"اللهم أدمها فوضى وحفظها من الزوال" .... بهذه الكلمات الموجزة لخص أحدهم وضع عمله وإقامته في إحدى دول الربيع العربي بدون تصريح إقامة أو أوراق ثبوتية !!!
إنها الفوضى التي ليس لها برامج و لا يحدها زمن .... ولا يلزمها تفويض... ولا تصريح.... ولا تاريخ لانتهاء الصلاحية ، ومهما أخذت من وقت الناس أو أعمارهم أو صحتهم فلا أحد مسئول... ولا ترميم لما تلف ولا تعويض ... فكل شيء في زمن الفوضى متاح ... وكل ما نبت منها مشوه بغيض !
لقد كان توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية هو إيذانا من قبل الكل الفلسطيني ببدء العمل الجاد والدءوب ضد الفوضى المدمرة التي اجتاحت نسيجنا الفلسطيني بفعل الانقسام اللعين. ولكن لا زال هناك خشية لدى بعض القوى والفصائل الفلسطينية على مستقبلها فيما بعد المصالحة.
فالانقسام أبقى على الوضع السياسي الفلسطيني في مرحلة تجميد يحفظ لكل فصيل انجازاته الحزبية بعيدا عن صندوق الحساب والعقاب .... ومن هنا نشأت فوبيا الانتخابات لدى كثير من الزعامات والفصائل الفلسطينية !!!
الانتخابات الفلسطينية القادمة هي تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وإذا ما سارت بسلاسة وبنزاهة وشفافية فسيكون لنتائجها أبعاد وانعكاسات اجتماعية وسياسية على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية بشكل شامل .... وستنعكس نتائجها على الوضع المحلي والإقليمي والعالمي.
الانتخابات القادمة هي مرحلة مخاض عسير لمسيرة حمل طويل تشكلت فيه مكونات ومقومات المستقبل الفلسطيني القادم من رحم المعاناة والحصار والتدمير والحرب على كل ما هو فلسطيني .... فهي تأتي بعد فشل مسيرة طويلة من المفاوضات مع العدو ، وبعد مرحلة انقسام خطير، وبعد حرب شرسة مدمرة على غزة، وحرب استيطان مجنون قضم الضفة الغربية والقدس ، وبعد هدنة عطلت برامج القوى الممانعة والمقاومة لأجل غير محدود ........
فقد اصطدمت برامج التحرر الفلسطينية المختلفة بواقع عربي ودولي غير الحسابات وكسر الحرمات وفتح الطابوهات وغير المعادلة بشكل كبير لدى الفصائل العاملة على الساحة الفلسطينية وكذلك لدى الجمهور الفلسطيني الذي يتابع ويراقب .... وجاء دوره لكي يحاسب !!
إنه امتحان صعب ومرير على الفصائل الفلسطينية الكبيرة والصغيرة.... البعض سيدفع فيه الثمن غاليا وآخرين سيحملون حملا ثقيلا ويعملون طوال الوقت وهم تحت المجهر .
فالانتخابات القادمة مع ميلاد المصالحة ستأتي لترتق النسيج الفلسطيني الممزق... ستأتي لتعيد تشكيل التمثيل الفلسطيني وفقا لقرار فلسطيني سيمثل الربيع الفلسطيني الآتي في زمن تغيرت وتبدلت به خارطة الوضع الإقليمي بعد ربيع عربي لم تكتمل ملامحه بعد.
والربيع الفلسطيني سيبدأ بمحاسبة الذات عبر صندوق الحساب والعقاب، وستتغير موازين القوى الفصائلية على الساحة الفلسطينية، وستصعد قوى وتتهاوى قوى وترحل وجوه وتبرز وجوه .... وستشطب برامج وتفرض برامج أخرى ....!!
حقا إنه يجوز لكثير من القوى والحركات والأحزاب الفلسطينية أن تصاب بفوبيا الانتخابات وأن تحاول أن تتكتل البرامج المتشابهة، من أقصى اليمين لأقصى اليسار، لتواجه التسونامي القادم من صندوق الانتخابات ، لأن بصندوقها ربيع آت سيأتي ليؤذن عاليا : "احزموا أمتعتكم مبكرا وارحلوا يا سقط الخريف" !!!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت