هي المفاوضات التي تكاد لا تنتهي , هي جلسات تجمع المفاوض الفلسطيني بالمحتل الغاشم, سقط مبارك فسقطت معه شرم الشيخ وما عاد هناك مفاوضات. ظننا أن الأمر حقيقي وأن مبارك لم يعد بإمكانه أن يعود ليؤلف بين الوفدين المفاوضين الفلسطيني بقيادة عريقات الذي قدم استقالته بعد كشف المستور, والوفد الإسرائيلي الذي تدور جلسات جس النبض كما يقولون والمستوطنات تتسارع وتيرة بنائها. اليوم عمان العاصمة الأردنية هي من يحتضن هذه الجلسات التفاوضية, بل المناورات السياسية التي لم ينفك الاحتلال عن إدارتها عبر عقدين من الزمان, دون طائل فلسطيني يمنح شعورًا بالأمل في الحصول على دولة فلسطينية نهاية أي عملية تفاوضيه.
عادت مكوكية التفاوض مع الاحتلال رغم ما يتم إنشائه من مستوطنات تقضم الأرض الفلسطينية بالضفة المحتلة والقدس وتربط بعض هذه المدن الاستيطانية ببعضها وتصادر الأراضي لإكمال مشروعها الاستيطاني في نهب ما تبقى من الأرض الفلسطينية, بل مضى الاحتلال في ما هو أبشع من ذلك فقد أصدر" بوستر" يصور القدس وهي خالية من مسجد قبة الصخرة ليكون مكانه هيكل سليمان المزعوم والذي يدلل على سياسة إسرائيلية عن نوايا مبيته لهدم المسجد وبناء هيكلهم, رغم هذه المعطيات التي باتت تطبق على أرض الواقع لازال المفاوض الفلسطيني يتلهف على استمرار عملية سياسية لم تنجح عبر سنوات في تغير الواقع الفلسطيني بل زادت من إشكاليات قيام أي دولة فلسطينية مرجوة بالمستقبل .
إن التفاوض الحقيقي يكمن في اعتراف الاحتلال بدولة فلسطينية بسيادة كاملة على الأرض الفلسطينية تكون قابلة للحياة ولها حدودها المعترف بها وتحقيق الثوابت الفلسطينية من القدس عاصمة لهذه الدولة إلى عودة اللاجئين, وتحديد مدة زمنية لانسحاب الاحتلال من الأراضي الفلسطينية, بعد أن يقوم الاحتلال بهذه الاعترافات بشكل رسمي أمام مؤتمر دولي للسلام يمكن للمفاوض الفلسطيني الجلوس لشرح كيفية تنفيذ هذه الاعترافات لتتوافق مع ما تم الاتفاق علية.
أيها المفاوض الفلسطيني ابتداء من كبيرهم السيد عريقات إلى أي مسؤول فلسطيني يشارك في هذه العملية, إن لم يكن هناك تاريخ لانسحاب الاحتلال واعتراف بدولة فلسطينية قبل التفاوض؛ فهو عبثية لا طائل منها سوى إعطاء الاحتلال الفرصة الذهبية في سرقة الأرض وهدم البيوت وتهويد القدس وبناء الهيكل على أنقاض مقدساتنا, حينها لن يغفر لكم الشعب ولن يذكركم التاريخ سوى في صفحاته السوداء ولن تكونوا محمودين بما تقومون به من عمل وسيكون تفاوضكم مع الاحتلال ما هو سوى بيع للوطن بل وللشعب أيضًا الذي يعيش على أرض الوطن, سيكون عملكم هذا نكرانًا لحقوق الملايين ممن ينتظرون العودة لبيوتهم ومدنهم وقراهم.
أيها المفاوض الفلسطيني دع أمر الاحتلال جانبًا ووظف كل طاقاتك في إنهاء الانقسام الفلسطيني وعودة اللحمة الوطنية الفلسطينية بكامل أطيافها سياسية كانت أو شعبية؛ ثم اذهب إلى أي تفاوض وأنت مسلح بقوة وإرادة شعبية وسياسية مجتمعة حتى تحصل على أدوات القوة في أي مفاوضات حقيقية قادمة. أيها المفاوض الفلسطيني تعلم مما حدث في مفاوضات غير مباشرة مع الاحتلال في صفقة الجندي الأسير "شاليط", كيف كانت المقاومة لا تمرر خبرًا مجانيًا فالاحتلال لا يعرف إلا هذه اللغة التي غابت عنكم لسنوات طويلة.
أيها المفاوض الفلسطيني وأيتها القيادة التاريخية لهذا الشعب ابدءوا وعلى الفور غلق ملف الاعتقال السياسي متزامنًا مع إنهاء أي اتفاقات أمنية مع الاحتلال" التنسيق الأمني", اخلطوا الأوراق من جديد واتركوا المحتل يتخبط وحينها ستكون لكم القدرة على المناورة والتفاوض على قاعدة قويه. أعلم أن أحدًا لن يصغي لكلماتي التي تعبر عن نبض الشارع ولكن هيهات أن تمر التصفية للقضية الفلسطينية, فالشعب لن يكون بعيدًا عن ربيع عربي وفلسطيني مميز لا طاقة لأحد في تصفيته قبل أن يحقق آماله, فلا تتركوا مصيركم بين يدي الاحتلال فتكونوا كمن سقط بربيع عربي لا تزال تداعياته تظهر تباعًا. كونوا أوفياء لقضيتكم فلن يسمح لكم الشعب بالبقاء إلى ما لا نهاية تفاوضون نيابة عنه دون تفويض منه بذلك ودون موافقته على ما يدور من عبثية نتيجتها ضياع فلسطين كل فلسطين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت