أبوعيشة يوقع ديوان شعر بالعامية مستوحى من الثورات العربية

 


 عاش المشاركون بلقاءٍ متوهج مع الشاعر الفنان حسام ابو عيشة الذي عبرّ بقصائده الشعرية الشعبية بالعامية المصرية  والتونسسية والفلسطينية  ، وصّور فيها بدفقات من الاحساس العالي ما يختلج  من مشاعر  عربية صادقة في اية بقعة من العالم العربي تجاه ثورات وانتفاضات "الربيع العربي" التي من المؤمل ان ترسم صورة مغايرة لواقع القهر والتخلف والجهل  الذي ساد لعدة عقود بعد رحيل الاستعمار القديم ومجيء الاستعمار الجديد.


 


ودهش الحضور في اللقاء الذي ينظمه نادي الصحافة المقدسي بنقابة الصحفيين الفلسطينيين  في مقهى الكتاب الثقافي- المكتبة العلمية من شاعرية الفنان ابو عيشة الذي لم  يكن معروفا عنه قرض الشعر حيث اثبت بذلك انه فنان متنوع وشامل قادر على التعبير بأكثر من شكل فني من مسرح واخراج وتلفزيون واذاعة  وتدريس فنون مسرحية وشعر شعبي يلامس معاناة الجماهير العربية في كل زمان ومكان .


 


الانسان بما يؤثر في الاخرين..


ورأى الفنان ابوعيشة في مداخلات سريعة له في بداية اللقاء  واخرى تخللت النقاش بعد  القائه بعض القصائد المستوحاة من الربيع العربي والهم الفلسطيني واعقبها توقيع ديوان الشعر واهدائه للحاضرين، ان الانسان .. انسان اذا تمكن من تقديم شيء للانسانية ولمجتمعه  ، مؤكدا انه ليس شاعرا  رغم انه نظم القصيد  منذ عام 1992 وانه ذواقة للشعر والموسيقى والغناء بما حباه الله من اذن موسيقية واحاسيس  مرهفة وجياشة تمور في داخلة ولا بد من اخراجها في شكل فني ما  ، يكون احيانا في كتابة مسرحية وتمثيلها او نصوص فنية اخرى منها الشعر كما هو واضح الان. وبما ان احداث الثورات العربية تصعب معالجتها مسرحيا او سينمائيا بشكل فوري وسريع لانها بحاجة الى الابتعاد زمنيا ومكانيا مسافة كافية ليتم رؤية الصورة بشكل كامل و والالمام  بكافة عناصرها  وخيوطها المتشابكة لتقديم حكم فني دقيق وموضوعي  عليها اذا جاز التعبير.


 


حصاد انتفاضات فلسطين ..


واضاف ان الالتفاف العربي الواسع حول الثورتين التونسية والمصرية ومساندته لهما اعطى احساسا بأن الانتفاضة الفلسطينية الاولى والثانية قد اتتا اكلهما ، مما منحني شحنة ودفقة للتعبير عن مكنونات نفسي فنيا كانسان وفنان شعبي لا يمكنه الخروج من جلده وبعد ان فعلت هاتان الثورتان فعلهما في نفسي ..! كما ان حواري  وازقة البلدة القديمة مزروعة  ومسكونة في قلبي..  حارة السعدية وسوق القطانين والحي الافريقي .. وهذا جوي وعالمي وبيئتي  رغم انني  قدمت مسرحياتي  في اعرق مسارح العالم . لذلك كان لا بد لي  من اطلاق صرختي  الشعرية التضامنية والاعتزازية في ديواني الممهور – كلنا في الهم والنصر شرق.


 


واستذكر مقولة عن مصر الناصرية انها تقوم على ثلاثة اعمدة  .. عبد الناصر وعبد الباسط وام كلثوم ..وقال " بعد ان أثبت الشباب العربي وخاصة المصري انهم قادرون على مواجهة  فرعون العصر والزمان .. لذلك كان اهداء الديوان الى شهداء الامة العربية السابقين واللاحقين والى كل ام ثكلت فلذة كبدها  والى شريكة حياته لطيفة .. الذين احرق بعضهم نفسه وقدموها قربانا على مذبح الحرية والكرامة..من امثال محمد البو عزيزي .. هذه التضحية التي كانت تعبيرا مخيفا عن تساوي الموت والحياة "..


 


واشاد بنقاده البيتيين  الاوائل..  زوجته واولاده الذين اذا احسوا بانتاجه الفني وتفاعلوا معه  اخرجه الى الناس والا بقي حبيس الادراج.... فهم نقاد لا يرحمون ولا يتساهلون..!


 


وعبّر الفنان ابو عيشة  في معرض تعليقه على المداخلات والمشاركات عن امتنانه للحضور الذين جاءوا بكثرة رغم الطقس البارد ودرجة الحرارة المنخفضة وان هذا يعطيه دافعا للاستمرار في العطاء والابداع .. واعرب عن اعجابه باللهجة المصرية التي يتقنها خصوصا في الشعر العامي رغم انه يكتب بعدة لهجات عربية  وان الفنان يتحدى نفسه قبل ان يتحدى جمهور المسرح..


 


واشار الى تأثير معين  يحدثه الفن الصادق اذا خاطب العالم حيث يدفع على الاقل الى اعادة التفكير في عدالة القضية الفلسطينية حتى بالنسبة لجمهور يهودي  مئة بالمئة كما حصل في كيندي سنتر في اميركا  وكيف ان عجوزا يهودية علقّت ان الفلسطينيين محاصرون بدبابات شارون والامريكيين العاديين محاصرين بواسطة قناة ال سي ان ان .  


 


واشار الى ان الابداع بطبيعته فرديا  الا ان جمعه وارشفته يجب ان تقع على مؤسسات متخصصة قادرة على حفظه ، مشيرا الى محاولات في هذ المجال من قبل دار الكلمة في بيت لحم وغيرها من الاجتهادات التي نأمل ان تحقق المرجو منها .


 


وقال انه" يمتلك وحده ارشيفا  كبيرا من الصحف والمجلات والكتب عن مشواره الفني يمكنه فرش وتغطية ارضية كامل  البيت والنوم عليه..!  حيث انه عرض في 182 دولة وقدم 7820 عرضا خلال فترة عشرين عاما .".


 


ولفت الى ان فيلما تونسيا يجري اعدادة سوف يتضمن بعضا من قصائده الشعرية  وهذا يثبت ان فلسطين بؤرة مشعة وان الثورات العربية استلهمت هباتها وانتفاضاتها ضد الاحتلال  الاسرائيلي .. ويا ليتنا نجدد " كانوننا " ليتدفأ عليه الاخرون..! وخلص موجها حديثه الى الحاضرين .. كنت مترددا ان يخرج صوتي الشعري الى خارج جدران بيتي .. ولكنكم منحتموني دافع الاستمرار بعيدا عن تعالي بعض المثقفين ونرجسيتهم .. فالفنان انسان اولا واخيرا.. واتمنى ان ابقى ملتصقا بالشباب كما شاهدتم في عمل نشاز الذي عرض مؤخرا وتحول المسرح الى كراج من قارعي الطبول  واعضاء  فرقة الصعاليك .. وسأبقى انشاء الله معطاء  لان عمر الرجل بما يشعر وعمر المرأة كما تبدو..!


 


برنامج عيش البلد ..


وكان سبق القاء قصائد ابو عيشة ستي الفلسطينية ورسالة الى البو عزيزي التونسية و 11-2-11 المصرية ، كلمة تعريفية قدمها ياسر قوس عن برنامج عيش البلد لدعم تنمية قدرات الشباب في القدس الذي وقف وراء اصدار هذا الانتاج الشعري ، قال فيها ان "البرنامج يهدف الى المساهمة في تنمية قدرات الشباب في القدس ورفع مستوى مهاراتهم الحياتية ووعيهم بالتحديات الثقافية والاجتماعية وتمكينهم من مواجهتها من خلال امتلاكهم للقيم والسلوكيات الايجابية . كما يهدف البرنامج الى اعداد ابحاث وانجاز منتجات ثقافية تحاكي تجربتهم العملية وارتباطها بهويتهم الوطنية وثقافتهم "


 


. واوضح ان – عيش البلد- ممول من الاتحاد الاوروبي والقنصلية الفرنسية العامة وباشراف من مؤسسة التعاون وبالشراكة مع جمعية الجالية الافريقية في القدس الشريف وجمعية برج اللقلق المجتمعي ومؤسسة الرؤيا الفلسطينية.  وان الديوان تم انجازه باشراف جمعية الجالية الافريقية.


 


واكد ان القدس تعيش فينا قبل ان نعيش فيها مشيرا الى  عدد من المشاريع الابداعية على مستوى الشباب العربي والاجنبي يتم التحضير لها منها ثورة في قصيدة  وان القيمة الاساسية التي  توحدنا هي فلسطين وليست الفصائلية و المناطقية. ..


 


وقال ان "الربيع العربي اشعرنا كفلسطينيين  بحالة من التوهان والخذلان  حيث شعرنا وكأننا فقدنا زمام امورنا وفقدنا  البوصلة". اما مسك الختام فكان عرض مشهد من مسرحية نشاز الشبابية التي تصور حالة شاب يبحث عن نصفه الاخر من اخراج الفنان ابو عيشة نفسه.