يحسن صنعا إذا صدق الخبر أن الأخ نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لحركة فتح قرر أخيرا العودة الى قطاع غزة ليس زائرا كم فعلها أكثر من مرة ولكن ليقيم فيها ويعود الى بيته الذي هجره عدة سنوات – وهو ليس بعيدا حيث أسكن – ورأيت في الأيام الأولى للانقسام كيف تم سرقة محتويات بيته ثم إحراقه ، ولكن سبق وأن كتبنا وطالبنا أنه بالرغم من كل ماحدث وعلى صعوبته النفسية والمعنوية فإنه ليس هناك مبرر لمغادرة قطاع غزة كل هذه المدة وكان يجب أن يعود القادة أولا للاستقرار في قطاع غزة ومواجهة الواقع وتحمل كل مصاعبه والقيام بالواجب تجاه الأهل في قطاع غزة الذين كان لهم الفضل في وصول الكثيرين الى مقاعد المسئولية سواء كانت التنظيمية أو السياسية وخاصة أولئك الذين تم انتخابهم وأصبحوا أيضا أعضاءا في المجلس التشريعي ليكونوا ممثلين عنهم يحملون همومهم وشكواهم وكان يجب أن يكونوا بينهم ويتحسسوا مشاكلهم وليس عبر الوسائل الإلكترونية سواء الهواتف أو الفيس بوك ، يوجد مكان في قطاع غزة لكل أولئك المسئولين الذين يتمنى شعبهم أن يراهم بينهم من وقت طويل مضى .
كان يجب أن يسبق قرار الرئيس بعودة الموظفين الى قطاع غزة أن يعود قبلهم وأمامهم قياداتهم في الصف الأول سواء أعضاء اللجنة المركزية أو أعضاء المجلس التشريعي أو المجلس الثوري وغيرهم من المسئولين أن يأتوا للإقامة وليس للزيارات الخاطفة وبدون الضجيج الإعلامي المصطنع المخزي هذا الضجيج الذي يصور قدوم البعض الى غزة وكأنه قادم لفتح البلاد والعباد أو كأنه عنتر بن شداد في زمانه ويتندر بعضهم بشجاعته – على استحياء – كونه قرر القدوم الى غزة ، إن استخدام هذه المصطلحات تعبر عن نفسية مريضة مهزومة لأنه يعود الى وطنه الذي خرج منه مهزوما طريدا ، ولأنه يعود بعد أن ترك قطاع غزة يغرق في ظلام دامس تحت الحصار والعذاب ، ترك قطاع غزة وهو ينهار اقتصاديا ويستنزف كل طاقاته بفعل الحرب التي شنها عليه الاحتلال مستغلا ظهر القطاع المكشوف ، واليوم يعود كل من يرغب بالعودة وقطاع غزة ينعم بالهدوء النسبي والحصار بدأ يتلاشى وتعود الحياة الى قطاع غزة من جديد ، يعود البعض في ظل انحسار القيود وتحسن الأحوال ، ولكن بالرغم من كل ذلك فإن قطاع غزة ينادي مرحبا بكل من قرر القدوم للاستقرار وليس للاستهلاك الإعلامي المخادع ، قطاع غزة لم يعد يحتمل كل قادم من أجل صناعة خبر له على صفحات الصحف والانترنت أو من يريد أن يصنع له مجدا مستغلا أوضاع القطاع ولكن أهل قطاع غزة جميعهم يتمنون أن يعود الجميع الى بيوتهم التي خرجوا منها ويتحملوا مع أهلهم كل ما يواجهون من مصاعب وآلام وآمال من فرحة وحزن من قهر ولين .
وفي هذا السياق لن ننسى أن نذكر أولئك الذين صمدوا في بيوتهم مع أهلهم ورفضوا المغادرة طلبا لنعومة العيش أولئك الذين رفضوا نصيحة البعض بأن يغادروا الى رام الله أو الى أماكن أخرى بالرغم من امتلاكهم للقدرة على ذلك ولكنهم آثروا البقاء هنا على أرض غزة بالرغم من كل ما أصابهم من ظلم أو جور أو نكد ولكن لسان حالهم يقول أن البقاء في غزة بالرغم من كل ما أصابنا أفضل وأكرم لنا من أي مكان آخر ، والتجربة أكدت ذلك .
قرار الأخ نبيل شعث – المتأخر – حرك في نفوس الكثيرين شعور بأن هناك متغير إيجابي قادم ، هذا القرار يجب أن يكون دافعا لكل من خرج من غزة سواء كانوا أعضاء اللجنة المركزية وأعضاء المجلس التشريعي والثوري وغيرهم للعودة ليمارسوا حياتهم بشكل طبيعي في غزة ولا يتوقفوا عند صغائر الأمور ولا يختلقوا الأسباب والمبررات لبقائهم خارج القطاع ولا يقنعوا أنفسهم بأنهم مطلوبون أو قلقون على حياتهم ولا ينساقون وراء رغباتهم الدفينة بالبقاء خارج قطاع غزة حتى لا يتحملوا مع أهله بعضا مما يعانون ، قد لا يرغب البعض في العودة وهذا قراره ولكن لا يحمل قطاع غزة ظلما وبهتانا سبب ذلك ، بالتأكيد هناك بعض الاستثناءات مما ذكرنا لبعض من تشكل عودتهم خطرا عليهم أو لا يرغب حكام غزة بعودتهم – وهم قليل – فهؤلاء نقول لهم إن المصالحة إذا نجحت كفيلة بضمان عودتهم ولكن لا يدس البعض نفسه بينهم ويلبس قميصا ليس له ، فكل واحد معروف لماذا لا يريد العودة وكل واحد معروف كيف خرج من قطاع غزة ؟ ، وكذلك نعرف من طلب بتغيير مكان إقامته بشكل رسمي في بطاقته الشخصية " الهوية " من قطاع غزة الى رام الله وكأنه أخذ القرار بأنه لن يعود أبدا ، وهذا ليس تعصبا ولا تطرفا لغزة ولكن كل شخص يجب أن يعشق المكان الذي ترعرع فيه فلا يهجره ، وستبقى فلسطين كل فلسطين عزيزة وغالية علينا جميعا .
وسنبقى نؤكد ونقول هناك مكان لكل من يريد العودة الى قطاع غزة ، وغزة لن تضيق بأهلها ، وسنرحب فقط بكل من يأتي للإقامة عندنا ، ولا نرحب بكل غزاوي يأتي فقط لزيارة غزة .
م. عماد عبد الحميد الفالوجي
رئيس مركز آدم لحوار الحضارات
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت