فياض: نسعى لمشاركة الجميع في بلورة السياسات العامة

أكد رئيس الوزراء في حكومة رام الله الدكتور سلام فياض أن جلسات الحوار التي بدأت يوم أمس الأول أجمعت على عمق الأزمة المالية وعلى ضرورة أن تتحمل القطاعات المختلفة، وكل من موقعه وحسب مقدرته، قسطاً من المسؤولية في مواجهتها، ومعالجة تداعياتها، والتدخل عبر إجراءاتٍ محددة يجري التوافق حولها من أجل توفير السبل الكفيلة بالتغلب عليها.


 


وأشار رئيس الوزراء إلى أن الدعوة لهذا الحوار تأتي في إطار حرص الحكومة على الشراكة الكاملة مع كافة القطاعات في بلورة السياسات العامة، وكذلك حرصها أن يكون إطاراً ومنهجاً دائمين لتكريس الحكم الصالح والإدارة الرشيدة.


 


واعتبر أن الهدف المباشر من جولة الحوار الحالية هو التوصل إلى أوسع توافقٍ وطنيّ للتغلب على الأزمة المالية من خلال إجراءاتِ كفيلةٍ بتخفيض عجز الموازنة، وفي إطار تقاسم متوازنٍ للأعباء المُترتبة على هذه الإجراءات، وبما يضمن الاستمرار في توفير مقومات تعزيز قدرة المواطنين على الصمود والثبات على أرضهم، ومواجهة الأعباء الناجمة عن سياسات الاحتلال وممارساته.


 


وقال: " بالمناسبة كنتُ في تسجيلٍ مُتلفز بثه تلفزيون فلسطين وتلفزيون وطن، قد أكدت على أن دخل المزارعين الأفراد لن يخصع لضريبة الدخل، وأن التقاعد المبكر لن يُطبق بصورةٍ إلزامية. كما أوضحت كيف أن كل من يصل دخله إلى 170 ألف شيكل سنوياً لن يتأثر بالتعديل في قانون ضريبة الدخل، لا بل، فإن من يقل دخله عن ذلك يستفيد تصاعدياً من تخفيض العبء الضريبي وبنسبة تصل إلى 46% لمن يبلغ دخله السنوي 36 ألف شيكل ويُمكنكم مشاهدة هذا اليوتيوب في صفحتي على الفيسبوك".


 


جاء ذلك خلال الحديث الإذاعي الذي خصصه رئيس الوزراء هذا الأسبوع  حول الحوار الوطني لمواجهة الأزمة المالية، وسبل التغلب عليها، والذي بدأ أعماله يوم أمس الأول بعد استكمال الحوارات التمهيددية من قبل رئيس الوزراء مع كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والنقابية المختلفة، حيث أوضح في حديثه أن الحوار واللقاءات التمهيدية التي سبقته أظهرت درجةً متقدمة من الاستعداد لتحمل المسؤولية المشتركة من قبل القطاعات المختلفة، حيث تم تحقيق تقدمٍ جوهريّ إزاء إقرار الجميع بالأزمة المالية التي تُواجهنا وبضرورة أن تتحمل القطاعات المختلفة، وكل من موقعه وحسب مقدرته، قسطاً من المسؤولية في مواجهتها، ومعالجة تداعياتها، والتدخل عبر إجراءاتٍ محددة يجري التوافق حولها من أجل توفير السبل الكفيلة بالتغلب عليها، وقال:" لقد أجمعت هذه الحوارات على أنه، وبالقدر الذي يجب أن تستمر فيه السلطة الوطنية في تكثيف جهودها لوضع المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول المانحة والأشقاء العرب، أمام مسؤولياتهم لضمان تقديم المساعدات المالية لشعبنا وسلطته الوطنية، فإن جهوداً إضافية لا بد أن تُبذل كي يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية لوقف جميع الانتهاكات التي يتعرض لها شعبنا،  وضمان إنهاء الاحتلال الذي يُشكل السبب الأساسيّ لكل هذه المعاناة، ولكل ما يواجه اقتصادنا الوطنيّ من عراقيل جرّاء سياسات الاحتلال الإسرائيلي وممارساته التي تحُد من قدرته على النمو والتطور بكامل طاقته الكامنة".


 


وأشار فياض إلى أن الحوار أبرز أهمية ترسيخ نهج يقوم على الشراكة والتوافق على إجراءات تُساهم في تحصين القرار الوطنيّ الفلسطينيّ المستقل بكل عناصر القوة والمنعة لمواجهة أي ابتزاز. وقال: "نحن نشعر بثقةٍ عالية بأن هذا الحوار بدأ بخطواتٍ ملموسة في الاتجاه الصحيح أزاء القضية الجوهرية التي نحن بصددها".


 


وشدّد فياض خلال حديثه على أن المطلوب من الجميع، سواء من الحكومة أو القطاعات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، في هذه المرحلة، هو العمل على توفير كافة الإمكانيات والأدوات لتعزيز قدرة المواطنين على الثبات والبقاء على أرضهم، وتكريس نهج الانتقال من مجرد إطلاق الشعارات إلى الخطوات العملية  الكفيلة بتحقيق ذلك.  وقال: " إن تعزيز صمود شعبنا لا يُمكن أن  يظل  حبيساً للشعارات اللفظية وتصنيف شعبنا بين سلطةٍ ومعارضة، بقدر ما يتطلب الإسهام الملموس في توفير الإمكانات والسبل الكفيلة للقيام بذلك فعلياً، وعدم الاكتفاء بمجرد الدعوات المجرّدة واللفظية للصمود".


 


 وأكد  رئيس الوزراء إن الدعوة للحوار أتت في إطار الثقة الكبيرة والقناعة الراسخة بضرورة إعمال مبدأ الشراكة في بلورة التوجهات والسياسات العامة، والتغلب على الأزمة المالية عبر أوسع توافق وطني، وترسيخ هذا النهج من الحكم الصالح والإدارة الرشيدة في العلاقة مع مختلف القطاعات. وأشار إلى أنه كان قد اقترح في جلسات الحوار أن تكون مشاركة مختلف القطاعات إطاراً دائماً لتكريس هذا المبدأ.     


 


 وقال: "أتت الدعوة للحوار في سياق المكاشفة من أجل وضع الجميع في صورة الأوضاع المالية والاقتصادية التي تُواجهنا". وأشار فياض إلى أن ذلك يمثل في مضمونه دعوةً لتكاتف وتضامن الجميع من أجل توفير السبل والإمكانات الكفيلة بتجاوز الأزمة المالية، مع الحرص على ألا تمس الإجراءات التي يجري التوافق عليها بالخدمات الأساسية وخاصةً الصحة والتعليم وبرامج شبكة الأمان الاجتماعي، مع الحرص أيضاً على مراعاة أسس العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للعبء الناجم عن تلك الإجراءات، وأضاف: " نحنُ ندرك صعوبة هذه الإجراءات. ولكن عندما يكون الخيار بين ما يحب الناس أن يسمعوه، وما يجب أن يعرفوه،  فبالتأكيد فإن مسؤولية الحكم تُوجب علينا مصارحتهم بالحقيقة وبما يجب أن يعرفوه".


 


واعتبر فياض أن الحوار أبرز مدى الحاجة إلى استكمال العمل على بلورة وإقرار وسائل الحماية والضمانات الاجتماعية  من خلال استحداث نظام ضمان اجتماعي شامل واستخلاص رؤية تنسجم مع خطة الحكومة لتوفير القدرة المُستدامة لشبكة أمان اجتماعي مُتكاملة، وبما يُحافظ على نسيج المجتمع وبناء اقتصادنا الوطني وتعزيز عملية التنمية، مُشيراً إلى أن الحكومة اتخذت قراراً بتشكيل فريق وطني من كافة الأطراف لإنجاز هذا الأمر. هذا بالإضافة إلى أهمية متابعة تنفيذ أحكام قانون العمل فيما يخص الصحة والسلامة العامة، وعمالة الأطفال، وظروف عمل النساء، والاتفاق على الحد الأدنى للأجور، وغيرها من القضايا المُتصلة بمضمون السياسات الاقتصادية والاجتماعية الكفيلة ببلورة رؤية اقتصادية شاملة يكون عنوانها الرئيسي تعزيز صمود المواطنين، وضمان الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية والارتقاء بها، لا بل وتوسيع نطاقها وبما يشمل كافة المناطق المحتلة وخاصةً المناطق المصنفة (ج)، والقدس الشرقية وقطاع غزة، وكذلك تكثيف الجهود الرامية لبناء اقتصاد وطني قويّ قادر على مواجهة إجراءات وممارسات الاحتلال.


 


وفي ختام حديثه الإذاعي، أكد رئيس الوزراء على مواصلة العمل من أجل ترسيخ الشراكة في تحمل المسؤولية كمكونٍ إساسيّ في معركة البناء الديمقراطي، وبناء المؤسسات القادرة على النهوض بطاقات شعبنا من أجل الخلاص من الاحتلال، وتمكين شعبنا من العيش حراً كريماً عزيزاً وأبياً في دولة فلسطين المستقلة على حدود عم 1967، وعاصمتها القدس الشريف. وقال: " إنني على ثقةٍ بإننا، معاً، نرسم ملامح هذا المستقبل المُشرق لفلسطين ولشعبها الذي يستحق منّا ذلك كله".