على رغم الفرح الذي ساد أوساط الناس في غزة بالتوقيع على "اتفاق الدوحة" من قبل الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل، برعاية أمير قطر حمد بن خليفة أل ثاني، إلا أنهم شككوا في صدق ونوايا حركتي "فتح" و"حماس" بإمكان تنفيذ اتفاق المصالحة.
وعبر كثيرون عن غضبهم من توقيع الاتفاق في الدوحة وبرعاية أمير قطر، لما تقوم به قطر من دور سياسي "مشبوه" في المنطقة العربية، ينظر إليه كثير من الفلسطينيين بالشك، ويقولون إن هناك شبهة في التوقيع في الدوحة، ويتساءلون لماذا لم يتم التوقيع في القاهرة التي رعت المصالحة الفلسطينية منذ سنوات طويلة؟ وهل لذلك ثمن سياسي قدم للفلسطينيين؟ أم انه دعم وتعزيز موقف قطر على حساب مصر التي هي بحاجة لتحقيق انجاز يقوي موقفها داخلياً وخارجياً في ظل ما تعانيه بعد الثورة؟
وظهر على صفحات التواصل الاجتماعي الاستخفاف بامكان الطرفين تنفيذ الاتفاق على الأرض، كما أخذ الاستخفاف منحى آخر، خاصة من بعض أعضاء "فتح" الذين يخالفون الرئيس عباس الرأي وهو التندر عليه لموافقته ترؤوس حكومة التوافق الوطني وهو منصب جديد له، إضافة إلى المناصب التي يشغلها من رئاسة اللجنة التنفيذية للمنظمة ورئاسة السلطة واللجنة المركزية لحركة فتح والقائد الأعلى للقوات المسلحة.
وعلى المقلب الآخر، هناك غليان في قيادة "حماس" في غزة على موافقة خالد مشعل على إسناد رئاسة الحكومة للرئيس عباس، وتذرعت بأن سبب رفضها يعود إلى أنه مخالف للقانون الأساسي ويتناقض مع سياسة الحركة وتوجهاتها المختلفة عن سياسات الرئيس عباس وتوجهاته، علماً أنه لا يوجد في القانون الأساسي ما يمنع الرئيس عباس من رئاسة الحكومة، ويُعتبر التفافاً على توافقات القاهرة حيث نصت ورقة المصالحة على أن رئيس الحكومة يجب أن يكون شخصية مستقلة، وعباس رئيساً لحركة فتح وليس مستقلاً.
ولم يعد خافياً أن "حماس" في غزة ترفض ما تم التوصل إليه في اتفاق الدوحة بين عباس ومشعل الذي كان وحيداً في الدوحة، من دون مشاركة أي من قيادات الحركة في غزة أو على الأقل نائبه الدكتور موسى أبو مرزوق الذي اصطف إلى جانب قيادة الحركة في غزة، ويرفض أن يكون عباس رئيساً للحكومة.
وحسب أحد المسؤولين في الحركة الرافضين لاتفاق الدوحة أن "حماس" لم تكن موجودة في الدوحة، في إشارة إلى أن قيادة الحركة غير موافقة على الاتفاق، وأن الاتفاق لا يمثل الحركة لأنه اتُخذ بقرار منفرد من مشعل من دون العودة إلى قيادة الحركة، وهذا سيؤثر سلباً على وحدة الحركة وتماسكها بل ربما يعصف بوحدتها.
رفض "حماس" غزة للاتفاق الذي سربته جاء تحت ذريعة عدم قانونية تولي الرئيس عباس رئاسة الحكومة، لكن من الواضح أن هذا ليس السبب الحقيقي للرفض فالحركة يدور في داخلها جدل كبير منذ اللقاء الذي جرى بين عباس ومشعل في القاهرة قبل نحو شهرين وتم الاتفاق بينهما على الشراكة السياسية وموافقة مشعل على تبني "حماس" خيار المقاومة الشعبية، إضافة إلى عدم معرفة أحد من قيادة "حماس" غزة على ما دار بين الرجلين، ويُقال أن مشعل لم يطلعهم عليه.
ومن هنا ربما تعمقت الخلافات وبدأ ما يشبه مرحلة فقدان الثقة من قبل قيادة الحركة في غزة برئيس المكتب السياسي للحركة، وتعزيز الخلافات داخل قيادة الحركة، والسؤال هنا: هل إعلان الدوحة، إعلان اتفاق أو إعلان بداية الخلاف، لكن بإشكال جديدة؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت