المصالحة توازن بين قوتين/د. طلال الشريف

بقلم: طلال الشريف

علينا الكوفية علينا، جمهرنا أم الجماهير جمهرنا، ياغافل وحد الله، لا مصالحة في فلسطين مع اهتزاز التوازن الحقيقي بين قوتين وبين حزبين،رغم أن هناك سحقا للآخر على الطرفين، وشلومو الحامي الأمين للانقسام يتفرج.


 


لماذا تتقدم حماس في المصالحة الصورية مادام لا أحد يشكل خطرا عليها، أو تنافسا معها في غزة الجالسة على  جميع أنواع الخوازيق الاجتماعية المدمرة، حتى أن القصف الإسرائيلي منذ زمن لم يعد موحدا لعواطف الناس في بلاد يفترض فطريا أن يوحدها الاحتلال واعتداءته.


 


هناك من أمعن في بث سمومه في هذا البلد بجهل، أو بذكاء إجرامي، حتى تبعه آخرون بجهلهم فيما يبثوه من فرقة لشعب بات حاقدا على بعضه بطريقة عمياء تأكل مفاصل الوحدة المجتمعية، هؤلاء المجرمون بدأوا مبكرا التفريق بين لاجيء ومواطن، ضفاوي وغزاوي، عائد ومقيم، كافر ومؤمن، خائن ووطني، عرفاتي ودحلاني وعباسي، ولعل الحلقة الأكثر اجراما التي احتوت كل المفاصل وتناقضاتها هي فتحاوي وحمساوي حتى انقسم الوطن قبل تحريره.


 


والآن الجميع بفتح فاه فاغرا ببلادة البسطاء النادمين  على حالهم وخسائرهم وأولادهم وبيوتهم وضعف قضيتهم وهم كثر، أو بلؤم عيون الذئاب الممعنين في التخريب بآفاقهم الضيقة التي لا تتمنى خيرا لهذا الشعب المغلوب على أمره والذي لن يكون خلاصه إلا جماعيا، ومن يفهم غير ذلك فهو واهم وستحرقه نار أعماله وهو غير مدرك لحقائق التاريخ بأن الشعب في النهاية سينتصر على كل المفرقين المجرمين بين الناس على أية قاعدة عملوا بها.


 


القضايا والمشاكل العامة في بلدنا جميعها متشابكة،  فمن أراد، أو تصور أنه يكسب قضية، فهو بالمؤكد سيخسر في القضايا والمشاكل الآخرى. وما صعوبة انفاذ المصالحة إلا هو هذا التشابك الخطير في كل المشاكل، وهي خصوصية فريدة لمجتمعنا وحالنا الفلسطيني المعقد.


 


الحزبان المتناحران، وكل شعبنا، بالتأكيد، يواجهون لأول مرة في تاريخنا مثل هذه الدايلما وهي قضية الانقسام، والأنكى من تلك  الدايلما، هو كيفية حلها، حيث تتداخل فيها كل العوامل والحيثيات والمتناقضات ، ولأننا مخزن كبير يطفح بالمشاكل فإنه عند التقدم لحل مشكلة ما، تقفز في وجوهنا كل ما في المخزن من مشاكل التي عمقها المجرمون.


 


ولأن الحالة هكذا، فإن فردا واحدا أيا كان من المواطنين أو ممن يسمون أنفسهم قادة يمكن له تخريب كل خطوة تخرج مجتمعنا من دوامة الانقسام ويجد له من يؤيده لأن المجتمع كله مأزوم، وهذا التخريب قابل للحدوث نظرا  لتشابك هذه المشاكل، ولصفاتها الطارئة كلها، وهكذا تتعقد مشاكلنا.


 


وما رأيك عندما يختل التوازن وتتشرذم قوة أحد الجزبين المتناحرين "فتح" وتفقد جزء من قادتها الأقوياء ومناصريهم، دحلان، الطيراوي،المشهراوي،نبيل عمرو،هاني الحسن،وقيادات مناطق وأقاليم،ومهنيين وخبراء وعسكريين متقاعدين مبكرا، والحبل عالجرار،  فلماذا توافق حماس حتى لو هم مدركون بما يحدث من اضعاف لفتح من أهلها.


 


وأخطأ عباس وحماس في طريقة الحل بالهروب الى الأمام، وأبسط مثال على ذلك أن اتفقوا على استعاد فريقا من أصحاب العلاقة المباشرة في الحل، وما فعله الرئيس عباس من الاتفاق مع حماس غزة ومن ضمنهم أصحاب المشكلة من الطرف الحمساوي، واستبعد فريق فتح غزة الذين من ضمنهم أصحاب المشكلة،  رغم أن الرئيس على رأسهم   في تحمل المسئولية، ولكن لخلافه مع دحلان أراد أن يبرئ نفسه وحماس من المسؤولية بهكذا حلول بهلوانية تعقد المشكلة وتبقيها بدل حلها. 


 


مثل هذه القفزات في الهواء لا تنفع في حل وضع متشابك كما في غزة،فإما أن يتحمل الجميع مسئولياتهم ويقدمون للمحاكمات كل حسب جرمه وعلى رأسهم الرئيس ورئيس الوزراء، وإما أن تبحثوا عن حل حقيقي ينهي المشكلة  بالعفو العام عن الجميع، وتبدأون نادمين ومعتذرين للشعب عما فعلتموه به، ومن ثم تتقدمون من جديد لصندوق الانتخابات لكي يمنحكم الجمهور ثقته اذا أراد حينها، هذا هو الحل الصحيح، وأما ماتفعلونه وتحاولون الهروب به إلى الأمام فهو مكروه وباطل وستفجره الأيام في وجوهكم جميعا وتظلمون حالكم وحال مجتمعكم.


 


صدقوني كلكم تعرفون الحقيقة، ولكنكم تهربون من تحمل المسئولية، ولذلك لن تمر هكذا حلول تتصورونها وتهربون  منها لملاعب دولية واقليمية أخرى للعمل بها للتمويه وفرض أمر واقع على شعبنا، والمشكلة هنا في داخلنا، ولهذا لا أتصور أن تحدث مصالحة لأن القلق من الحل الخطأ يحتاج معجزات وكم كبير من الكذب على الناس ولن تنجحوا، أما الحل الصحيح فلن يأخذ  من شعبنا في الخيارين خمس دقائق، فإما محاكمة جميع المتورطين كل حسب دوره أو عفو عام، ومنها نذهب لقضيتنا مع المحتل والاقليم والعالم.


 


ملاحظة : فقدان التوازن بين فريقين متحاربين لا يؤدي الى حلول بينهما.


 


ملاحطة : هل الرئيس مقتنع بأن دحلان هو عدوه وعدو عائلته الحقيقي كما زينوا له؟  أنا في اعتقادي أن عباس لن يجد له سندا حقيقيا الآن وفي حالة تقاعده إلا دحلان، وسنرى ما سيفعله المطبلين في اللجنة المركزية وفي حماس به وبأسرته حين تقاعده، لأن الطرفين خونوه وكروزوه سابقا، وهم لا يحبونه فكيف يصدقهم، وما أقوله ليس تحريضا، ولا تواطؤا أو تحيزا لطرف على حساب طرف، وانما ما سمعناه وواكبناه جميعا من حماس واللجنة المركزية العتيدة ما عدا دحلان.


 


ملاحظة: هل اعفاء الطيراوي من مهامه هو  مقدمة لفصله أيضا من اللجنة المركزية وهكذا يتضح سيناريو تسليم السلطة لحماس.


 


ملاحظة :  بقي عضو آخر في اللجنة المركزية ليصبح المدافعين عن حق العودة في الباي باي في فتح، مع العلم أن الرئيس يكره قرار 194. 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت