بعد فشل جولات الاستكشاف ينشط الإعلام الإسرائيلي في تحميل القيادة الفلسطينية فشل ذلك بإدعاءات مختلفة وعقيمة المصداقية .. إنهم يقولون ان العالم اجمع أصبح مدركا الآن ان الفلسطينيين هم من يقومون بالتهرب من التوصل لاتفاق سلام مع إسرائيل ،وانهم يدعون ذريعة تلو الاخرى من اجل إمداد الصراع ، وهذا ما صرح به وزير الشؤون الإستراتيجية موشية يعلون في إسرائيل .. إمداد الصراع تعني في نظر إسرائيل أي التهرب من المفاوضات ، والتهرب من المفاوضات يفسر في إسرائيل أن القيادة الفلسطينية ترفض وجود إسرائيل على وجه الأرض .. ووجود إسرائيل يعني في الدبلوماسية والمرجعيات الإسرائيلية أي وجوب اعتراف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة يهودية .. هنا تتضح الصورة أكثر وتضع النقاط فوق الحروف .. إنهم يضعون العصى في دواليب المسيرة السلمية .. وفي الحقيقة أنه ومنذ حصار السيد الرئيس الشهيد أبو عمار قد توقفت تماما هذه المسيرة وأصبحت بمثابة ملهاة حقيقية يريد فيها الإسرائيليون فرض إملاءاتهم وشروطهم وفي حال الرفض يقولون أنه لا يوجد شريك للسلام وأن العنف قد ازدادت وتيرته بعد قيام السلطة وعدم وفاءها بالتزاماتها الأمنية .. وأخيرا كانت نتائج الاستكشاف أن المريض المسمى السلام مصاب بسرطان الاستيطان المتغول وكذلك شرط يهودية الدولة .. وفي المقابل هناك تعهدات وهناك أوراق وهناك قراءات وكثير من التسويف والمماطلة والحرب الدبلوماسية الخفية والمعلنة ضد الحراك الدبلوماسي الفلسطيني وضد إرادة الفلسطينيون بقيام الدولة الفلسطينية والاعتراف بها وأن تكون الدولة 194 في الأمم المتحدة .. لهذا فمباحثات الأردن لم تحرز أي تقدم وبل كشفت عن النوايا الإسرائيلية القديمة المتجددة .. أيضا إسرائيل تعتبر المطالبة الفلسطينية بوجود دبلوماسي ومؤسساتي في الأمم المتحدة بمثابة تنفيذ ضربات سياسية ودبلوماسية ضد إسرائيل في مؤسسات الأمم المتحدة ..لهذا خرجوا علينا ليقولوا الرئيس عباس أبو مازن أكثر تعنتا من سلفه الراحل الرئيس ياسر عرفات .. وهذا ما صرح به وزير الخارجية افيجدور ليبرمان بالتعقيب علي مطالب ومواقف السلطة الفلسطينية وعلي الرئيس ،محمود عباس ابو مازن .. وهذه المطالب تتعلق بمسألة حق العودة ومسألة القدس ..
إسرائيل ترفض حق العودة وتعتبر القدس غير قابلة للنقاش وأنها العاصمة الأبدية لإسرائيل التي يريدون أن يتم الاعتراف بها كدولة يهودية وبالتالي القدس تصبح عاصمة الدولة اليهودية وبموافقة فلسطينية ..؟! .. وهنا مفارقة فالرئيس أبومازن ملتزم التزام حقيقي وصادق بالثوابت الفلسطينية ويعمل من خلالها .. في إسرائيل يسمون هذا الالتزام بأنه دعما للإرهاب وعدم الرغبة أ, المقدرة على التوصل لسلام معهم .. إذن الثوابت في نظر قيادات إسرائيل هو المعنى الآخر للإرهاب .. ممنوع العودة وممنوع الحديث عن القدس ويمنع ايضا نقاش كل ما يمس الأفكار الإسرائيلية ..
وبالجانب الآخر نجد الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز يقول أنه يوجد لإسرائيل شريك أفضل من رئيس السلطة الفلسطينية .. أي تناقض هذا وأي تبادل للأدوار .. ويبقى موقف القيادة الفلسطينية والسيد الرئيس أبومازن ثابتة ومتقدمة .. وبذلك تثبت القيادة الفلسطينية أن المعيار الفلسطيني لا يمكن أن يكون تصريحات قادة إسرائيل بل هو الحق الفلسطيني بكامل أجزاؤه وبنوده ومقوماته .. والرئيس الشهيد أبوعمار رحمه الله قال للعالم كله ومن أعلى منصة دولية (لــقــد جــئــتـــكــم بــغــصــن الــزيــتــون فــي يــدي ... وبــبــنــدقــيـــة الــثــائـــر فــي يـــدي ... فـــلا تــســقــطــوا الــغــصــن الاخــضــر مــن يــدي ... لاتـــســقـــطــوا الــغـــصـــن الأخضر مــن يـــدي ) .. وفي مباحثات الاستكشاف قال المفاوض الفلسطيني (لــقــد جــئــتـــكــم بــالحق الفلسطيني فــي يــدي ...وبالمستقبل المظلم فــي يـــد أخرى ... فـــلا تــســقــطــوا الحق الفلسطيني مــن يــدي ... ) .. وهذا يفسر ما قاله الرئيس الفلسطيني الأخ محمود عباس ابو مازن خلال اجتماعه مع الأمين العام للأمم المتحدة في رام الله :انه إذا قامت إسرائيل بتقديم مقترحات واضحة يمكن من خلالها بدء مرحلة جديدة ،فإن القيادة الفلسطينية مستعدة للعودة للمفاوضات .. وبكل تأكيد أن هذه المقترحات يجب ألا تتناقض والمطالب الفلسطينية المسبقة حيث وقف الاستيطان والإقرار بالحق الفلسطيني والدولة الفلسطينية وترسيم الحدود ومعالجة كافة القضايا ذات الصلة .. الكرة الان في الملعب الإسرائيلي .. ولا مجال لنشر الاتهامات ضد القيادة الفلسطينية ، فهذا لا يفيد بالمطلق .. لقد تركت القيادة الفلسطينية الباب مفتوحا ومدة فتح الباب مرتبطة بقيام إسرائيل بطرح مقترحات واضحة وجادة كما قال السيد الرئيس أبومازن .. حيث رؤيته لإنهاء الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني تكمن في بناء دولة فلسطينية علي أساس حدود 67 وإنهاء التواجد الإسرائيلي علي كافة الأراضي المحتلة بما في ذلك غور الاردن .. اذن حان الوقت لإقامة دولة فلسطينية .. وهذا ما صرح به الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون معقبا على المسيرة السياسية وفشل المباحثات الاستكشافية التي أجريت في الأردن نهاية الشهر الماضي .. وأضاف معقبا علي استمرار البناء في المستوطنات ،حيث قال " نحن نري إسرائيل مستمرة في البناء في مناطق حساسة وان هذا البناء غير قانوني ” وقال مؤكدا " لقد التقيت أمس بالفلسطينيين واعربو لي عن إحباطهم من عمليات البناء الإسرائيلية " .. إذن إسرائيل التي تتهم الرئيس بالإرهاب وأنه لا يعمل على تحقيق السلام وتهدده كل فترة أخرى ، هي نفسها لازالت مستمرة في بناء المستوطنات .. وبالتالي فهي تنسف كل إمكانية للتوصل لأي حل أو اتفاق وبالتالي فتح الباب لكل الاحتمالات وهذا بالضبط ما ستذهب اليه القيادة الفلسطينية بعد اجتماع الجامعة العربية في 4 فبراير الحالي .. رؤية لما هو قادم .. وقراءة لما سبق ..
وفي نهاية المقال نقول أن قرار السلطات الألمانية في برلين ان يتم رفع درجة التمثيل الدبلوماسي مع فلسطين بتعين سفير فلسطيني في العاصمة الألمانية برلين ، يؤكد على نجاح الدبلوماسية الفلسطينية الدولية وهذا مطلوب لأن المعركة القادمة سوف تكون دبلوماسية وفي أعلى مستويات المؤسسات الدولية .. وكل تقدم دبلوماسي فلسطيني يعمل على تقريب قيام الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال .. فالحق الفلسطيني لا ينهزم والاحتلال الإسرائيلي إلى زوال .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت