تمر الذكرى الرابعة لرحيل القائد الثوري المناضل الكبير جورج حبش الذي أدرك منذ بداية مسيرة النضال الذي خاضها أهمية الرؤية القومية والتي جسدها بقوله بان طريق فلسطين هي طريق تحرير الأرض العربية المستعمرة ، والتي لا بد ان تكون للشعوب العربية الدور الفعلي والعملي فيها ، كما هي بحاجة إلى تضامن وتنسيق عربي يؤدي لتحشيد قوتهم من أجل استعادة فلسطين ودحر المشروع الصهيوني في المنطقة.
كان القائد الشهيد حكيم الثورة من اكبر الحالمين بالثورات العربية ، وكان ذا نظرة ثاقبة نحو المعضلات الكبيرة التي تعترض المشروع القومي ، ظهر هذا في معظم تحليلاته النظرية والفكرية لجملة عناوين كبرى من بينها أزمة العمل العربي في ظل أنظمة التبعية، وأزمة حركة التحرر العربية، وأزمة اليسار الذي تحول إليه الحكيم دون أن يقطع مع جذوره القومية الأصيلة، ودون أن يكون انحيازه للفقراء وطبقة العمال والفلاحين على حساب حلمه الكبير بزوال الحدود بين الدول العربية ووضع نهاية ل"سايكس- بيكو" تمهيداً لتحرير فلسطين وغيرها من الأرض العربية التي تمت سرقتها من دول الجوار غداة الحرب العالمية الأولى والثانية.
قاتل جورج حبش على عدة جبهات وعمل بإخلاص قل نظيره من أجل استعادة تاريخ مجيد للعرب يتيح لهذه الأمة مكاناً محترماً بين الأمم الأخرى ويمنح أجيالنا القادمة أملاً في رؤية وطنهم الكبير قوياً وحراً يحقق لهم الحرية والكرامة والعدالة والاجتماعية ، وخصوصاً في فلسطين فارساً للكلمة الشجاعة والموقف الراديكالي المقبول جماهيرياً والضامن لمسيرة ظافرة نحو دحر المشروع الامبريالي الصهيوني سواء ما تعلق منه بفلسطين أو بمستقبل الأمة واستعادة وحدتها.
ومنذ البدايات ربط المصير الفلسطيني بالمصير العربي ، والنضال الوطني بالنضال القومي ، فقضيه فلسطين هي قضية عربية وجوهر الصراع العربي ، ولا حل للقضية الفلسطينية إلا في أطار حل عربي ولا انتصار للقضية الا بانتصار عربي.
وشكلت هزيمة حزيران 67 عند حكيم الثورة هزيمة للنظم وبرامجها ولا تنتقص من قدرة الأمة العربية على النهوض والانتصار ،وبالتالي رأى ان الشعب الفلسطيني من خلال نضاله وثورته سيحقق ملامح التغيير فكانت انتفاضة الحجر والمقلاع عام 1987 التي وضعت الاحتلال في مأزق كبير ، فكان القائد الحكيم يقول ، لا شيء يعلو على صوت الإنتفاضة " ، و الأمر نفسه كان في انتصار المقاومة اللبنانية عامي 2000 و2006 ، وبالتأكيد كان يمكن أن يرى في انتفاضات وثوارت الشعوب العربية مصداقاً لثقته بالشعوب ورهانه على الأمة.
ونحن اليوم في ذكرى الحكيم نرى ما يتعرض له شعبنا من هجمة عدوانية صهيونية متواصلة ضد الشجر والحجر والبشر وبدعم أمريكي واضح للكيان الصهيوني ، بينما ما يسمى بمسار المفاوضات وصل إلى طريق مسدود ، في حين يرى البعض ان لا حل للقضية الفلسطينية إلا بالمفاوضات ، بدلا من الاستمرار في النضال بكافة أشكالها طريقا لإعادة موازين القوى والاستمرار في الجهود الدبلوماسية بعد الانتصار الذي تحقق في اليونسكو من اجل عقد مؤتمر دولي خاص بالقضية الفلسطينية من اجل ترجمة قرارات الشرعية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وبإقرار حقوق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .
وفي هذه اللحظات نؤكد ان افتقدنا برحيل حكيم الثورة والقادة العظام الرئيس الشهيد ياسر عرفات وفارس فلسطين ابو العباس والقادة ابو علي مصطفى وطلعت يعقوب وعبد الرحيم احمد والشيخ الجليل احمد ياسين وفتحي الشقاقي وابو احمد حلب وسمير غوشه وابو عدنان قيس وفضل شرورو وابوماهر اليماني وعبدالله حوارني واليوم بهجت ابو غربية مشاعل اضاءت لنا الطريق وشكل رحليهم خسارة فادحة للنضال الوطني التحرري الفلسطيني .
في الذكرى الرابعة لرحيل الحكيم ما أحوجنا اليوم إلى التمسك بالمشروع الوطني والعمل من اجل انهاء الانقسام الداخلي ووقف المفاوضات العبثية وتكريس الهوية الوطنية وتوحيد إرادة الشعب والعمل على تطوير وتفعيل م . ت . ف ومؤسساتها .
وغني عن القول ونحن نرى اليوم ما يجري في منطقتنا بعد محاولة تغيير واجهة الثورات العربية ومحاولة السطو عليها نؤكد ان الشعوب ما زالت تعرف كيف تقود مرحلة الصراع ، وهذا يتطلب ان نميز بين قوى الإسلام السياسي ، لان هناك إسلام سياسي يتصادم مع الامبريالية وإسرائيل وبين " إسلام رجعي " معتبراً الإيمان مسألة ضميريه شخصية ، وإن كان علمانيا يسعى لدوله تصنعها السلطات .
ختاما : لقد أصبحت مسيره الحكيم مرشدة لمن يدافع عن هويته الوطنية في إطار هويته القومية ، ولمن ينتمي لهويته الفكرية اليسارية المستندة لهويته الثقافية التاريخية، ونقول له نم أيها الرفيق العزيز قرير العين سيبقى الشعب الفلسطيني ومعه كل الشعوب العربية وأحرار العالم ، مؤمنون بمسيرة الشهداء والنضال حتى تحقيق أهداف الشعوب في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وشعبنا في الحرية والاستقلال والعودة .
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت