الى الرفاق قيادتي الجبهتين الشعبية والديمقراطية/ نافذ غنيم

 


     لسنا بحاجة لان نوضح أو نفند الضرورة الموضوعية التي تفرض على اليساريين الفلسطينيين التوحد اليوم قبل الغد، ولا للرد على بعضهم الذين يتكهنون بان وحدة اليسار ستؤدي لضعف فصيلهم !! مخالفين بذلك المنطق والتجربة الإنسانية وحتى المنهج الجدلي الذي نتبناه كأداة لفهم الواقع وتفاعلاته الاجتماعية والسياسية .


 وحدة اليسار، شعار رفعته القوى اليسارية الفلسطينية دون ان يجد تطبيقا فعليا، برغم ما أنجز على هذا الطريق بين القوى الثلاث الجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب، جهود اصطدمت بمصالح وحسابات تتعارض وانجاز هذا المشروع واقعا فعليا على الأرض.


 


    نتحدث عن وحدة شعبنا الفلسطيني ونحن غير قادرين على توحيد أنفسنا، برغم تجانسنا الفكري والسياسي والاجتماعي والتنظيمي إلى حد كبير !! نتحدث عن الديمقراطية، ونحن الذين نغتالها في الكثير من المواقف والإجراءات الداخلية، وكذلك في عرقلة جهودنا المشتركة من اجل تشكيل أوسع تحالف جبهوي قادر على صيانة المشروع الديمقراطي برمته، وتعزيزه في حياة ومؤسسات المجتمع الفلسطيني، مشروع قادر على الدفاع عن حقوق الفئات المظلومة والمهمشة داخل مجتمعنا!! نلوم على الآخرين بسبب فكرهم الذي نصفه بالمنغلق والفئوي وأحيانا بالظلامي، ونحن لم نفعل شيئا ذي وزن لمواجهتهم كقوة حقيقية موحدة يحسب حسابها، وقادرة لان تترك بصماتها في كافة مجالات الحياة !!


 


   الم يعد كافيا ما يجري حولنا عربيا، وما وصلت اليه أوضاعنا الداخلية من كوارث، كي تحركنا مبادئنا وأخلاقنا وضمائرنا حتى مصالحنا المشتركة باتجاه تحطيم صنمية التفكير، وعبادة الفرد، وان نتواضع قليلا بعيدا عن الغرور الكاذب والعنجهية الفارغة؟ الم نفكر للحظة بان المس بنا أفرادا وجماعات بات قريبا أمام تنامي مد الإسلام السياسي باتجاهاته الفكرية المتعددة في المنطقة، وكذلك نمو نزعة التطرف واغتيال القيم الديمقراطية وكذلك وسائلها ؟ ألا يجب التوقف وقراءة دلالات وأبعاد دعوة الأخ إسماعيل هنية للوحدة الاندماجية بين حركته وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في هذه المرحلة المفصلية ؟


 


   أمام العديد من التطورات والتي ليس أخرها الاعتداء على الرفيق المناضل محمود أبو رحمة  الناشط الحقوقي وصاحب الرأي والموقف، وأمام قناعتنا المشتركة بان هناك ثقافة وأيدلوجيا تسعى لفرض مفاهيمها على واقعنا، من اجل لون واحد واتجاه بعينه، مستخدمة بذلك كل الأساليب عبر مؤسساتها الرسمية والأهلية، وأحيانا من وراء اللثام سواء كان ذلك بتخطيط أو بمبادرات فردية، فهي في النهاية حصيلة ما وصل له مجتمعنا في هذا الزمن الأغبر، أمام ذلك وغيره، هل من المعقول ان نكتفي بالقليل من الفعل وبالتصريحات الإعلامية، لنقول بأننا فعلنا ما بوسعنا، وكفى الله المؤمنين شر القتال ؟!  


 


لنعلم جميعا ان ما نستطيع فعله بتضحيات بسيطة اليوم، سنُجبر عليه غدا بتضحيات لا نعرف مداها، أو أن ننزوي في دهاليز الجبن تماهيا مع واقع رديء، حينها سنفقد ليس مبادئنا فحسب، وإنما إنسانيتنا وكرامتنا .


أمام ذلك نحن كيسار لسنا معفيين من تحمل المسئولية عن ما وصلت إليه أوضاعنا الداخلية، فالآخرون يمارسون قناعاتهم ويدافعون عن مصالحهم، وهذا حقهم، وإن كنا نختلف معهم أو نجرم بعض أساليبهم، أما نحن فماذا فاعلون ؟؟ كلام .. تنظير .. مزايدات ، وادعاءات غير واقعية لتسكين قواعدنا وكوادرنا الوسطية،، وفي النهاية نقول بأننا حماة اليسار، والمدافعين عن الديمقراطية وحقوق المظلومين !!!


 


مرة أخرى أقول وأزيد على ما قلته في مقال سابق، ان أداة الفعل الحقيقي لمواجهة ما نحن عليه يتمثل في تشكيل أوسع ائتلاف ديمقراطي عصبه الأساسي قوى اليسار المنظمة، ليتحول إلى قوة جذب وتأثير واسع في كافة مناحي حياتنا الفلسطينية، وليحسب له حسابا من قبل اؤلئك الذين يستهدفون أفراد وقوى اليسار، ويحاولون تصفية مشروعهم الديمقراطي والاجتماعي .  اخشي أننا بحاجة اليوم لإعادة فحص من هو يساري بحق، فاليساري الصادق هو من يقرن قوله بالفعل، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالمشروع وبالمثل والقيم التي وجد من اجلها اليسار، فعندما يُرفع شعار وحدة اليسار، عل كل اليساريين المؤمنين بذلك الاستبسال من اجل إنجاح مشروع وحدتهم، باعتبار ذلك مصدر لقوتهم، وشرط بقائهم كقوة فعل حقيقية على الأرض .


 


    تعمدت خلال مقالي هذا استخدام عبارات تجمعنا كافة كقوى يسارية فلسطينية، لكي أقول بأننا جميعا نتحمل مسئولية هذا التخلف في الأداء لتحقيق وحدتنا، ومرة أخري كي أكون منصفا وموضوعيا، أقول بان حزب الشعب الفلسطيني قد أعطى موقفا حاسما ومبدئي وعملي من اجل تشكيل جبهة اليسار الموحد، مستندا بذلك لما تم التوصل له من تفاهمات في جولات الحوار بين قيادة الثلاث فصائل .. فان كان هذا هو موقف حزب الشعب الذي لا يمكن ان يدحضه احد او ينكره، هل للرفاق في قيادتي الجبهتين الشعبية والديمقراطية ان يكشفوا للجمهور الفلسطيني وبخاصة لليساريين والديمقراطيين في بلادنا عن سبب تلكؤهم في اتخاذ موقف حاسم وقاطع وعملي تجاه وحدة اليسار كما هو موقف حزب الشعب ؟ أما إن كانوا على عكس ذلك فليعلنوا بأنهم جاهزون لاتخاذ خطوات فعلية تطبيقا لما اتفق عليه.. دعونا نفتح نقاش علني حول ذلك، ففي النقاش تأكيد للمواقف، وفي الشفافية مزيدا من المسئولية أمام الجمهور الذي ندافع عنه وعن كافة قضاياه .


 


ان حزب الشعب الفلسطيني وهو يسعى الآن لفتح مسارات أخرى من اجل إحداث اختراقات عملية على طريق وحدة كافة القوى الديمقراطية بوجهتها اليسارية، فهو من جديد يؤكد عمليا على صدق نواياه من اجل التقدم على طريق تحقيق هذا المشروع الهام دفاعا عن المشروع الديمقراطي والاجتماعي التقدمي الذي بات مهددا أكثر من ذي قبل .


 


كل الاحترام والتقدير والدعم لمبادرة شبيبة اليسار بقطاع غزة في حملة الوفاء للشهداء التي سيطلقونها في الأول من شباط القادم، تحت شعار من اجل إنهاء الانقسام ولأجل تنفيذ المصالحة، هي أيضا و بالتأكيد صرخة من اجل وحدة اليسار لمن يريد أن يفهم .


                                                                                          23/1/2012م



  • عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت