استدعت وزارة الخارجية الأردنية السفير الإسرائيلي في عمان دانيل نيفو، وأبلغته رفضها لرسالة كان بعثها رئيس الكنيست الإسرائيلي رؤوفين ريفلين إلى رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري، بحسب ما أكدت مراسلات رسمية حصلت "الغد" على نسخ منها.
وكان الرسالة تضمنت، بحسب كتاب توضيحي بعثه المصري لوزارة الخارجية، "رؤى بائسة لا قيمة لها في المنظور الإنساني السليم، إلا في ذهنية المحتل لأرض وحقوق الآخرين"، وفق وصف المصري في الكتاب.
الرسالة التي لا يعرف المصري مناسبتها، كُتب في مقدمتها "من مدينة القدس المباركة، عاصمة إسرائيل، أود أن أتقدم منك، ومن زملائك أعضاء البرلمان وشعب بلدكم، بأطيب أمنياتي بحلول العام الجديد".
وخلال استدعاء وزارة الخارجية السفير الإسرائيلي، رفضت الوزارة، مضمون ومحتوى الرسالة التي أعيدت إلى السفير الإسرائيلي، مع التعليق على "المغالطات والتناقضات التي تضمنتها جملة وتفصيلا كونها لا تتفق مع الموقف الأردني".
وتضمنت الرسالة التي اطلعت عليها "الغد"، جملة من المواقف الإسرائيلية العنصرية التي تروج لمفاهيم وقناعات إسرائيلية باعتبارها حقائق يتوجب على الآخرين الإيمان بها.
المصري رفض تسلم الرسالة، وبعث بكتاب رسمي لوزير الخارجية ناصر جودة منتقدا مضمونها وتجاوزها للأعراف الدبلوماسية في المخاطبات الرسمية بين الدول، موضحا أن الرسالة تنطوي على مغالطات وادعاءات ذات صبغة سياسية محضة تنسف قناعات الأردن والمجتمع الدولي إزاء القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي وجهود السلام المبذولة في هذا المجال، بحسب كتاب المصري لوزارة الخارجية الذي حصلت "الغد" على نسخة منه.
وزارة الخارجية، وعلى لسان مدير المراسم ومستشار وزير الخارجية، أبلغت السفير الإسرائيلي رفض الوزارة لـ"طريقة إيصال رسالة مباشرة من جهة إسرائيلية إلى جهة أردنية بدون المرور بالقنوات الدبلوماسية خلافا للعرف المتبع".
وحملت الرسالة الإسرائيلية في طياتها العديد من المغالطات السياسية والتاريخية، فقد جاء في متنها، وفي باب شرح التحديات التي تواجه إسرائيل في السنوات الأخيرة، أن هناك معاداة للسامية ومحاولات لنزع الشرعية عن إسرائيل في المجتمع الدولي، إضافة إلى "هجمات إرهابية لحماس وحزب الله على المدنيين الإسرائيليين"، إلى جانب البرنامج النووي الإيراني والدعوات إلى تدمير إسرائيل؛ مرورا بـ"رفض الفلسطينيين استئناف مفاوضات السلام المباشرة"، وصولا إلى "الربيع العربي" الذي ما يزال مستقبله غير مؤكد.
كما تضمن محتوى الرسالة "الأسف" لرفض الجيران قبول إسرائيل باعتبارها دولة الشعب اليهودي، إضافة إلى محاولات إضعافها من الداخل، مع إثارة الشكوك حول ما إذا كانت إسرائيل ديمقراطية أو يجب أن تكون دولة يهودية. ويؤكد رئيس الكنيست أن إسرائيل دولة يهودية بقدر ما هي ديمقراطية؛ فلا مجال للفصل بين الأمرين أو المساومة على أي منهما.
المصري اعتبر رسالة رئيس الكنيست "تجسيدا لمنهجية الغطرسة والتباهي والعنصرية وتحريف الحقائق التاريخية لمصلحة الادعاءات الإسرائيلية".
ويواصل ريفلين إطلاق المغالطات التاريخية والسياسية، حين يقول إنه "وبرغم كل الصعوبات، فقد تحققت عودة الشعب اليهودي إلى وطنه، وإعادة بناء دولة حديثة ديمقراطية قابلة للحياة"، مضيفا أنه "وبرغم كل المشقات، فإننا نبقى متفائلين"، معيدا أسباب ذلك التفاؤل إلى "أننا ولدنا لآباء متفائلين، أسسوا الدولة في العام 1948، بعد أن كانت إسرائيل أرضاً قاحلة، تضم مستنقعات تتفشى فيها الملاريا، تحت أشعة الشمس الحارقة، وبدون أي مصادر طبيعية تقريباً ولا نفط في باطن أرضه"، مستعرضا "إنجازات أجداده" الذين شمروا عن سواعدهم، لـ"يحققوا خلال فترة قصيرة معجزة بجعل الصحراء تزهر، ووضع إسرائيل في المقدمة بين رواد ميادين العلوم، والتكنولوجيا، والطب، والابتكارات الزراعية والصناعية، والطاقة الشمسية، وتكنولوجيا "النانو"، والتكنولوجيا الحيوية".
المصري اعتبر مبادرة الكنيست "غير موفقة أبدا"، وأنها تنم عن روح عدائية لكل ما يسعى الأردن لتحقيقه من خلال مواقفه العادلة تجاه القضية الفلسطينية والالتزام بالشرعية الدولية، ولكل ما هو حق وحقيقة, كما اعتبر المصري أن الرسالة تحمل ادعاء زائفا بالعمل من أجل السلام، وفقا لهذه الروح.