مسامير وأزاهير 276... صورتان متناقضتان لذكرى مئوية العبوشي!!./ سماك العبوشي

            أمر جميل ورائع ويحمل من الدلالات الوطنية والقومية العميقة أن يأتي تكريم الشاعر والمجاهد الراحل برهان الدين العبوشي (1911-1995) بالذكرى المئوية لولادته في الأردن العربي ومن قبل جامعة البترا الأردنية فتعد مهرجاناً أدبياً رائعاً تخلله توزيع الدروع التكريمية برعاية رئيس جامعتها الأستاذ الدكتور عدنان بدران وحضور فاعل لعميد كلية آدابها ورئيس قسم اللغة العربية فيها ولفيف كريم من كبار أساتذة اللغة العربية والأدب العربي كان في مقدمتهم الأستاذ الدكتور ناصرالدين الأسد والأستاذ الدكتور محمد حوّر.


 


          كما وأنه أمر جميل وذو دلالات وطنية وقومية رائعة حين تسارع سفارة جمهورية العراق بتوجيه مباشر من سعادة سفيرها الأستاذ الدكتور جواد هادي عباس لتلبية دعوة جامعة البترا الأردنية فتوفد ممثلاً عن ملحقيتها الثقافية لحضور ذاك الاحتفال، والأجمل من خطوتها تلك بإرسال ممثل عنها لحضور ذاك الاحتفال التكريمي، حين سارعت في اليوم التالي لدعوتنا للقاء سعادة السفير العراقي في عمان بمكتبه ليقدم لنا درعاً تكريمياً عرفاناً وتقييماً من جمهورية العراق لدور والدنا الشعري وتاريخه النضالي.


 


          وإذا كنا قد ذكرنا مشاهد رائعة كتلك التي نوهنا عنها آنفاً والتي أثلجت صدور الطيبين الغيارى وأرسلت برسائل دفء القلوب  والمشاعر، ومن باب الشيء بالشيء يذكر، فكم كان مؤلماً ومحبطاً أن تمر الذكرى المئوية الأولى لولادة والدنا مرور الكرام دون أن تتجشم مؤسسات الثقافة الفلسطينية الرسمية المرتبطة بمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية عناء التنويه ولو بخبر مقتضب تتحدث فيه عن الشاعر الفلسطيني الأصل والمولد، العراقي الجنسية والموطن، العربي الهوى والانتماء!!.


 


          إنه والله لأمر يندى له الجبين ويبعث إلى الحيرة والإحباط حين تتنكر مؤسسات "الثقافة الفلسطينية الرسمية!!" رائداً من رواد شعر المقاومة الفلسطينية كان قد وصفه الكتاب والنقاد ورجال الأدب العرب بدراساتهم وبحوثهم ورسالاتهم الجامعية منذ خمسينات القرن المنصرم بأنه شاعر المقاومة لحقبة ما قبل النكبة وما بعدها في الثلاثينات والأربعينات من القرن المنصرم، وإنه تالله لأمر يدعو إلى الخجل والاستحياء حين تتنكر وسائل الإعلام الفلسطيني الرسمي لرمز من رموز حركتها الشعرية والأدبية، رمز زاوج بين الفكر وحمل السلاح ذوداً عن قضيته الفلسطينية وعانى ما عانى من تشريد واعتقال ونفي واضطهاد خلال تلك الحقبة الزمنية الغابرة، ولقد كنت قد نشرت مقالة - وقبل انطلاق احتفالية جامعة البترا الأردنية الغراء تلك - ملؤها الحسرة والألم والإحباط تساءلت فيها عن دور مؤسسات الثقافة الفلسطينية الرسمية التابعة والمرتبطة بالسلطة الوطنية الفلسطينية أو بمنظمة التحرير الفلسطينية "المعطلة والمجمدة!!"، عن مغزى ذاك الجحود والنسيان الذي طال شاعراً فلسطينيا رائدا في حياته وبعد مماته، واليوم، وفي خضم أجواء الاحتفال والتكريم التي لاقيتها سواء من جامعة البترا الأردنية الكريمة أو لقاء سعادة سفير العراق في عمان وإهدائه الدرع التكريمي لوالدنا الراحل، فإنني لا أرى بدً من تكرار ذات الأسئلة المخجلة، عن دوافع ومسببات ومسوغات ذاك الجحود والنكران واللامبالاة التي أبدتها مؤسسات الثقافة الفلسطينية الرسمية ووسائل إعلامها المقروء والمسموع والمرئي تجاه شاعر من أصل فلسطيني كان قد  وصفه الكتاب والنقاد ورجال الأدب العرب بأنه شاعر المقاومة لحقبة الثلاثينات والأربعينات من القرن المنصرم، وقد لاقى ما لاقاه من تشرد واعتقال ونفي وتعذيب إبان فترة الانتداب البريطاني على فلسطين!!؟، وما هي المسوغات التي ستدفع بها تلك المؤسسات الفلسطينية الرسمية في تبرير تجاهل فلسطيني رسمي لذكرى الشاعر الراحل يستحق التنويه لما يعنيه من استخفاف برمز رائد من رموز الحركة الشعرية والأدبية الفلسطينية منح جل حياته وسخر كل فكره لخدمة قضية مصير هذه الأمة ووطنها المغتصب، مقارنة بتلك الصورة الرائعة المتمثلة بتكريم جامع البترا وسفارة جمهورية العراق!!.


 


          تحية إجلال وإكبار لسفارة جمهورية العراق في عمان بشخص سفيرها ومنتسبي ملحقيتها الثقافية.


          تحية إجلال وتقدير لجامعة البترا الأردنية بشخص رئيس  جامعتها وأساتذتها ومحاضريها وطلبتها.


          تحية إجلال وتثمين لكل من ساهم بإبراز هذه الذكرى، أفرادً ومواقع إخبارية وأدبية.


 


          ويستحق ولاشك من يتنكر لتاريخه ورموزه الوطنية والثقافية والجهادية تلك المقولة المعبرة: "إن لم تستح فاصنع ما شئت"!!!.  


 


سماك العبوشي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت