد تحرير فلسطين، فماذا ستقول لهم يا سيد عباس، لو زرتهم؟ ماذا ستقول للتونسيين لو وقفت أمامهم خطيباً؟ هل ستقول لهم: أنا أنبذ المقاومة، وأطلقت النار على المقاومين في جنين، وأنا أعترف بإسرائيل، وألوذ بالصمت وهم يهوّدون القدس، ولا أطلب تحرير إلا أقل من ربع فلسطين، مع بقاء المستوطنين اليهود، وأنا لا أجد طريقا لذلك إلا عبر المفاوضات! وماذا تتوقع أن تكون ردة فعل الشعب التونسي؟ هل تظن أن التونسيين سيلتفون من حولك ويهتفون: الشعب يريد نسيان فلسطين! وهل سيردد التونسيون على مسامعك: نعم للاعتراف بإسرائيل! ونعم لتهويد الأرض العربية من النيل إلى الفرات!.


 


على السيد عباس أن يفتش عن ساحات عمل أخرى لم تعصف فيها ثورات الكرامة، ولم تشمخ بكبرياء الانتماء للتراب المقدس، ولم تفرز فيها الانتخابات الديمقراطية قيادة وطنية مخلصة وأمنية، على السيد عباس أن يفتش في البلاد التي ما زال حاكمها يخاف من شعبه، ويرتعب من كلمة ثورة، وينتظر مصيره المحتوم، هنالك سيجد السيد عباس الحاكم الزميل والصديق والرفيق السند، والحاكم الفرد المطلق بقراره الصمد، هنالك يمكن للسيد عباس شق الطرق للمفاوضات مع إسرائيل، واستجداء رواتب آخر الشهر، هنالك يمكنه ترتيب التواصل من أجل تبادل الآراء في كيفية عرض القضية الفلسطينية على الأمم المتحدة، ودراسة أنجع وسائل التنسيق مع الإسرائيليين لتهميش المقاومة، وتهشيم وجه البندقية الفلسطينية.


لما يزل التونسيون يرددون بيتاً من الشعر العربي يقول:


دع المكارم لا ترحل لبغيتها            واقعد، فأنت الطاعم الكاسي


يقصد الشاعر: كيف تبتغي المكارم وأنت تستجدي طعامك وكسوتك!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت