المراحل السابقة منذ مؤتمر مدريد وحتى الآن كانت مراحل مفاوضات، وكانت منجزات تلك الحقبة وقوعنا في الفخ أولا ً وثانيا ً وثالثا ً ورابعا ً حتى تكسرت عظامنا في قاعات الاجتماعات وعلى المعابر والمحاسيم !!
وانتهى بنا الأمر إلى أن ذهبنا إلى الأمم المتحدة نبكي و ونتشغنف بلا حول ولا طول فسمع الكل نحيبنا، ولكن حُنَين لم يكن هناك ليعطينا خُفيه لنرجع بهما، فرجعنا وليس معنا ولا حتى خفي حنين!!.
أنوفنا تطاول السماء ونهز أكتافنا مع أكتاف الملوك والرؤساء ونتأرجح على البُسط الحمراء، ونظهر في الفضائيات وعلى رأسنا الرئيس المنتهية ولايته، وكذلك رئيس الوزراء المخلوع ورئيس الوزراء المؤقت منذ المخلوع.
أما حوارات المصالحة فحدث ولا حرج... لقد استأجرنا فندقا ً في "بيزنطة" لتكون حواراتنا بيزنطية, الشيء الوحيد منذ 1993م وحتى الآن الذي فلحنا فيه يمكن تلخيصه فيما يلي:-
1. حشو جيوب أصحاب السلطات ومن لف لفهم.
2. إفراغ جيوب الشعب وافقاره وتحويله إلى شعب عشوائي, أفكاره عشوائية وبيوته عشوائية ومعدته لا تجد العشاء!!
3. نمو عدد الفصائل وتناسخها المستمر على الطريق إلى الوحدة الوطنية!
4. زيادة عدد المستوطنات على أرض الضفة حتى كاد أن يصبح لكل صهيوني مستوطنته الخاصة!!
5. زاد طين الثورة بله ثم جفاف ثم بله ثم جفاف حتى تحولت كل المبادئ والآمال والقيم إلى غبار يتطاير في الهواء العفن!!.
6. غزة كانت سجنا ً كبيرا ً كما اشتهرت ثم تحولت إلى زنزانة فيها من كل الثمرات إلا ثمرة الحرية.
7. أتحدى أي ساكن في الضفة أن يكون عارفا ً بماله من حدود وأرض، أو بما عليه من مذلة وضياع، وأخص بالتحدي رجال السلطة.
وهكذا وصلنا ومنذ خمس جلسات إلى مرحلة الاستكشاف لاحتمالات الرجوع إلى المفاوضات، فمتى ستنتهى مرحلة الاستكشاف الميمونة التي تجري في عمان!!!؟
لتبدأ مرحلة المفاوضات للعشرين سنه القادمة؟!! وإلا فنحن سندخل في حالة النضال الكامل الشامل على طريقة حماس أو على طريقة عباس أم على طريقة أبو نواس؟!!
دلونا هداكم الله فقد فرغت جعبتنا من الأوصاف والسهام وتحطمت أقلامنا وتقطعت ألسنتنا عن الكلام الزؤام.
صار الفلسطينيون محبوسون بين الجدران العالية التي وضعتها إسرائيل، وجدران النسيان والتآمر الدولي، وجدران الإهمال العربي، وجدران الخذلان الإسلامي.
أما أقسى وأعلى الجدران والأكثر إيلاما ً فهي جدران التفتت الفلسطيني والتخاصم الفصائلي في الضفة والقطاع وفي المعسكرات المتعوسة في لبنان وغير لبنان وحتى على مستوى الجاليات الفلسطينية في أمريكا وكندا والبرازيل إلى أستراليا ونيوزيلندا إلى أوروبا وروسيا وتركيا!!.
وأخر ما كنا نتوقع أن يطلع علينا مرشح الانتخابات الرئاسية الأمريكية "نيوت غينغرتش" ليقول لنا وللعالم أننا شعب مُختلق مُفتعل... بدعة إرهابيه يتوجب القضاء عليه وليس إعطاءه أية حقوق في أرض الميعاد.
لم يكن غينغرتش يقول هذا قبل ترشحه بل على العكس كان متعاطفا ً مع هذا الشعب "المُختلق" إلى أن توجه إليه شخص صهيوني من أصدقاء نتنياهو وهو "شيلدون أدلسون" ووعده بالدعم المادي والمعنوي في حملته الانتخابية.
ونود أن نعرف ما الفرق بين بيع قضيتنا على يد زعماء العرب والفصائل في سبيل الكسب السياسي والمالي وبين هذا "الغينغرتش" ؟!! هو يبيعنا وينكر وجودنا من أجل الكرسي وهم كذلك يفعلون !!!.
الربيع العربي بدأ يجف والشعور العربي العروبي مازال يخف، والاكتراث الاسلامي مرهون عند "مدرسة التعتير" التي ينغرس فيها.
ونحن في مكانك "قف" وزعماء الفصائل جفونهم لا ترف وعيونهم متسمرة على الكراسي والحسابات البنكية، والشعب لا يزال ينتظر الحصى في الطناجر أن تنضج، طنجرة المصالحة الفلسطينية، وطنجرة المبادرة العربية، وطنجرة الرباعية الدولية، وطنجرة الصهاينة وبلير، وطنجرة الربيع العربي، وطنجرة أخيرة حديثة لها على النار خمس جلسات فقط فانتظروها إنها طنجرة الطناجر... طنجرة "مرحلة الاستكشاف"!!!
سعيد المسحال
30/1/2012
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت