فياض: سنوسع جهدنا الهادف لتعزيز صمود الفلسطينيين

شدد رئيس الوزراء في حكومة رام الله الدكتور سلام فياض أن الأسابيع والأشهر الماضية شهدت تصعيداً خطيراً في وتيرة الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية ضد أبناء شعبنا ومصادر رزقهم، وقد تركزت هذه الإعتداءات على أهلنا في القدس ومحيطها، وفي المناطق المُسماة (ج) وتجمعاتهم السكنية فيها، خاصةً في الأغوار، وجنوب الخليل، ومناطق خلف الجدار، وشملت هدم ومصادرة الخيم والبركسات والمنازل، وتدمير وتجريف الطرق، واقتلاع المزروعات، في انتهاكٍ صارخ لمبادىء حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي،      وقال:" وقد ترافقت هذه الاعتداءات العسكرية مع اعتداءات المستوطنين الإرهابية المُنظمة والمُمنهجة، والتي استهدفت وبشكلٍ يومي، حياة المواطنين ومصادر رزقهم ومقدساتهم. وفي ظل غياب أي ملاحقةٍ جدية للمستوطنين الذين يرتكبون هذه الأعمال، فإن هذا يؤكد إستهداف وجود أبناء شعبنا في هذه المناطق التي تُشكل ما تزيد نسبته عن 60 % من مساحة الضفة الغربية، والتي تحتوي على أهم الأراضي الخصبة والغنية بالمصادر الطبيعية، وتهدف أيضاً إلى دفعهم للرحيل عنها".


 


جاء ذلك خلال الحديث الإذاعي الذي أفرده رئيس الوزراء هذا الأسبوع حول الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة والتي تستهدف بصورةٍ خاصة مدينة القدس ومحيطها، وجميع المناطق المُسماة (ج)، والتي تترافق وبشكلٍ يومي مع الاعتداءات الإرهابية التي يقوم بها المستوطنون ضد شعبنا وممتلكاته ومصادر رزقه،  وأكد إن هذه الاعتداءات سواءً تلك التي يُمارسها جيش الاحتلال، أو التي ينفذها المستوطنون، لن تدفع أهلنا للرحيل، وستواصل السلطة الوطنية تعزيز صمودهم والوصول بالخدمات التعليمية والصحية وخدمات البنية التحتية إلى كل مدينةٍ وقرية وخيمة ومضرب بدو وخربة من ربوع وطننا وتحديداً في هذه المناطق.


 


 وقال: "لقد بات كل مشروع ننفذه على الأرض يُعبر عن إصرار شعبنا على ممارسة حقه في  البقاء على أرضه، والسلطة الوطنية لم تدخر ولن تدخر أي جهد للحفاظ على هوية هذه المناطق، وترسيخ الحقائق الإيجابية عليها، وقد احتل هذا الأمر، على مدار السنوات الأربع الماضية حيزاً بارزاً في عملنا بالإضافة إلى حشد الجهد الدولي المُساند لحقنا في ذلك". وأكد فياض على أن واجب السلطة الوطنية يتمثلُ أساساً في توفير كل أشكال الدعم والمساندة لتعزيز صمود شعبنا وقدرته على الثبات على أرضه وتمكينه من العيش بحريةٍ وكرامة عليها كباقي شعوب الأرض هذا من ناحية، ومن ناحية ٍأخرى فقد عملنا على إبراز خطورة السياسة الإسرائيلية إزاء هذه المناطق وإزاء استهدافها.


 


وشدد رئيس الوزراء على أن الحكومة الإسرائيلية عمدت على تقويض جهود السلطة الوطنية في البناء والمأسسة، وتعطيل عملها في هذه المناطق، وتدمير بعض المشاريع التي يتم تنفيذها، كما عمدت إلى تعطيل قدرة مؤسسات السلطة الوطنية على تقديم الخدمات في هذه المناطق، وقال: "لا يُمكن أن ننسى طريق الحرية في قراوة بني حسان الذي أقدمت جرافات الاحتلال على هدمه وتخريبه أكثر من مرة، وفي كل مرة كنا نعود ونُعيد تعبيده، وقد قُلت حينها هم يدمرون ونحن نبني، هم يقلعون ويحرقون الأشجار، ونحن نزرعها بإضعافٍ مُضاعفة"، وأضاف: "ولا يمكن أن ننسى أهلنا في خرب أم النير وسويسا والتواني وأم الخير والخان الأحمر وطانا، وغيرها من الخرب ومضارب البدو التي يُعطي أهلها يومياً أمثلةً في الصمود والتشبث في الأرض والحياة عليها".


 


وأكد رئيس الوزراء خلال حديثه على أن المشهد الذي يرُسمه أبناء شعبنا يومياً وهم يتحدون طغيان الاحتلال وإرهاب مستوطنيه، ويؤكدون تمسكهم بأرضهم وإصرارهم على حمايتها وزراعتها واعمارها، في مواجهة كل أشكال التخريب والتدمير والحصار التي تسعى قوات الاحتلال لتكريسها، إنما يُظهر مشهد الصراع على حقيقته بين إرادة شعبنا في الحياة والبناء، وبين تخريب الاحتلال ومحاولاته مصادرة سُبل الحياة فيها، وهو يؤكد مرةً أخرى أن ما يُسمى بمناطق (ج)، هي ليست أراضٍ متنازع عليها، بل هي جزءٌ لا يتجزء من الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام  1967، وهي مساحة عملٍ واسعة ومفتوحة لعمل السلطة الوطنية. وقال: "رغم الأزمة المالية الحادة التي نمُر بها، والتي دفعت السلطة الوطنية لاتخاذ إجراءاتٍ كثيرة لترشيد الأنفاق الحكومي للتغلب على العجز في الموازنة، فإن هذه الإجراءات، وبكل تأكيد لن تشمل الاستمرار بمسؤولياتنا الكاملة  وخاصةً في هذه المناطق، كما في القدس وقطاع غزة". وشدد على أن هذا كله مرة أخرى يُبرز للعالم أجمع،  مشهد الصراع بين إرادة البناء والحرية التي ينشُدها شعبنا، في مواجهة الهدم والتدمير والاقتلاع والتهجير.


 


واعتبر رئيس الوزراء أن تقرير الاتحاد الأوروبي جاء ليؤكد ما كنا قد صممنا على نقله للعالم، بل وتكريسه في الوعي المحلي والدولي على حدٍ سواء إزاء متطلبات شعبنا واحتياجاته في هذه المناطق. حيث أدان التقرير بشدة السياسة الإسرائيلية التي تهدف إلى تقويض الوجود الفلسطيني في المناطق المصنفة (ج)، بل، وتقويض حل الدولتين. وأكد على ضرورة تركيز المشاريع التي يدعمها على تلبية احتياجات الفلسطينيين في تلك المناطق والذين أصبحوا محاطين فيها بالمستوطنات. وقال:" إن هذا الموقف  الذي نُرحب به ونُحييه إنما يُشكل خطوةً متقدمة لتسليط الضوء على ممارسات الاحتلال ضد أبناء شعبنا، ونأمل أن يمُهد هذا الموقف الطريق لاتخاذ خطواتٍ عملية ذات مغزى تضع حداً للسياسة الإسرائيلية الهادفة إلى السيطرة على أرضنا ومواردنا، وتابع قائلاً: "نحن نتطلع إلى المزيد من الخطوات بما في ذلك، إعلان الدول الأوروبية الإعتراف بدولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على جميع الأراضي التي احتُلت منذ عام 1967، وبما يشمل المناطق المُسماة (ج)، وبالتأكيد القدس الشرقية".


 


وثمن رئيس الوزراء دور المؤسسات الدولية التي واكبت مع السلطة الوطنية العمل بهذه التوجهات، واتخذت خطواتٍ عملية لدعم صمود شعبنا، وثمن دور الدول كاليابان التي تقوم بتنفيذ مشاريع في الأغوار، والاتحاد الأوروبي الذي وقعت معه السلطة الوطنية قبل أيام اتفاقية تمويل  لمواجهة الاحتياجات والتحديات التي يعيشها شعبنا، وخاصةً أنها تتضمن توفير الدعم المالي للمزارعين في المناطق المُسماة (ج)، لتعزيز قدرتهم على الصمود في مواجهة اعتداءات المستوطنين. كما شكر فياض المؤسسات الأهلية المحلية والدولية التي سلطت معنا الضوء على معاناة أهلنا في هذه المناطق وعلى المخاطر التي يواجهونها.


 


وحيا رئيس الوزراء في ختام حديثه الإذاعي أبناء شعبنا الصامدين والمرابطين على أرضهم وقال:" اسمحوا لي ونحن نتحدث اليوم عن قصص الصمود والبقاء التي يُسطرها أبناء شعبنا كل يوم، أن احيي الصامدين المرابطين على أرضهم، وهم يواجهون مخططات الإقتلاع والهدم والتوسع الإستيطاني، ويتحدون جرافات الاحتلال التي تضرب خيمهم وبركساتهم وأشجارهم ومزروعاتهم"، كما حيا اللجان الشعبية والمجالس القروية وكافة الأطر والهيئات التي تعمل على حماية الأرض وتعزيز صمود شعبنا عليها وقال: " لكم جميعاً أقول ستنتصرُ حتماً إرادة الحياة على بطش وقهر الاحتلال، وإن إرادة شعبنا لن تضعف ولن تلين".