قالت مصادر فلسطينية موثوقة لـصحيفة "الحياة" اللندنية إن حركة "حماس" في غزة "تغلي" بسبب إسناد منصب رئيس حكومة التوافق الوطني للرئيس محمود عباس (أبو مازن) على اعتبار أن ذلك مخالف للدستور المؤقت، في وقت قالت مصادر في "حماس" في القاهرة إن القرار مرفوض ولا يمثل موقف الحركة لأنه "قرار منفرد سيؤثر سلباً في تماسكها بل وقد يعصف بوحدتها".كما ورد في عدد الصحيفة الصادر اليوم الثلاثاء.
ونقلت المصادر الفلسطينية الموثوقة عن قياديين في "حماس" إن "قادة الحركة وكوادرها في غزة يرفضون بشدة موافقة رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل على أن يرأس عباس الحكومة الجديدة". وأشارت إلى أن نائب رئيس المكتب السياسي موسى أبو مرزوق "يشاطر قادة الحركة في غزة الرأي ويرفض أن يكون عباس رئيساً للحكومة".
وأوضحت أن "سبب رفض رئاسة عباس للحكومة يعود إلى أمرين مهمين، الأول أنه مخالف للقانون الأساسي (الدستور المؤقت)، وأنه يتناقض مع سياسة الحركة وتوجهاتها" المختلفة عن سياسات عباس وتوجهاته.
وتنص المادة 45 من القانون الأساسي الفلسطيني على أن "يختار رئيس السلطة الوطنية رئيس الوزراء ويكلفه تشكيل حكومته، وله أن يقيله أو يقبل استقالته، وله أن يطلب منه دعوة مجلس الوزراء للانعقاد". كما تنص المادة 46 من القانون نفسه على أن "يساعد مجلس الوزراء الرئيس في أداء مهامه وممارسة صلاحياته على الوجه المبين في هذا القانون الأساسي". ويحدد القانون نفسه في مواد منفصلة صلاحيات الرئيس وصلاحيات رئيس الحكومة التي سيجمعها الرئيس عباس معاً في حال شكل الحكومة الجديدة بموجب "اتفاق الدوحة".
وفي القاهرة، قالت مصادر في "حماس" إنه ليس هناك توافق داخل الحركة على شغل عباس منصب رئاسة حكومة التوافق، مضيفة أن هذا القرار مرفوض من الحركة ولا يمثل موقفها بكل مؤسساتها لأنه قرار منفرد سيؤثر سلباً في تماسك الحركة بل وقد يعصف بوحدتها.
وعن أسباب رفض الحركة هذا القرار، أجابت: "أولاً أن مسألة رئاسة عباس للحكومة المقبلة تتناقض مع القانون الفلسطيني الذي ينص على الفصل بين السلطات (سلطة الرئاسة وسلطة الحكومة)، وثانياً أن رئيس الحكومة يجب أن ينال الثقة أمام المجلس التشريعي". وتساءلت باستنكار: "هل أبو مازن على استعداد أن يقف أمام المجلس التشريعي لينال الثقة، إضافة إلى أن من المفترض أن يؤدي رئيس الحكومة القسم أمام الرئيس، فأمام من سيؤدي عباس القسم وهو رئيس؟".
ورأت المصادر أن ما حدث في الدوحة من اتفاق على تسمية عباس رئيساً لحكومة التوافق هو "التفاف على التوافق الفلسطيني الذي جرى في القاهرة، والذي أكد في ورقة المصالحة التي وقع عليها الكل الفلسطيني أن رئيس الحكومة الذي سيتم اختياره هو شخصية مستقلة، وأبو مازن رئيس لحركة فتح وليس شخصية مستقلة".
الى ذلك ذكرت صحفية" الحياة" أن حركة "حماس" هي التي رشحت في اجتماع الدوحة الرئيس محمود عباس لرئاسة الحكومة التوافقية، وأنه "لم يطرح اسم أي مرشح آخر في اللقاء الثلاثي" الذي ضم أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وعباس ورئيس المكتب السياسي لـ "حماس" خالد مشعل.
وأكد عضو اللجنة المركزية في "فتح"، مسؤول ملف المصالحة عزام الأحمد لـ "الحياة" أن "فكرة تولي عباس رئاسة الحكومة التوافقية طرحتها حماس في الجلسة الثلاثية الأولى، ووافق عليها الرئيس فوراً".
وأضاف: "انها المرة الأولى التي يوافق فيها الرئيس على هذا الاقتراح"، لافتاً إلى "أن الفكرة قديمة وليست جديدة، وكان الرئيس يرفض ذلك باستمرار، وأنا شخصياً بحثت الفكرة (في وقت سابق) مع الإخوة في حماس منذ سنتين وكانوا يترددون في قبولها، لكن بعد ذلك قالوا لا مانع".
وفي شأن موعد بدء تحرك عباس لتشكيل الحكومة الجديدة، قال: "سيطلع (الرئيس) الفصائل الفلسطينية على اتفاق الدوحة بعد عودته وسيشاورهم في أسماء أعضاء الحكومة، وذلك على هامش اجتماع لجنة منظمة التحرير الذي سيعقد في القاهرة في 18 الجاري وسيحضره أمناء الفصائل، وبينهم حماس والجهاد (الاسلامي)".
وسئل هل وُضعت معايير لاختيار وزراء الحكومة، فقال: "الاتفاق واضح، وستتكون من كفاءات وطنية مستقلة لا تنتمي إلى أي فصيل".
وعن رد الفعل الإسرائيلي - الأميركي الذي يتوقع الفلسطينيون تجاه اتفاق الدوحة، قال: "في تقديري أن أميركا وإسرائيل لا تريدان للشعب الفلسطيني أن يكون موحداً لأنهما اتخذتا من هذا ذريعة للتهرب من عملية السلام ولتبرير عدم تنفيذ قرارات الشرعية الدولية او حتى بنود خريطة الطريق".
وأكد: "حتماً ستكونان منزعجتين (إسرائيل وأميركا)، لكن رئاسة أبو مازن للحكومة ستسحب أهم ورقة من هاتين الدولتين في شأن اعتراضهما على أي حكومة بسبب سياساتها، فهما تتعاملان مع سياسة أبو مازن، خصوصاً أميركا، واللجنة العربية تمتدح سياسة الرئيس، ولا مبرر لهما الآن للحديث عن شروط الرباعية، والآن سحبت الورقة من أيديهما تماماً".