لا للتفاوض.....نعم للتصالح والوحدة !!!/ آمال أبو خديجة

بقلم: آمال أبو خديجة

تبرر وزيرة خارجية أمريكا أن إعطاء فرصة من الوقت للراحة والتفكير لطرفي التفاوض الفلسطيني والإسرائيلي مفيد وجيد لإعادة العودة للنقاش والحوار وتبادل وجهات النظر حول صناعة السلام، في الوقت الذي تعلن فيه حكومة فرنسا عن تعنت الكيان الصهيوني ووضع العراقيل أمام عملية التفاوض والوصول للحل النهائي المزعوم والاستفزاز من خلال زيادة الاستيطان في أراضي الضفة الغربية .


 


في المقابل يُعرض الجانب الصهيوني مخططة لإقامة الدولة الفلسطينية إلى جوار كيانه بعدة مقترحات تتماشى مع المصلحة الصهيونية المطلقة للحفاظ على أمنها وسيادتها للمنطقة والسيطرة على الحدود، حيث قدمت مقترحات لبقاء السيطرة والهيمنة الكاملة على مدينة القدس الشرقية والغربية، وإبقاء التجمعات الاستيطانية في الضفة وتبادلها مع بعض الأراضي في غور الأردن ، والحفاظ على وجود أمني في منطقة غور الأردن، وجعل الجدار الفاصل الحدود الغربية لدولة الكيان الصهيوني، حيث قدمت تلك المقترحات شفوياً دون أي وثيقة رسمية أو مخطط لخرائط أو نسبة محددة للأراضي التي سيتم تبادلها بين الطرفين .


 


بالمقابل دعت الرباعية الكيان الصهيوني لتقديم حسن نوايا للفلسطينيين من أجل الاستمرار في التفاوض بوقف نشاط جيشها في منطقة السلطة الفلسطينية ( أ ) وإزالة للحواجز العسكرية، ونقل السلطة الأمنية والإدارية للسلطة الفلسطينية في منطقة ( ب، ج )، والإفراج عن 130 أسير قبل اتفاق أوسلو، و23 نائباً في المجلس التشريعي  .


 


إن التأمل فيما يُعرض ويجري في عملية التفاوض أو الحوارات الاستكشافية كما تسمى رسمياً يجد أن الكيان الصهيوني يحاول أن يبقى ممسكاً بطرف الخيط الأخير كي لا ينقطع لجره لما يخشى من وقوعه، و يمارس عملية التحايل والتلاعب في الجانب الفلسطيني لكسب الوقت من أجل أن يحقق مآربه وهيمنته الاستيطانية، وأن كل ما يسعى إليه أن يُثبت للعالم أنه مع السلام ويسعى بجدية إليه ويوقع اللوم على الجانب الفلسطيني بعدم تساهله بعملية التفاوض ليبرر بعد ذلك عدوانه المستمر على الفلسطينيين .


 


فأي وقت آخر يحتاج له الطرفان للراحة والتفكير بعد عشرين عاماً من التفاوض والمماطلة ولم يحصل الجانب الفلسطيني إلا زيادة في الهيمنة والسيطرة والاستيطان في وقت أصاب الجانب الفلسطيني بالخدر والنوم وعدم الرؤيا لما يدور من حوله وإلهائه بالأكاذيب والأحلام المزيفة .


وأية وجهة نظر جديدة سيخرج بها الكيان الصهيوني وهو يعزز عنصريته وتطرفه وعدوانه ولا يُبدي أي تنازلات حقيقية تعبر عن نواياه السِلمية إلا نوايا القهر والسرقة لكل ما هو فلسطيني ولا ينتظر إلا الفلسطيني أن يقدم له حسن النوايا ليقدم المزيد من التنازل عن حقوقه وأملاكه .


 


فكل ما يجري مجرد مضيعة للوقت ومحاولة لزيادة تشتت الشعب الفلسطيني والقضاء على إي وفاق وطني وتحقيق للمصالحة على أرض الواقع ، فالكيان الصهيوني لا يبحث إلا عن ما يعزز الأمن والوجود له بأرخص الأثمان دون أن يقدم خسائر كبيرة، فهل إزالة الحواجز أو الإفراج عن معتقلين، أو تسليم الإدارة لمناطق ( ب، ج ) هي من حسن نوايا وتنازلات كبيرة تدل على حسن نية وصدق من الكيان الصهيوني في التعايش مع الشعب الفلسطيني، في وقت تعتبر هذه من البنود الأساسية في اتفاقية أوسلو وكان من الواجب أن يلتزم بها الكيان الصهيوني تلقائياً قبل سنوات ويسلمها للجانب الفلسطيني، وهو الآن لن يُقدمها بل سيزيد من وجودها وتعزيزها والسيطرة عليها .


 


فالكيان الصهيوني يفتعل الأزمات ويضع العراقيل ويستغل حياة الشعب الفلسطيني بزيادة معاناته اليومية التي يساوم عليها في تحقيق أي مصلحة له من خلال التفاوض ، ولا يقدم جديد بل على العكس يسرق الحقوق ويعتدي على المواثيق والاتفاقيات وليس له أمانة فيما يتفق عليه وما يدلل ذلك أنه قدم كل مقترحاته للمفاوض الفلسطيني شفوياً وليس بوثيقة رسمية حتى يتراجع عما يريد مستقبلاً .


 


إن المفاوض الصهيوني يعرف كيف يُصعب المواقف ويستفز خصمه بمعرفة عيوبه ونواقصه، فهو يقوم بدراسة شخصية كل مفاوض فلسطيني ومعرفة السمات التي يتسم بها وكيف يتم استفزازها وتحصيل ما يستطيع من تنازلات وتطميعه بالمغريات، ويُمارس الإسقاطات النفسية على المفاوض الفلسطيني ليعكس الصورة كلياً لتكون من صورته كمغتصب وعدواني إلى ضحية ومُعتدى عليه، ويُمارس الإنكار الذاتي لما يتصف به وما يمارسه من سلوكيات تُنافي القيم والأخلاق الإنسانية ليُصور نفسه بالديمقراطية والنزاهة ودولة القانون .


 


فإن كانت القدس بجانبيها ستكون عاصمة لهم، وستبقى غالبية أراضي الضفة الغربية مملوءة بالاستيطان وستزداد كل يوم، و الجدار الفاصل عازلاً ومُقطعاً للتواصل الفلسطيني، والطرقات والمحطات ممتلئة بالمستوطنين، والسجون والمعتقلات الصهيونية مُمتلئة بالأسرى، فعلى ماذا يُعول المفاوض الفلسطيني إذاً بعد ذلك الإصرار والتأكيد على ما يريد ذلك الكيان وما يسعى له بصورة واضحة لا تحتاج لمزيد من الوقت   .


 


في المقابل هناك عملية التصالح بين الأخوة الفلسطينيين والتي يجب أن تكون قد حدثت وبدت آثارها على الواقع منذ فترة من الزمن، لتمحي كل ما أحدثه الانقسام المشئوم من معاناة وألم لكل مواطن فلسطيني، هذا التصالح الذي بدا أمله يذوب ويُفقد من القلب الفلسطيني الشريف الذي يتطلع لرؤية شعبة يعود للتآلف والوحدة على الهدف والمصير، ففي لحظة إلحاح الحاجة الضرورية لهذا التصالح وتعزيز الجهود وتكثيف العمل والإصرار على نجاحه ومعالجة التوتر المجتمعي، تأتي فكرة العودة للتفاوض لتُحاول إماتة ذلك الأمل وإشغال القلوب نحو التطلع لمستقبل التفاوض وأن التعايش لن يكون إلا من خلال ما يمليه ذلك التفاوض المدعوم من الغرب .


 


الشعب الفلسطيني لا يتطلع في هذه اللحظة إلا لأمل العودة لما كان عليه قبل اتفاقية أوسلو، من وحدة القلوب والعمل الجماعي وارتفاع القيم الوطنية والعمل المخلص لأجل العامة وانتفاء المصلحة الشخصية، وتوحيد الجهود وبذلها لتتحرك نحو مصلحة الشعب الفلسطيني، وتحقيق السلام والأمن الداخلي للمجتمع الفلسطيني، وتعزيز قيمة الفرد بذاته وبكرامته وحقه في الوجود، وإعادة الثقة بنفسه وبقيادته وأحزابه، وليس الالتفات للتفاوض مع الصهيوني الذي لا يسعى إلا لتعزيز أمنه ووجوده على حساب أمن ووجود الشعب الفلسطيني ولن يعطي المفاوض الفلسطيني إلا مزيد من القهر والتشتيت واللعب بالأعصاب .


 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت