الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية لإنشاء ميناء بحري دولي في قطاع غزة/د. ماهر تيسير الطباع

إن إنشاء ميناء بحري دولي في قطاع غزة يعتبر من أهم المشروعات الإستراتيجية التي كانت مطروحة خلال العشر سنوات السابقة وصدر مرسوم رئاسي بشأن إنشاء ميناء غزة البحري بتاريخ 30/4/2000 , و تم اختيار المكان الخاص بالميناء و أجريت العديد من الدراسات حول مشروع  إنشاء الميناء , و تم وضع حجر الأساس في الموقع لبناء الميناء من قبل الرئيس الراحل ياسر عرفات والرئيس الفرنسي جاك شيراك أثناء زيارته لقطاع غزة.


 


و مع بداية انتفاضة الأقصى في سبتمبر عام 2000 و ما تبعها من أحداث وتوتر للأوضاع السياسية ، منعت إسرائيل السلطة الوطنية الفلسطينية من البدء في تنفيذ المشروع , و بتاريخ 19/7/2005 صدر قرار من مجلس الوزراء الفلسطيني بتثبيت موقع ميناء غزة البحري في جنوب منطقة الشيخ عجلين , و تكليف الوزارات ذات العلاقة بالمتابعة مع الدول المانحة لتأمين التمويل اللازم لإنشاء الميناء و الذي بلغ في حينه 88.5 مليون دولار.


و يعتبر مشروع إنشاء الميناء إنجاز كبير على الصعيدين السياسي و الاقتصادي حيث أنه سوف يجسد الحقوق الفلسطينية في المياه الإقليمية و يساهم في دفع عجلة التنمية في قطاع غزة , هذا بالإضافة إلى أثره الايجابي على الاقتصاد الفلسطيني  وذلك بالمساهمة في زيادة الحركة التجارية بين فلسطين و دول العالم المختلفة و ربط الاقتصاد المحلي بالاقتصاد العالمي و مساهمته في تنمية الصادرات و الصناعات المحلية و الخدمات التجارية , و زيادة الناتج المحلى الإجمالي و رفع مستوى الدخل و خلق فرص عمل دائمة سوف تساهم في حل مشكلة البطالة المرتفعة في قطاع غزة , كما أنة سوف يساهم بفك تبعية الاقتصاد الفلسطيني عن الاقتصاد الإسرائيلي للوصول إلى اقتصاد فلسطيني حر قادر على التطور و النمو.


 


كما أن إنشاء ميناء ذات سيادة فلسطينية مستقلة دون أي تدخل للجانب الإسرائيلي سوف يساهم بحل 90% من إشكاليات المعابر الخاصة بقطاع غزة حيث أن جميع البضائع المستوردة سوف تأتي مباشرة إلي قطاع غزة كما أن تصدير المنتجات الصناعية و الزراعية للعالم الخارجي سوف يكون بحرية دون تدخل الجانب الإسرائيلي الذي يمنع التصدير الصناعي و الزراعي من قطاع غزة منذ أكثر من خمس سنوات.


 


 


و عاني الاقتصاد الفلسطيني وتأثر بشكل كبير نتيجة عدم تحكم السلطة الوطنية الفلسطينية بالمعابر التجارية الخاصة بقطاع غزة و أدي عدم وجود ميناء إلى استخدام الموانئ الإسرائيلية مما ساهم في عرقلة الحركة التجارية و التسبب بخسائر فادحة للمستوردين نتيجة حجز بضائعهم في الموانئ الإسرائيلية ودفع أجرة التخزين والأرضيات والرسوم , أضف إلى ذلك إتلاف ومنع دخول العديد من البضائع الخاصة بمستوردين فلسطينيين تحت ذرائع وهمية , و ما زالت إسرائيل تفرض قيود كبيرة على واردات السلع إلي قطاع غزة فهي تمنع دخول كافة أنواع مواد البناء و تفرض قيود على دخول الماكينات الصناعية و المعدات الثقيلة وشاحنات النقل التجاري, و آليات البنية التحتية و تتحكم بنوع و كمية البضاعة الواردة.


 


و بعد التهديدات الإسرائيلية المتكررة بفك الارتباط مع قطاع غزة , وتكرار الحكومة الإسرائيلية في حجز الأموال الخاصة بعوائد الجمارك و الضرائب و التي تبلغ قيمتها الشهرية ما يزيد عن 100 مليون دولار تساهم بشكل أساسي في موازنة السلطة , و إغلاق كافة المعابر التجارية مع قطاع غزة و إبقاء معبر كرم أبو سالم كمعبر وحيد , أصبح من الضروري العمل الجاد على إحياء مشروع إنشاء ميناء غزة البحري تحت إشراف و حماية دولية و اعتباره من الأولويات الفلسطينية , مما سوف يساهم في تخلص السلطة الوطنية الفلسطينية من ابتزاز الجانب الإسرائيلي المستمر في حجز أموال الضرائب و التحكم في فتح و إغلاق المعابر.


 بقلم د. ماهر تيسير الطباع


خبير و محلل اقتصادي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت