كان لشعبنا الفلسطيني في السنة الماضية نصيب لا بأس به من الربيع العربي ، وربما كان الربيع الفلسطيني ربيع واضح المعالم والأهداف والتطلعات التي عمل الشعب الفلسطيني على رسمها في الشارع الفلسطيني وعلى الشبكات الإجتماعية والتي توحدت تحت عنوان "الشعب يريد إنهاء الإنقسام " . لقد تميّز الربيع الفلسطيني في العام الماضي عن باقي الدول العربية بخروج القيادة الفلسطينية لتعلن بصوت عال وبشكل واضح وبدون أي غموض أن الخطوات الفلسطينية القادمة هي الدولة الفلسطينية واصلاح البيت الفلسطيني المتمثل في انهاء الانقسام .
وبذلك استطاعت القيادة الفلسطينية مدعومة من الشارع الفلسطيني بكافة الانتماءات السياسية وفي مختلف المجالات سواء من خلال الشبكات الاجتماعية التي حشدت ملايين المؤيدين من أبناء الشعب الفلسطيني والشعب العربي الشقيق أو من خلال التظاهرات اليومية المؤيدة لخطوات القيادة ، استطاعت أن تضع الدولة الفلسطينية المرتقبة على الأجندا الدولية رغم تواجد معارضة شرسة من الولايات المتحدة وبنتها المدللة إسرائيل ، كما استطاعت أن تكسر قواعد اللعبة بانضمامها لليونسكو مع وجود التهديدات الأمريكية بقطع المساعدات سواء عن السلطة الفلسطينية أو عن منظمة اليونسكو .
اما فيما يتعلق بملف المصالحة ، استطاعت القيادة الفلسطينية ممثلة برئيسها أبو مازن حفظه الله - وبوساطة الأخوة المصريين أن تقطع شوط كبير في المضي قدما في اتمام المصالحة الفلسطينية ، كما استطاعت باصرارها على إنجاح هذه المصالحة رغم ما جرت من خروقات هنا وهناك ، ليكون الصف الفلسطيني واحد موحد قادر على نقل القضية الفلسطينية العادلة إلى كل المحافل الدولية .
واليوم وفي هذا العام الجديد 2012 نستبشر خيرا في عدة أمور هامة منها : اعلان القيادة أن هذا العام عام الدولة الفلسطينية وتبني استراتيجية المقاومة السلمية والاتفاق مع حماس وباقي الفصائل عليها ، والبدء بتنفيذ المصالحة الفلسطينية ، وعدم الرجوع إلى المفاوضات في ظل الاستيطان ، بل واكثر من ذلك من بعض القيادات الفلسطينية مثل ما سمعناه من الدكتور محمد اشتية عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ، بقوله " اننا لن نفرق بين رام الله ويافا إذا لم تفرق اسرائيل بين معالي أودوميم وتل أبيب " ، وأيضا اعلان القيادة الفلسطينية الإستمرار في تقديم طلب الدولة الفلسطينية في جميع المحافل والمنظمات والوكالات الدولية .
و ها نحن نرى آخر المحاولات التي تصدرها الأردن الشقيق من خلال استضافة الرباعية والجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في محاولة لإرجاع المفاوضات إلى مسارها ولكن إلى الآن يبدو أن إسرائيل غير معنية بالمفاوضات في ظل تعنتها الاستطاني وهجماتها على أبناء شعبنا في كل الوطن ، و في أواخر الشهر الحالي (كانون الثاني / يناير ) تنتهي المهلة التي حددتها اللجنة الرباعية الدولية لنفسها و للطرفين لإيجاد صيغة لاستئناف المفاوضات .
لذلك من الواضح أن القيادة الفلسطينية ستتابع حملتها بالتوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة والعمل على نيل العضوية في المؤسسات الدولية بعدما أفشلت الضغوط الأمريكية من خلال الضغط على بعض الدول ومنها دول اسلامية للأسف ، مطلبهم في مجلس الأمن ، فبهذا التحرك الذي لا بد منه لكسر الجمود الذي فرضته إسرائيل على عملية السلام ، والعمل على ملاحقتها قضائيا وجنائيا سواء في مخالفاتها للقانون الدولي وفي تشجيعها ورعايتها للاستيطان ولشليات المستوطنين على الإعتداء على الأراضي والأماكن الدينية وعلى الشيوخ والنساء والأطفال .
ورغم الفراغ السياسي المتوقع بسبب انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية ، يأمل الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية بأن يكون العام الحالي عام الربيع الفلسطيني والمدعوم من تغيرات الربيع العربي ، وهنا لا بد من نداء إلى أبناء شعبنا الفلسطيني بالتوحد خلف القيادة الفلسطينية ووضع الدولة الفلسطينية أمام أعين الجميع والعمل بأسرع وقت على تنفيذ المصالحة على الأرض والعمل المشترك نحو الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
بقلم : منتصر جرار
منسق الحملة الشعبية لدعم دولة فلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت