أزمات كثيرة تلك التي تُنغص حياة المواطن الغزي، ويأتي على رأس هذه الأزمات مشكلة الكهرباء التي تشكل حالة من المرض الدائم والصداع المزمن، فالكل بات يعرف مدى الضرر الذي تسببه هذه الأزمة للمواطنين على المستوى الاقتصادي، النفسي، والاجتماعي، فضلاً عن التلوث البيئي والسمعي الذي يرافق أزمة انقطاع التيار الكهربائي؛ نتيجة تشغيل مولدات الطاقة. هذا من جانب ومن جانب آخر لا تقتصر الأزمة فقط على الانقطاع الاعتيادي والمُجدول حسب كشوف الشركة، بل تتعدى ذلك لانقطاعات متواصلة بين الفنية والآخرى، فقد بات الضرر الذي يُخلفة الانقطاع المفاجئ للتيار الكهربائي، يؤثر بشكلٍ سلبي على الممتلكات الفردية للمواطنين، يقضم وقتهم، يُقلل مستوى انتاجيتهم، ويؤثر على أعمالهم وتجارتهم وجميع مناحي حياتهم. ليس هذا وحسب فلو فكرت في السير ليلاً عبر شوارع قطاع غزة الفرعية أو العامة مترجلاً أو راكباً سوف تشعر بالتنطيط تارة فوق وتارة تحت؛ لعدم قدرتك على تمييز المطبات الهوائية في الشوارع والحفر التي تكتظ بها الشوارع، فمصابيح الشوارع العامة في الغالب مُعطلة، ومفترقات الطرق في المناطق الخطرة التي تسبب الحوادث ليلاً تتبع جدول القطع القسري للكهرباء؛ مما ينذر بمزيد من الأخطار التي تهدد أمن وسلامة المواطنين على الطرقات، وإذا أضفنا إلى ذلك انقطاع التيار الكهربائي في فترة البرد القاسية التي مرت بها المنطقة خلال الأسابيع القليلة الماضية؛ والتي أدت إلى استخدام وسائل غير آمنه للتدفئة؛ مما أدى إلى هلاك بعض المواطنين، سوف ندرك مدى الخطر الذي تشكله هذه الأزمة ليس على مستوى تنغيص سبل العيش فقط بل على الحق الأصيل في الحياة ذاتها.
وعلى الرغم من هذا المستوى البدائي في تقديم الخدمة التي لا ترتقِ إلى معايير الجودة أو الحماية والسلامة الضرورية، فالمواطنين تحملوا ويلات الإقتطاع القسري من رواتبهم الشهرية، وأحياناً تخصيص البعض بالفصل العشوائي للتيار الكهربائي عن منازلهم، وتغريمهم مبالغ تقدر بعشرين شيقل من أجل إعادة توصيل الخط على الرغم من أنه لا توجد أسباب قانونية لهذا القطع القسري ورغم كل هذه الإجراءات غير المنطقية تقوم الشركة أحياناً بإلحاق الضرر بالمواطنين الذين أمَّنوا الشركة على حساباتهم البنكية من خلال إعطاء الأخيره الحق في استقطاع قيمة الاستهلاك مباشرة من الحساب البنكي ، حيث قامت الشركة بالعكس تماماً ولم تحترم خصوصية الناس وإمكانياتهم وتجرأت على سحب مبالغ مالية من الحسابات البنكية بدون وجه حق وفق كميات استهلاك غير دقيقة أو مثبتة في عداد سحب الكهرباء.
حيث تفاجأت اليوم بأن الشركة قامت بخصم مبلغ 26 دولار من رصيد حسابي بدل استهلاك يقدر ب 200 كيلو وات، على الرغم من أن القراءة الحالية للعداد الخاص بي أقل من ذلك بكثير، والجدير بالذكر والمستفز أن هذا الإجراء لم يطال شخصي فقط لنعتبره خطأً عابراً، بل طال الكثير من المواطنين الذين إلتقيتهم في الشركة للمراجعة؛ مما يؤكد أن نظم المتابعة الإدارية والجباية المعمول بها يشوبها الكثير من الأخطاء .
وعند مراجعة الشركة في هذا الأمر لم تقم الشركة بالإعتراف بالخطأ والإعتذار بالشكل المحترم، فلو فعلت لانتهى الأمر إلى هنا، ولكنها تصرفت بشكل مثير للقرف وهي تدورك مثل ثور في ساقية بين الداوئر المالية والفنية في الشركة، وكأن كل واحد منهم يحاول أن يتملص من الإجراء غير القانوني المُتخذ، ويلقي بالخطأ على قرارات مجلس إدارة الشركة. وأتساءل هنا أي مجلس إدارة هذا الذي يتعالى على القانون ويدير ظهره للمواطن ويقتطع من حساباتهم البنكية بدون وجه حق؟!. والمضحك والمبكي في آن، عند طلب إيقاف الفصل الآلي لفاتورة التيار الكهربائي نظراً لتكرر هذا الخطأ من قِبَلِ الشركة مقابل ضمان مالي يوضع في حسابها. لم تقبل الشركة بذلك وكأنها وحش لتوه تشبث بفريسته وقضم بفكية عليها؛ مما يعزز مبدأ الإبتزاز والتحكم في مصدر دخل المواطن. كل ذلك وأكثر ولم نسمع على حد علمي الشخصي مقضاة عادلة من قبل المواطنين للشركة ونتيجة الأضرار التي تخلفها وتلحقها يومياً بممتلكاتهم .
إن مجمل هذه الوقائع التي تحدث مع المواطنين، تقدم مؤشرات واضحة لمدى الضعف الذي يشوب النظام الإداري المعمول به، الذي لم يزل يرتكب الإخطاء تباعاً أثناء عمليات الجباية، أو أثناء تقديم خدمة توزيع الكهرباء حيث لم يزل أيضاً يؤكد على ضعفه في تطوير سبل جباية فعالة ومنطقية دون إلحاق الضرر بالمواطنين والعبث بأرزاقهم، بدون أي نوع من أنواع التفريق بين الملتزم وغير الملتزم، بين مَنّْ يدفع للتزود بالخدمة على الرغم من سعرها الباهظ وتدني جودتها وبين مَنّْ هم دون ذلك.
إنني بصفتي مواطن أتمتع بالحقوق المقررة دستورياً في التعبير عن الرأي ومقضاة أي شخص أو جهة تنتهك أي حق من الحقوق المنصوص عليها في القانون، أُحمل شركة الكهرباء المسئولية الكاملة عن هذه الإجراءات التي لا توجد أية ضمانات لعدم تكرارها، وأطالب الجهات المسؤولة والمُراقِبة لجودة الخدمات المقدمة للجمهور بالتحرك لحماية المواطنين من الإبتزاز وسلب الكرامة الإنسانية سواء من خلال جباية أموال من خلال الحساب البنكي بغير حق أو من خلال تغريم المواطن مصاريف إضاقية من مواصلات واتصالات لمتابعة الأمر مع الشركة، أو من خلال هدر وقته وتنغيص حياته اليومية التي يكفيها ما فيها من مآسي ومنغصات، فبدل أن تعمل الشركة على رفع مستوى المصداقية بين المواطنين وبينها، وتنير حياتهم وتسهل سبل عيشهم ، عملت بالمثل القائل: "جبنا الأقرع لينورنا قص حساباتنا في البنك وخوفنا".
بقلم الكاتب: أ. حسام شحادة - فلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت