مركز حقوقي: قانون منع المواطنة دوافعه سياسية وديمغرافية

 


 عبر مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية عن قلقه من تداعيات قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الأخير بشأن قانون المواطنة على مصير آلاف الأسر الفلسطينية.


 


وأكد المركز في تقرير له أن الملابسات والظروف التي أحاطت بمصادقة العليا على هذا القانون مطلع الشهر الجاري، تؤكد أن الغاية الديمغرافية وليست الأمنية هي التي تقف من ورائه، وهو ما تكشفه سلسلة ردود الفعل ومقالات الرأي التي تنشرها وسائل الإعلام الإسرائيلية منذ أن قررت "العليا" الإسرائيلية المصادقة على هذا القانون.


 


وينص القانون المصادق عليه على منع لم شمل عائلات فلسطينية داخل حدود إسرائيل في حال كان أحد الزوجين من الفلسطينيين سكان الضفة الغربية، أو من دولة "معادية" مثل: إيران، سوريا، العراق، ولبنان.


 


وكان الكنيست الإسرائيلي شرعت في العام 2003 قانونا مؤقتا يمنع حصول الفلسطينيين من الضفة الغربية المتزوجين من إسرائيليات أو العكس على الجنسية بداعي أن هؤلاء يريدون تطبيق حق العودة إلى ديارهم" عبر الباب الخلفي"، وتذرعت في حينه بادعاءات أجهزة الأمن الإسرائيلية التي زعمت تورط بعض هؤلاء الفلسطينيين بالقيام بهجمات داخل إسرائيل.


 


واعتبر المركز قرار "العليا" وهي أعلى هيئة قضائية في إسرائيل محاولة مكشوفة لإخضاع الحقوق الإنسانية والدستورية للمواطن الفلسطيني، بما في ذلك القوانين الدولية التي تحمي هذه الحقوق ل "اعتبارات أمنية وقومية"، بينما مدلولات التصريحات والمواقف الإسرائيلية من كلا الاتجاهات السياسية في إسرائيل تتحدث عن دوافع ديمغرافية، وتجسيد مقولة إسرائيل دولة الشعب اليهودي فقط.، وهو ما ألمح إليه أحد قضاة المحكمة ويدعى آشر غرونتس في تبريره لقرار "العليا" بقوله إن "حقوق الإنسان لا يجب أن تعني الانتحار القومي" محذرا من أن "إلغاء القانون سيتسبب بتدفق آلاف الفلسطينيين إلى الدولة للعيش فيها ما سيؤثر على هوية الدولة".


 


ومثل هذا الرأي عبر عنه وزير القضاء الإسرائيلي السابق دانيئيل فريدمان الذي رحب بقرار المحكمة العليا بقوله:" إلغاء هذا القانون كان سيفتح الباب أمام حق العودة الفلسطيني من خلال الزواج، ويعرض للخطر وجود دولة إسرائيل، هذا فضلا عن المخاطر الأمنية العادية التي ينطوي عليها دخول سكان الضفة وغزة إلى نطاق الخط الأخضر".


 


وفي هذا السياق أكد مركز القدس ومن خلال متابعته لما نشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية أن عملية التصويت كشفت عن تواطؤ قضاة المحكمة مع التوجهات الرسمية للحكمة الإسرائيلية، وهو ما يشير إليه فريدمان بقوله إن" تقاعد قاضية كانت تؤيد إلغاء هذا القانون ، وحلول قاض من اليمين يؤيد القانون هو الذي حسم عملية التصويت عليه".


 


يقول الكاتب الإسرائيلي بن درور في مقال له بصحيفة "معاريف" العبرية نشر عشية قرار "العليا" في الثاني عشر من كانون ثاني الجاري:" خلف الكواليس كانت دراما.في الأشهر الأخيرة، في الأسابيع الأخيرة، بل وحتى أمس، لم يكن أي شيء منته. كانوا قضاة كان رأيهم معروفا مسبقا. كانوا في الهيئة السابقة التي بحثت في التماس مشابه ورأيهم بقي كما كان. في الجولة السابقة كان أولئك هم الرئيس في حينه أهرون بار اكحيال نائب الرئيس ميشال حيشن. أما الآن فهما الرئيسة دوريت بينيش حيال النائب اليعيزر ريفلين والمرشح للرئاسة آشر غرونيس. سيمر وقت طويل إلى أن ينكشف على الملأ ماذا حصل هناك خلف الكواليس، والشائعات تدور منذ الآن. صراعات ضغوط، محاولات إقناع وينبغي القول في صالح القضاة بأنهم ينشغلون بالأرواح. هذه المرة كانت روح دولة إسرائيل".


 


ويلخص دور القضية بقوله:" يوجد الكثير من التعليلات مع وضد القانون. وهي تظهر في آلاف الصفحات. في القرارين اللذين اتخذتهما محكمة العدل العليا أم في عشرات المنشورات الأكاديمية. ولكن يخيل أن بالذات القاضي آشر غرونيس أجمل في جملة واحدة وحاسمة المبرر  للقانون" لا يوجد مثال لدولة واحدة سمحت بدخول آلاف رعايا العدو إلى أراضيها لهدف ما في وقت الحرب أو في وقت الكفاح المسلح. فما بالك أنه لا يوجد مثال بموجبه محكمة لدولة ملزمة بأن تسمح بدخول آلاف رعايا العدو إلى أراضيها".


 


وتطرق التقرير إلى المخاوف التي يثيرها قرار "العليا" بالنسبة لوجود آلاف المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل، والخشية من أن يتم إبعادهم إلى مناطق السلطة الوطنية بحجة أن القانون الجديد لا يسمح لهم بالسكن مع عائلاتهم في إسرائيل. مؤكدا الرأي القائل بأن حق الزواج من المبادئ الأساسية للديمقراطية. وأن الحقوق الدستورية المتعلقة بالحياة العائلية تشمل الحق في لم شمل العائلة.


 


وبالتالي، فالقانون كما أقرته "العليا" "يشرع عملية الطرد للفلسطينيين بحماية ما يسمى ب"القانون" وختم المحكمة..."، كما يقول الصحفي الإسرائيلي جدعون " في مقال له بصحيفة "هارتس" العبرية إن "اليد التي عارضت كانت هي اليد التي أجازت أيضا. فقد أخرت بينيش إصدار القرار إلى أن تستقيل القاضية المعارضة إييلا بروكاتشي ويحل محلها قاض يوافق على القانون".


 


ومع ذلك يجمل ليفي الموقف من عمق المأساة التي يطرحها هذا القانون حين يقول:" تعالوا نسمي الولد باسمه.ولهذا الولد إسم سيء. الحديث عن ترحيل وهو ليس فعل يد الجيش أو المستوطنين أو اليمين المتطرف، بل هو طرد يتم بحماية القانون وختم المحكمة. إن معنى قرار القضاة في القدس هو نقض عرى آلاف العائلات الإسرائيلية التي ستطرد أمهاتها أو آباؤها. يستطيع فلاديمير أن يتزوج يانا، لكن محمد لا يستطيع أن يتزوج سناء..!!!!


 



إن قرار "العليا" ليس الأول في سياق تشريع قوانين من قبل ذات المحكمة تجيز التعذيب والإبعاد، كما يقول يوسي بيلين الوزير السابق من حزب العمل:" اتخذت محكمة العدل العليا في الماضي قرارات شديدة الوقع جدا في نظري، فقد سلمت لوضع لا تطبق فيه إسرائيل ميثاق جنيف الرابع المتعلق بالسلوك في الأراضي المحتلة، ومنحت حقيقة الاستيطان في المناطق برغم موقف القانون الدولي، وأحلت زمن حكومة رابين واحدة من أكبر الحماقات التي تمت في العهد الأخير، وهي الطرد الهادئ ل 415 من نشطاء حماس إلى جبل ثلجي في لبنان، برغم أن الحديث يدور عن طرد فردي لكل واحد منهم بسبب جناياته، لا عن عقوبة جماعية تعارض القانون".


 


واستهجن مركز القدس الحملة الإسرائيلية التي اعتبرت قرار المحكمة العليا بأنه منطقي ومنصف ومتوازن، كما عبر عن ذلك أكثر من مسئول إسرائيلي من بينهم عضو الكنيست إيلي حزان، الذي عقب على قرار العليا بالقول:" حدد القرار قانونيا وبحكم الأمر الواقع بأن دولة إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، وحسمت خلال سنين طويلة في هذا الموضوع".