انتخابات الكنيست .. ما الجديد/غازي السعدي

بقلم: غازي السعدي

 


تشهد الساحة الإسرائيلية حراكاً حزبياً شديداً، والاعتقاد السائد أنه في هذا العام-عام 2012- ستجري الانتخابات للكنيست قبل موعدها القانوني بسنة، وتفيد المعلومات أن "بنيامين نتنياهو" زعيم حزب "الليكود"، و "افيغدور ليبرمان"، "زعيم حزب إسرائيل بيتنا"- ولاعتبارات انتخابية- اتفقا على تقديم موعد الانتخابات، ورغم أن جميع دورات الكنيست مدتها أربع سنوات، إلا أن جميع الدورات تقريباً لم تُكمل الكنيست فيها مدتها القانونية، ويجري تقديم موعد الانتخابات لأسباب مختلفة، فـ"نتنياهو" يعتقد أن تقديم موعدها يصب في مصلحة حزبه، وكذلك "ليبرمان"، ومن المؤكد أن مؤتمر حزب "الليكود"-الذي سيُعقد في نهاية هذا الشهر- سيعيد انتخاب "نتنياهو" مرة أخرى لزعامة الحزب، أما حزب "كديما"، الذي فاز في الانتخابات الماضية بالعدد الأكبر من النواب، فإنه آخذ بالتآكل من الداخل، وسيعقد مؤتمره في نهاية شهر آذار القادم، حيث يتنافس على زعامة هذا الحزب، "تسيفي ليفني" و"شاؤول موفاز"، ومؤخراً ظهر نجم جديد في الحلبة السياسية الإسرائيلية والذي أعلن دخوله المعركة الانتخابية، وهو الصحفي "يائير لبيد"، الذي يتمتع بشعبية واسعة، ولم يُعرف بعد إذا كان سيشكل حزباً جديداً، أم قائمة انتخابية.


 


 


 


            لبيد شرح أسباب توجهه للسياسة، فهو علماني ليبرالي، يقود حرباً ضد الابتزاز الأصولي اليهودي، وضد الفساد، فإن موقعه السياسي بين يسار حزب "كاديما"، ويمين حزب "العمل"، واشتهر المذكور-وهو في (48) من العمر- من خلال برنامجه التلفزيوني الحواري الأسبوعي الذي أداره فترة طويلة منذ سنوات التسعينات، في مخاطبة الجماهير، والطبقتين الوسطى والفقيرة، وفي إثارة قضاياهم ومشاكلهم، ويتجه للمصادمة مع الأحزاب اليمينية والدينية، فهو ابن وزير العدل السابق "يوسيف لبيد" الذي ترأس حزب شينوي الوسطي، فقرار خوضه الانتخابات، يمثل تحدياً لرئيس الوزراء "نتنياهو" وحزبه، كذلك لأحزاب الوسط واليسار، فهو سياسي معتدل، وحسب استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي، فإن حزبه –الذي لم يعلن عنه رسمياً- قد يحظى ما بين (10) إلى (15) مقعداً في الكنيست.


 


 


 


            إن الموضوع الأساسي في الساحة السياسية-الحزبية الإسرائيلية، وجود كتلتين رئيسيتين في الكنيست، كتلة اليمين والأحزاب الدينية، التي تُشكل حالياً الأغلبية، بحصولها على (65) نائباً في الكنيست، من أصل (120) عدد مقاعد الكنيست، وكتلة الوسط واليسار والنواب العرب، الذي يشكلون (55) نائباً، يجلسون في صفوف المعارضة، فالرهان والسؤال: هل بدخول هذا النجم إلى الحلبة السياسية سينجح بتغيير موازين القوى الحزبية إلى صالح الوسط واليسار؟ وهذا يتطلب من هذا النجم، انتزاع الأصوات من أحزاب اليمين الإسرائيلي، وأن لا يعزز قوته على حساب كتلة الوسط واليسار، وإلا فإن لا مبرر لوجوده، ولا يقدم أية مساهمة في تغيير الخارطة الحزبية،علما أنه تلقى تهديداً بالقتل على موقعه على الفيس بوك، بعد (48) ساعة فقط من إعلانه خوض الانتخابات.


 


 


 


            إن الرياح في الشارع الإسرائيلي تهب باتجاه اليمين والتطرف، لأسباب سياسية وأمنية وعنصرية، ومع ذلك فإن دخول "لبيد" المعترك السياسي، أحدث هزة قوية في الحلبة السياسية الإسرائيلية، وإذا أضفنا بأن شخصيات اعتبارية إسرائيلية عديدة ستنضم إلى المعترك السياسي، ومن هذه الشخصيات، "نوعم شاليط"، والد الجندي "غلعاد شاليط" الذي كان في أسر حركة حماس، والذي أعلن عن ترشيح نفسه لانتخابات الكنيست ضمن قائمة حزب العمل، الذي هو عضو قديم في هذا الحزب، وإعلان أحد قادة الشرطة الإسرائيلية سابقاً، "موشيه مزراحي"- الذي كان مسؤولاً عن ملف التحقيق مع "افيغدور ليبرمان" وزير الخارجية، إضافة إلى ملفات فساد عديدة ضد شخصيات ومسؤولين إسرائيليين- إعلان ترشحه ضمن قائمة حزب العمل، وإذا أخذنا بعين الاعتبار تحرك "آريه درعي" زعيم حزب "شاس" السابق بتشكيل قائمة انتخابية مستقلة، قد ينتزع في قائمته نصف المقاعد التي تحصل عليها "شاس"، فإن هذا الحراك من شأنه إحداث تغيير في الخارطة الحزبية للكنيست القادمة، ومع دخول الأسماء الجديدة للمعركة الانتخابية، فإن الكتلتين قد تتعادلان، ويصبح لكل منهما 60-60 نائباً من أصل (120) عدد نواب الكنيست، ومع أن استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي تصب بهذا الاتجاه، إلا أن هذه الاستطلاعات غير ثابتة ومتغيرة، وفقاً للأحداث والظروف، ولا أحد يعلم كيف ستتطور اتجاهات الشارع الإسرائيلي حتى موعد الانتخابات، إذا تقرر إجراؤها في نهاية هذا العام.


 


 


 


            إن أكثر الخاسرين من الانتخابات المبكرة للكنيست، سيكون حزب "كاديما"، وذلك على خلفية صراعاته الداخلية، والمنافسة بين زعيمة الحزب "تسيفي لفني"، ووزير الدفاع السابق "شاؤول موفاز"، الذي يُعتبر رقم (2) في هذا الحزب، فإذا كانت هذه الحملة بين المتنافسين على زعامة الحزب تسودها عبارات القدح والذم، فكيف باستطاعة الفائز منهما مواجهة "نتنياهو" بانتخابات الكنيست؟ إضافة إلى هذه الصراعات، فإن هناك إحباطاً عاماً في صفوف الأعضاء، لعدم وجود أيديولوجية أو برنامج سياسي واضح لهذا الحزب، الذي أسسه رئيس الوزراء السابق "أرئيل شارون"، وهناك بوادر انشقاق في حزب "كاديما" في أعقاب الانتخابات الداخلية "برايمز"، فانضمام "يائير لبيد" إلى المنافسة في الحلبة السياسية وشخصيات أخرى، سيسحبون من أصوات "كاديما" لقوائمهم الجديدة، هذا الحزب الذي فاز بالمرتبة الأولى وحصد (28) مقعداً في الانتخابات الماضية قد يهبط في الانتخابات القادمة إلى نصف هذا العدد.


 


 


 


            ولابد من التطرق إلى عرب الداخل، الذين يفوق عدد أصواتهم (500) ألف ناخب، ولهم في الكنيست الحالية (11) نائباً، ففي الانتخابات الماضية بلغت نسبة مقترعيهم (52%) مقابل نحو (80) بين اليهود، فإذا تنشطوا وزاد عدد المقترعين العرب، فقد تزداد عدد مقاعدهم في الكنيست، وهذا هام جداً في المعادلة الحزبية، وهذه المرة أخذوا يفهمون أن وجودهم في وطنهم بات مهدداً، لذلك عليهم الدفاع عن الخطر اللاحق بهم من خلال زيادة تمثيلهم في الكنيست.


 


 


 


            وأخيراً ... ومع كل احتمالات النتائج، والخارطة القادمة للكنيست، فإن الوضع السياسي بالنسبة للقضية الفلسطينية لن يطرأ عليه جديد، وأن الرهان تارة على الانتخابات الأميركية، وأخرى على الإسرائيلية، لن يقود إلى إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية.


 


 


 


 التاريخ : 1/2/2012


 


 


 


المقال الأسبوعي


 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت