ضبابية الانتخابات/د. أسامة الفرا

بقلم: أسامه الفرا

حواديت ...


ضبابية الانتخابات


هل من الممكن إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني في أيار المقبل؟ الإجابة على هذا التساؤل تقع ضمن حيز التخمين، ولا يوجد من الأدلة الملموسة ما يؤكد على إمكانية فعل ذلك، فمن جانبها لجنة الانتخابات المركزية تشكك في مقدرتها على إتمام التحضيرات والإجراءات المتعلقة بالانتخابات في أيار المقبل، والأمر لا يتعلق فقط بمقدرتها على تنفيذ الخطوات المتعلقة بالعملية الانتخابية، بدءاً من تحديث سجل الناخبين وانتهاءاً بيوم الاقتراع، بل أن هنالك متطلبات لا بد من اتخاذها كي تتمكن اللجنة من أداء عملها، وبعيدا عن المهام المطلوب تنفيذها من قبل لجنة الانتخابات المركزية، وإن كان الوقت يسعفها في ذلك أم لا، فالأهم من ذلك توفير الأسس الموضوعية للانتخابات والتي تتعلق بالتالي:


 


أولاً : إصدار مرسوم رئاسي يحدد موعد الانتخابات، ويجب أن يسبق موعد الانتخابات بثلاثة شهور حسب ما جاء في القانون الأساسي.


 


ثانياً : النظام الانتخابي: حتى هذا اللحظة لم يتم حسم موضوع النظام الانتخابي، وإن كانت الورقة المصرية قد تضمنت إجراء الانتخابات التشريعية طبقاً لنظام القوائم النسبية بما نسبته "75%" والباقي "25%" طبقاً لنظام الدوائر، إلا أن العديد من الفصائل الفلسطينية في لقاء القاهرة الأخير أعادت طرح موضوع النظام الانتخابي مطالبة بأن يكون بالنظام النسبي الكامل أسوة بما تم الاتفاق عليه فيما يتعلق بانتخابات المجلس الوطني، وكما هو معمول به في انتخابات الهيئات المحلية، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن تعديل النظام الانتخابي يتطلب موافقة المجلس التشريعي على ذلك، بما يتضمن كذلك من تحديد نسبة الحسم.


 


ثالثاً : تم التوافق على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمتعلقة بالمجلس الوطني في أراضي السلطة الوطنية بالتزامن، وخلال لقاء عمان الأخير للجنة القيادية المؤقتة تم التداول حول النظام الانتخابي للمجلس الوطني، وجرى الحديث حول فصل انتخابات المجلس التشريعي عن المجلس الوطني في أراضي السلطة الفلسطينية وإن كانت بالتزامن، دون أن يتم الاتفاق حول العلاقة الانتخابية للمجلس التشريعي بالمجلس الوطني، حيث تبلورت وجهتي نظر، الأولى تنطلق في رؤيتها من أن أعضاء المجلس التشريعي المنتخب هم أعضاء في المجلس الوطني، وهذا يتنافي مع ما تم الاتفاق عليه حول النظام النسبي الكامل لانتخابات المجلس الوطني، حيث أن النظام الانتخابي للمجلس التشريعي يجمع بين النسبي والدوائر، هذا من جانب ومن جانب آخر هل سيتم الاكتفاء بأعضاء المجلس التشريعي كممثلين عن الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس في المجلس الوطني، 132 من أصل 350 عدد أعضاء المجلس الوطني كما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الأخير، أم سيتم إكمال ذلك عبر صندوق انتخابي آخر، أما وجهة النظر الأخرى تتبنى الفصل بين عضوية المجلس التشريعي وعضوية المجلس الوطني، وهذا سيدخلنا في جدل العلاقة بين المجلسين وصلاحية كل منهما، يضاف إلى ذلك هل لجنة الانتخابات المركزية سيوكل لها مهام التنظيم والإشراف على انتخابات المجلس الوطني في الداخل والخارج حيث أمكن ذلك؟.


 


رابعاً : المصالحة والأجواء المطلوب توفيرها للعملية الانتخابية، فإن كان تسليم مقر لجنة الانتخابات المركزية في قطاع غزة قد شهد كل هذا الجدل، فهل ستمتلك اللجنة الحرية والاستقلالية الكاملة في عملها خلال المراحل المختلفة للعملية الانتخابية؟، وهل الأجواء أيضاً تسمح بحرية الرأي والتعبير والعمل الحزبي المطلوب في التحضير للانتخابات؟.


 


خامساً: أن الحديث عن انتخابات في ظل حكومتين هو ضرب من الخيال، والانتخابات تحت سياط الأجهزة الأمنية تفرغها من مضمونها، وبالتالي كي يكون الحديث عن الانتخابات منطقيا لا بد من تشكيل حكومة فلسطينية تتولى مهامها في حماية العملية الديمقراطية وتوفير مقومات نجاحها.


 


سادساً : مجموعة التساؤلات السابقة تتعلق بالجانب الفلسطيني، ولكن هنالك أيضاً الاحتلال، وموضوع القدس كان حاضراً في الانتخابات السابقة، ولطالما لوحت حكومة الاحتلال بعدم السماح لقاطني القدس من المشاركة في الانتخابات، ومن المؤكد أن جميع أطياف العمل السياسي الفلسطيني تجمع على أن لا انتخابات بدون القدس، وبالتالي قد يضاف هذا العامل لجملة العوامل التي بحاجة لإيضاح قبل الحديث بجدية عن تحديد موعد الانتخابات، وبالتالي قد تحتاج الانتخابات لخطوات عملية تسبق عمل لجنة الانتخابات المركزية كي نزيل الضبابية المرافقة لها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت