فليسمع الجميع ويعي جيدا أن الوطن الفلسطيني ليس ملكاً لأحد ولا وزاراته ومؤسساته وهيئاته إرثٌ لآخر أو حكرا لمخلوق كان, إن فلسطين للفلسطينيين وحدهم ولا سلطان عليهم، وكيانهم أداة تنفيذ إرادتهم، كما أن لا هبه لأحد مهما كان في ما لا يملك منذ الصغر.
أن يتحالف كل شرفاء وأحرار فلسطين من أجل مصلحة الوطن وأبنائه أمر جيد ولا عيب بذلك، ولكن العيب هو في أن نقترب من حافة الهاوية السحيقة والدمار الكبير ونقول إننا نشعر بالدوار، فأمر الإقتراب من تلك العقارب هو مجازفة غير محمودة العواقب.
الوحدة الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني وإقامة دولة المؤسسات والدفاع عن ثوابت ومقدسات الوطن، هو حق شرعي وعادل وقانوني وهو الحل الأنجع والأمثل لأزمة فلسطين وشعبها.
لم يدر بخلدي يوما أن أكون بهكذا حال من الحيرة والذهول, ولم يدر بخلدي إنني سأرى فلسطيننا مثل الذي أراه عليه اليوم, هل حقا هو الوطن الذي كنا فيه بأجمل صوره ومكنوناته؟؟ هل حقا هذا الوطن الذي كانت أواصر المودة والرحمة والحب والاخوة هي السمه الغالبة فيه؟؟ هل حقا هو الوطن الذي كنا فيه ننعم بالأمن والأمان والوئام والإسقرار حتى أتاه الإحتلال الإسرائيلي الطاغي الباغي، وأحاله قبرا كبيرا وسجنا رهيبا, وجثم فوق صدورنا عقودا من زمن العهر والطغيان، وحينما إنصرف ورحل من القطاع الحبيب وزال مستوطنيهم الأقذار، قلنا ان الفرج قد بانت تباشيره وحلت الأفراح وإنطلقت الأحلام والأمنيات تسابق الريح من أجل تحقيقها التي كادت تموت، لولا فسحة الصبر والأمل والإيمان لدى شعبنا.
يا فلسطيننا غريبة أنت حيث لا أجد لكل ما فيك تفسيرا, فقد حيَرتَ عقلي وكياني ووجداني!!! كيف هو الحل معك ؟؟ وهل أن ما يحدث فيك هو إستحقاق تستحقيه؟؟ أم لأن من يدير أمرك هو غير كفؤ لأن يحمل ثقل أمرك العظيم؟؟
قد تكون كذلك!! لأن أقوى الناس إيمانا وأصلبهم عودا وأعظمهم شكيمة لم يكن في حال، حينما إستلم زمام أمرك بأفضل من حال الضعفاء سواه, سواء من الطغاة القتلة بني صهيون أو الشرفاء الضعفاء لأنهم ليسوا كأنت, أمام العقل والعدل،،، أما المتواجدون الأن والذين هم بالتأكيد ليسوا كأنت في ثقل المبدأ والعقيدة والتاريخ والعظمة.
ما الحل معك يا فلسطيننا ؟؟ وكيف هو السبيل لإستقرار شعبك وإزدهارك؟؟ فلا طغاة المحتلين إستطاعوا ترويضك أو تطويعك، ولا الشرفاء الأحرار صمدوا في رباك, وكأني بك أريد القول أن هناك سرا دفينا يرقد في طلسم مكنون في أعماق أرضك ومقدساتك وثراك، وهو الذي فيه الحل والعقد، وهو من يستطيع أن يطوع كل ما فيك نحو الخير والعطاء، والإنطلاق به نحو آفاق الأرض الشاسعة ليحيل الكثير مما إضطرب أيضا إلى هدوء وسكينة ونماء.
ولكن الذي أعتقده أن المستحيل لا وجود له في عرف المُصرين على إيجاد الحلول المناسبة وأن بمستوياتها الدنيا على أقل تقدر لتقليل الخسائر إلى أقلها ووضع حدود لما يجري من إستهتار بالنفس الإنسانية الفلسطينية .
الحالة التي نمر بها الآن هي نتيجة لتشرذم الكلمة وإنفصال عرى التوحد المطلوب في الشارع الذي كان متحدا في تلقي الظلم، فلا أدري لماذا هو الآن مفترق وهو قد نال الحرية والتخلص من كابوس الإحتلال المجرم.
لا أدري لماذا كل هذه الأحزاب والتكتلات والفصائل والحركات لا تتوحد وفق مسمى واحد وقيادة حكيمة منتخبة من قبل الشارع، وهذا الأمر أصبح اليوم والساعة هو مطلب شعبي نطالب به كل القيادات الرائعة وأصحاب القرار الوطني الفلسطيني، ونقسم عليهم بكل دم الشهداء والجرحى والأقصى والكنيسة المقدسة، أن يكفوا عن الإنقسام والفرقة والتعددية الغير مسوغة، إلا اللهم إذا كانوا طلاب طموحات خاصة وضيقة ويريدون تمريرها على حساب إستقرار شعبهم المضطهد، وهم هنا سيفرزون من قبل شعبهم، فشعب فلسطين شعب يستطيع بذكائه المفرط وبرهافة حسه، أن يميز الغث من السمين، وأنتم يا ساستنا وسياسينا تعرفون جيدا حكم الشعب اذا غضب.
مقومات الوحدة الوطنية متوفرة وهي سلاح فتاك، والمطلوب الآن إنتخاب وإختيار قيادة وطنية موحدة تأخذ على عاتقها التكلم بإسم الجماهير التي ستنخبهم كمجموع لا كواحد، والمطلوب هو أن نكون كذلك بصدق لا بصورة شكلية مثل التي نراها, وعلى قياداتنا الرشيدة الحكيمة أن تعي جيدا أن الأمر لا زال بين أيديهم وهو يحتاج إلى إرادة توحد وإرادة صدق وإيمان، وإرادة قوة وإيثار وتحدي، تنطلق بشعبكم المعطاء و"فلسطين" نحو آفاق الخلاص من هذا الصراع والإنقسام الدامي والمرير.
لا أدري لماذا لا تنطلق حناجر أبناءنا وبناتنا ونساءنا ورجالنا وشبابنا وأطفالنا وزهراتنا وشيوخنا؟ مطالبين كل القيادات وأصحاب القرار الوطني في فلسطين بهذا الأمر المشروع والملح في هذا الوقت الحساس والعصيب، وليعلم الجميع أن ليس من حق أحد بعد اليوم أن يقفز فوق رغبات شعبه لأن الجماهير التي رفعته هي من يستطيع ان تسحقه وتلغيه، وعليكم التأكد من ذلك من صوت الشارع، وعلى كتابنا وصحفيينا وإعلاميينا ومبدعينا ومثقفينا وفنانينا وأقلامنا الشريفة النزيهة ووسائل إعلامنا المختلفة من تلفزة وإذاعات وصحف، التشجيع على هذا المطلب الوطني المقدس، والذي من المؤكد إذا ما تحقق فإنه سيؤدي إلى نتائج عظيمة، أولها إنه يلغي التشاحن والتنافر والإنقسام الموجود الآن، وأيضا يؤدي إلى توحيد الشارع الذي مزقته كثرة الإنقسامات وقياداتها التي تدعوا إلى ذات الهدف والغاية، ولكن كل يجمع حوله مواليه وكأن الأمر لعب في ميدان مستقر، متناسين إننا في حرب شعواء مع الإحتلال الصهيوني والذي يهدف أول وأخيرا لتفتيت وتمزيق وتخريب البيت الفلسطيني والقضاء على آمال وأحلام شعبه.
رامي الغف
ناشط ومفوض سياسي
إعلامي وكاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت