المتغير الجديد لطالبان الأفغانية.. وحماس الفلسطينية../يوسف الكويليت

    حماس جناحٌ إسلامي، ولد من رحم الإخوان المسلمين، تخاصمت مع الحكومة الفلسطينية بما سمته خلافها الأيدلوجي على الأسس، لا الفروع، استقرت قيادتها في دمشق العلمانية والمحاربة للإخوان المسلمين، لكن السياسة مقدمة على المبادئ في كثير من الحالات، إذ وجدت تطابقاً مع إيران المانحة والمؤيدة، والحليف الأهم لسورية، فجاء طلاقها مع معظم الدول العربية كنتيجة طبيعية، لأن اشتراطات إيران التي لا تعطي لوجه الحق، بل لخدمة أهدافها، هي من قرّر لحماس من تتعامل معه وتقاطعه!!


 


الآن يتجه قادتها إلى بعض الدول العربية، وإيران، وهذا حق طبيعي إذا كان لمصلحة القضية. ويقال إنها قد تنقل قياداتها من دمشق لعمّان، وهذا أيضاً لا يعد انقلاباً، بل تصحيحاً لمواقف ما كان يجب أن تحدث لولا أن اللعبة فيما يبدو قد انتهت، أي أن الربيع العربي الذي سيطر على حكومات تلك الدول من التيار الإسلامي، أقنع حماس بأن تدخل حلف الإخوان كأهم رافد قادم لها، بينما التفسير العام للتحليل السياسي الموضوعي، هو من أكد أن حماس وطالبان والقاعدة وتيارات إسلامية أخرى لم تعد تأخذ بريقها السابق عندما صار الشارع العربي إسلامياً..


طالبان على عكس حماس، أبقت على ثوابتها في صراعها مع دول الأطلسي التي عجزت عن هزيمتها، فجاء البديل فتح حوارات على كل الاتجاهات، ومشكلة طالبان ليست بسبب تبنيها الإسلام طريقاً للحكم، بل بسبب تطرفها الذي نزع عنها، في الداخل، صفة الدولة الحديثة في إطار إسلام معتدل، وقد جاء «كرزاي» من خلال المحتل الأمريكي، وهو، في نظرهم، أحسن السيئين، لكن الورطة في حرب مع عصابات في مواقع معقدة، جعلت دول الأطلسي تأخذ بمفهوم مصافحة العدو أياً كان منطلقه وأهدافه، وهو عرف متفق عليه في الفلسفة السياسية، وهنا صار الوصول إلى طالبان لا يأتي من خلال كثافة نيران الأسلحة، بل الجلوس على الكراسي وتبادل الحوارات..


 


التسريبات تقول إن المملكة سوف تستضيف حواراً بين حكومة كابول، وطالبان، وأياً كانت الصعوبات في البدايات الأولى، والمساومات وغيرها، فطالبان سوف تفاوض من مبدأ المنتصر، لا المهزوم، وفي عرف دول الأطلسي هذا مقبول إذ تخلصها الحلول من الورطة، وسواء حدث ذلك في المملكة أو في غيرها، فالموضوع يتعلق بإنقاذ بلد عانى الكثير من الحروب والويلات، واستزراع المخدرات وتصديرها، بمعنى أن الاستقرار هو من فرض قوته على الخصوم، لأن الاستمرار في الحرب الطويلة، وبين فقراء الشعب لن ينتهي إلى نتيجة تفك أسْر هذا البلد من واقع فرض عليه من الشرق، ثم الغرب..


لماذا هذا التبدل بين حماس، وطالبان، ولماذا صارت المصالحات هدفاً لهما؟ هل الأمر يتعلق بأن فائدة الخصومات لم تعد تعطي مكاسبها، أم أن الوضع في المنظمتين، يضاف له الموقف الدولي الذي لم يعد يهتم بالحروب وتكاليفها الباهظة، سبب مكمل لرغبة الجميع؟


لاشك أن حماس ستبقي على عدائها مع إسرائيل، لكن من خلال سلوك آخر، بينما طالبان تتجه إلى حسم أمرها مع الحكومة، ليكون لقوات الأطلسي مبرر بالخروج ولو بماء الوجه..


 


كلمة جريدة الرياض السعودية


الاربعاء 9 ربيع الأول 1433 هـ - 1 فبراير 2012م - العدد 15927

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت