إعلان الدوحة محاصصة وإدارة انقسام/ سامي الأخرس

بقلم: سامي الأخرس

 


 


 


كل المؤشرات التي جاءت بها جولات المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية على مدار الخمس سنوات السابقة من عمر الانقسام، كانت جميعها تصب في خانة الفشل أكثر من النجاح كونها كانت تعتمد على آليات المحاصصة والمناصفة بين فتح من جهة وحماس من جهة أخرى وهو ما كان واضح وجلي لدى القوتين المتصارعتين، والإدراك الفعلي الذي تقوم عليه المفاوضات التي استضافتها السعودية بداية ثم اليمن، ثم مصر وجهودها الكبيرة، وها هي الدوحة تقوم بدورها وتتمكن من استخدام وسائل الإجبار التي تمتلكها، وتُجبر القوتين على توقيع اتفاق مبدأي بين الرئيس محمود عباس والأخ خالد مشعل وهو ما يحمل في طياته العديد من القراءات التي يمكن من خلالها استنباط مدى جدية المصالحة، ومدى قدرة قطر على فرض ما لم يستطيع فرضه الآخرون على الرئيس محمود عباس وعلى حركة حماس ممثلة بالأخ خالد مشعل، والممثل بالتالي:


 


أولًا: أن الرعاية والتدخل القطري في هذا الوقت يأتي متناغمًا ومتساوقًا مع الدور القطري الجديد في المنطقة وهو الدور الذي يعتبر وظيفي أكثر منه أصيل من نابع إقليمي قومي عروبي، بل أن قطر بقيادتها أصبحت دولة وظيفة دورها يتناغم ورغبات القوى الدولية العالمية التي ترى في المنطقة  فرصة سانحة لإعادة التقسيم والترسيم السياسي من جديد بل وإن لم يتعد الأمر للجغرافي كما حدث في السودان سابقًا.


 


 


 


ثانيًا: أن الأطراف الفلسطينية ممثلة بحركتي فتح وحماس أصبحتا تدرك أن حجم الضغوط والمتغيرات الإقليمية عامة وفي المنطقة العربية خاصة لم يعد يحتمل المراوغة والمساومة في عملية المصالحة، بل إن عملية المراوغة بثوبها جديد هي صيغة تبحث عن مصالحة بأقل الخسائر للحزبين في نطاق سيطرتهما الجغرافية، ولذلك كانت الصيغة الموقع عليها في الدوحة هي الأقرب والأصلح - اضعف الإيمان- للتحرر من الضغوط وتهدئة الرأي العام الشعبي الفلسطيني الذي أصبح أكثر ضغطًا على الحركتين للمصالحة.


 


 


 


ثالثًا: أن الاتفاق الأخير المتفق عليه في الدوحة بالتوافق على شخص الرئيس محمود عباس كرئيس وزراء يمثل خروجًا من المأزق الذي تحدثت عنه سابقًا أي بما يعني أن الرئيس يشكل حكومة كفاءات تسعى للتمهيد للانتخابات القادمة هذه الحكومة لن تغير على الأرض والواقع شيئًا على مستوى السيطرة الجغرافية والصلاحيات في نطاق المساحة الجغرافية الخاضعة لسلطة كل طرف من طرفي الانقسام، وبذلك تكون الصيغة أقرب لإدارة الانقسام منها لإنهاء الانقسام، وهي الملمح الواضح للاتفاق التي تجاهل كل قوى المجتمع الفلسطيني السياسية والمدنية والشعبية واختزلها في الحركتين حماس - فتح.


 


 


 


رابعًا: يكون اتفاق الدوحة قد حقق الأطماع والمحددات الإقليمية والدولية من خلال صهر الواقع الفلسطيني في بوتقة ما يحدث على الساحة الإقليمية والعربية، وضمان التفرغ للقضايا الأكثر إلحاحًا في تلك المرحلة، ألاّ وهي البلدان التي حدثت بها متغيرات جوهرية كمصر وليبيا، واليمن، وسوريا وتونس والإنتهاء من المرحلة الأولى من ما أطلق عليه الربيع العربي، وبذلك تكون العملية قد اكتملت واكتمل ملامحها الآنية على اقل تقدير.


 


 


 


خامسًا: فيما يتعلق بتأثير الإتفاق على إسرائيل فالمؤشرات تؤكد أن إسرائيل ستمانع وتقاوم الإتفاق إعلاميًا على أقل تقدير، لكن من حيث المبدأ فهي لن تتأثر بما إنها أمنت حدود غزة بشكل آلي من خلال التوافق غير المباشر مع حركة حماس والقوى الفلسطينية على هدنة غير محددة الزمن، وكذلك خوضها المفاوضات السلحافية مع السلطة الوطنية الفلسطينية، أي ضرب عصفورين بربع حجر وليس بحجر كامل، لأن ثلاثة أرباع حجرها يلقي في المياه الهادرة في منطقتنا العربية وخاصة في مصر على وجه التحديد.


 


 


 


إذن ومن خلال قراءتنا للإتفاق هو خطوة في الطريق الخاطئ، لا أتوقع له أن يحقق ما يصبوا له شعبنا الفلسطيني من طموحات تفضي للعودة إلى القضية الفلسطينية وزخمها السابق، وأن الإتفاق سيبقى طرفة سياسية لن تنتقل للفعل الحقيقي سوى بخطوات شكلية تخديرية مثل جوازات السفر- المعتقلين السياسيين- الكهرباء ... إلخ، في حين أن إعادة اللحمة لشطري الوطن والتوحد في قضايا المصير الواحد لن تخرج في الوقت الحالي للفعل العملي والواقعي بما أن القائمين على الانقسام لا يرغبان بإنهائه فعلًا والعودة للنظام السياسي الموحد الذي يبدأ معركة التحرير الفعلية.


 


 


 


ورغم تلك النظرة التي أستنبطها من فهمي للنفسية الفلسطينية المتصارعة، والأحداث والتطورات خلال السنوات السابقة للانقسام، إلاّ أن الأماني والتفاؤل لا يقف عند حد التحليل فقط بل والتمنيات التي تحذونا كأبناء قضية أصبحت عرضة للتشرذم.


 


سامي الأخرس


 


6 شباط (فبراير) 2012م


 


 


 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت