محمد مصطفى يشخص الواقع الاقتصادي الفلسطيني والتحديات

 شخّص د. محمد مصطفى في لقاء الصحفي لنادي الصحافة في القدس الذي عقد في مقهى الكتاب الثقافي برعاية  مجموعة حمودة الاستثمارية الواقع الاقتصادي الفلسطيني والتحديات التي تواجهه والقيود التي تكبله والتي لا بد من التخلص منها لبناء اقتصاد فلسطيني مستقل  وقوي يعتمد على نفسه.


 


واستعرض د.  مصطفى الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار الفلسطيني مجموعة من المشاريع والبرامج التي ينفذها الصندوق في فلسطين عموما وفي القدس خصوصا . وتطرق الى عدة مشاريع وبرامج يجري العمل على تحقيقها في غضون السنوات  الثلاث القادمة وتشمل العديد من قطاعات التنمية في المدينة المقدسة وفي شتى مجالات الاستثمار والتنمية الشاملة . واجاب مصطفى على العديد من التساؤلات  والمداخلات التي قدمها الحضور.


 


مرحلة دقيقة


واوضح د. مصطفى في اللقاء الذي  اداره الاعلامي محمد زحايكة الرئيس التنفيذي لنادي الصحافة- نقابة الصحفيين الفلسطينيين  ان الاقتصاد الفلسطيني يمر في مرحلة غاية في الدقة ، فلا شك ان احد اهم اسباب  عدم قيام وانشاء دولة فلسطينية هو نتيجة للتعنت الاسرائيلي  وما يخلقه من امر واقع على الارض يحول او يحد من امكانية قيام هذه الدولة المستقلة . وبالتالي فان وضعا متأزما باستمرار يمنع قيام الدولة  مما ينعكس  بالضغط المستمر على الواقع الاقتصادي  الفلسطيني بحيث تصبح أولوياتنا هي  العمل ليل نهار لتأمين لقمة العيش والمعيشة .


 


واشار الى تعاطي السلطة الوطنية الفلسطينية والقطاع الخاص والمانحين مع هذا الواقع من خلال القيام بدور مهم  والمحاولة ضمن مجهودات كبيرة  لتحسين اداء الاقتصاد بشكل عام  الا ان الازمة الاقتصادية الحقيقية تتعدى ذلك ..! فالاقتصاد الفلسطيني لا يقوم اساسا على دعائم قوية مستدامة يمكن نقلها من مرحلة الى اخرى وصولا الى مستوى الاعتماد على الذات  بمعزل  عن دولة مستقلة ذات سيادة وحدود واضحة ومعترف بها دوليا .


 


واشار الى انه حتى يمكن لنا تقديم تشخيص صحيح كي نتمكن من استخدام الاليات المطلوبة والخروج من حالة التأزم  لا بد من اجراءات معينة تتمثل في التخلص من اعباء اتفاقية باريس الاقتصادية التي تكبل الاقتصاد الوطني الفلسطيني من خلال سيطرة اسرائيل على كل الموارد الطبيعية الفلسطينية من مياه وفضاء وحدود واراض وغيرها وبالتالي فانهم يحكمون السيطرة على السياسة الاقتصادية بالكامل. وهذه المنظومة جميعها تشكل وسيلة ضغط هائلة للسيطرة على مواردنا الطبيعية . وفي تقديري مهما ساعدنا المانحون فلن نستطيع ان نبني اقتصادا وطنيا قادرا ومستداما يؤسس لدولة مستقلة معتمدة على الذات بدون وضع حد لهذه السيطرة الاسرائيلية الكاملة. وعلينا ان  نعي ان جهودنا وقدراتنا في نهاية المطاف محدودة ومسقوفة بالاطار العام الذي يحدده الاحتلال. ولذلك لا بد من تغيير  هذا الواقع والبحث عن الاستدامة الاقتصادية من خلال تنشيط القطاع الخاص وخلق وضع تجاري افضل مع المنطقة العربية والدول الصديقة وهذا بحاجة الى اعادة نظر شاملة  .


 


رؤيا صندوق الاستثمار


وعن مسيرة صندوق الاستثمار الفلسطيني ، قال د. مصطفى "  في الخمس او ست سنوات الاخيرة كانت لنا رؤيا لدور الصندوق في الاقتصلد الفلسطيني .. فالصندوق هو ملك للسلطة والشعب الفلسطيني ومهمته تنمية وتطوير على اسس وطنية .. ولكنه ليس وزارة او دائرة  حكومية ولا مؤسسة ربحية  ، الا انه  مطلوب منه تحقيق عائد للمستثمرين .. فكان لا بد من رؤيا تزاوج بين هذين الامرين.. وكانت  المهمة الاساسية الدخول في شراكات استراتيجية مع مستثمرين اساسيين والمساعدة في تفعيل دور القطاع الخاص الفلسطيني وتقليل المخاطر عليه حتى يأخذ دوره الاستراتيجي والطليعي في عملية التحول الاقتصادي خلال السنوات الماضية حيث استطعنا تحقيق بعض هذه الاهداف .. منها ارساء مجموعة من الشراكات لمشاريع اقتصادية كبيرة مما شكل اضافة نوعية في تقديم خدمات للمواطنين الفلسطينيين في قطاعات الاتصالات والعقارات على سبيل المثال. وفيما يتعلق بالهدف الثاني وهو العائد من الاستثمار الذي تظهره البيانات والكشوفات المالية على الاقل خلال السنوات السبع الاخيرة ، حيث استطاع توزيع ما قيمته 650 مليون دولار ارباح للمساهمين. فقد تم ترجيع 590 مليون  دولار لوزارة المالية الفلسطينية خلال هذه الفترة بالاضافة الى مجموعة الاصول البالغ قيمتها 830 مليون دولار  لتصل قيمتها اليوم مليار ونصف دولار وهذا انجاز كبير في اعتقادي.


 


واضاف انه الى جانب المشساريع الاستراتيجية والشراكات وتحقيق العائد الاستثماري المناسب ضمن درجة مخاطرة مناسبة .. فقد اعتمدنا سياسة الشفافية والحوكمة حيث تغيرت الصورة بشكل كبير من خلال العمل الدؤوب في اعطاء هذه المعايير اهمية كبيرة واجراء تدقيقات حسابية سنوية سواء في اطار الهيئة العامة المكونة من  30 شخصا في مقدمتهم السيد الرئيس والتعاون مع  ديوان الرقابة الادارية والمالية للتدقيق على اعمال وحسابات الصندوق. وتشير شراكاتنا الى ان نظام الحوكمة والشفافية لدينا تميز  بأداء ممتاز مما شجعهم على مواصلة التعامل مع الصندوق بارتياح ، ليتوج ذلك في تقرير البنك الدولي لتقييم  اداء السلطة الوطنية بشكل عام الذي خص بالذكر الصندوق بالقدرة على التنمية  الاقتصادية الشاملة وترسيخ مبادئ الحوكمة والشفافية .


 


برامج ومشاريع الصندوق


وبالنسبة لمشاريع والبرامج المستقبلية التي تغطي السنوات الثلاث القادمة اعلن د. مصطفى ان الادارة التنفيذية اعدت اربعة برامج لنقل الصندوق الى مرحلة مختلفة ونقلة نوعية وفي مقدمتها برامج خاصة بمدينة القدس وقطاعات الصناعة والزراعة وقطاع غزة ومشاريع صغيرة او متناهية الصغر الى جانب البرامج القائمة في قطاعات العقار والاسواق المالية الفلسطينية.


 


القدس: رغم التعقيدات   التي تمر  بها البيئة القانونية والاستثمارية في القدس  الا ان الصندوق اطلق عدة برامج ومشاريع منها شركة القدس القابضة التي قطعت خطوات جيدة ، حيث يعتبر الصندوق المساهم الاكبر فيها بنسبة 25% من رأسمالها ورغم البدايات الصعبة الا  ان القدس القابضة موجودة فعليا على الارض وهي بدأت تستثمر في قطاعات متعددة في المدينة المقدسة. وهناك شراكة اخرى مشابهة  عبارة عن صندوق استثماري اخر للشركات الصغيرة في القدس برأسمال عشرة ملايين دولار للمساهمة والاستثمار في الشركات المتوسطة والصغيرة حيث ينطبق هذا بنسبة كبيرة جدا على واقع حال الشركات في المدينة. والباب مفتوح للجميع للمساهمة وفق المعايير المتعارف عليها. والبرنامج الثالث هو اقراض الشركات الصغيرة الذي اوكل للمؤسسة الفلسطينية المصرفية لاداراته بالنيابة عن الصندوق والبرنامج الرابع الاقراض العقاري في القدس وهو قيد البحث والتطوير من خلال حوار جاد مع مجموعة البنوك الفلسطينية وبنك التنمية الاسلامي لايجاد آلية اقراض ملائمة . وهناك آلية اخرى نعمل على اضافتها لمحفظة الصندوق وهي الاقراض للمشاريع المتناهية الصغر التي نعتبرها وسيلة جيدة للتوظيف من خلال تقديم قروض بقيمة خمسة الاف دولار لمشاريع فردية بميزانية خمسة ملايين دولار مما يخلق 1000 مشروع يمكن  من المساهمة في تحسين وضع الف اسرة مقدسية. وهذه بداية جيدة على الطريق الطويل وهي خطوة الى الامام.


 


ونوه د. مصطفى الى مشروع فندق غولدن غيت في الشيخ جراح الذي استثمر فيه  35 مليون دولار وهو جاهز للانطلاق قريبا ويمثل نقلة نوعية على مستوى المشاريع الكبرى.


 


برنامج ضمان القروض:


وتطرق الى برنامج ضمان القروض الذي تشارك فيه تسعة بنوك محلية وأخرى دولية بضمان قيمته نصف مليون دولار يشمل 85 مشروعا يوفر خمسة الاف فرصة عمل  حيث تغطي الضمانات قيمة 280 مليون دولار .


 


صندوق النمو الفلسطيني:ويشمل ابراج كييتل الامارااتية بالتعاون مع شركة صندوق الاستثمار ومستثمرين اخرين من الخارج ،  المتوقع ان يبلغ رأسمالها مع  نهاية العام 50 مليون دولار. ومن المقرر ان تغطي تمويل 25 مشروعا متوسطا في مجالات التعليم  والزراعة .


 


صناديق استشارة متخصصة: وسيتم اطلاق صندوقان للاستثمار متخصصة في القطاعين الزراعي والصناعي  من خلا ل الدخول في اسستثمارات مع اصحاب مشاريع من خلال شراكة على اسس واتفاقيات معينة في هذا السياق. ومن خلال مشاريع زراعية ذات جدوى في مختلف انحاء فلسطين . وبالنسبة للصناعة ورغم كلفة الانتاج الصناعي ومحدودية المنافسة مع المنتجات العالمية التي تغرق السوق المحلية حيث يواجه قطاع الصناعة المحلي تحديات كبرى الا ان هذا القطاع مهم ولا بد من الاستثمار فيه وتقديم المساعدات الفنية لدعم الشركات الصناعية تكنولوجيا  وفنيا.


 


صندوق خاص بغزة: وهو جاهز واتفاقياته معقودة وموقعة بانتظار اطلاقها في الوقت المناسب لتنمية وتطوير الشركات في قطاع غزة.


 


 مشاريع صغيرة جدا في الضفة وغزة : من خلال اقراض شركات صغيرة مثل مؤسسة فاتن واصالة وغيرها وبالتعاون مع سلطة النقد التي تعمل على اعادة هيكلة هذا القطاع من خلال الطلب منه زيادة رأس ماله ومنحه التراخيص اللازمة  ونحن سنعمل على مساعدتهم في ذلك وتوفير السيولة اللازمة لاقراض الراغبين . مع مراعاة تأمين عملي لضمان قروض البنوك لتقديم قروض اكبر وتقديم تسهيلات في هذا المجال والاستثمار معهم في زيادة رؤوس اموالهم . وهي تجربة ناجحة ووسيلة جيدة للحد من البطالة المخيفة وتخفيف العبء عن السلطة الوطنية من خلال تقديم وسائل لتمكين المواطنين انفسهم من خلق فرص عمل لهم ..  هذه  ابرز الملامح لخططط ورؤى صندوق الاستثمار الفلسطيني.


 


مشاريع اسكان في القدس : وطالب المهندس ورجل لاعمال سامر محمد  نسيبة بارادة سياسية قوية للعمل في القدس خاصة في قطاع الاسكان حيث ان هناك مستثمرين على استعداد لبناء مئات الوحدات السكنية المطلوبة بشكل ملح وسريع ولكن لابد  من حملة ضغط سياسية كبيرة على الجانب الاسرائيلي للتساهل في منح التراخيص واتاحة الفرصة البناء للفلسطينيين  في القدس الذين يعانون من ضائقة سكنية رهيبة.


 


ردود : واجاب د. مصطفى على بعض الاستفسارات والتساؤلات للمداخلات  بالقول: أنه تم تقريبا الاتفاق على آلية للاقراض الاسكاني في القدس مع عدد من البنوك الفلسطينية . ودعا السلطة الوطنية إلى إعادة النظر في أولوياتها في دعم المشاريع وخاصة الإسكانية في القدس والتركيز على فتح آفاق استثمار في مجالات جديدة مثل الهايتك والمشاريع التي تفتح سبل العمل والتوظيف امام الايدي العاملة واحداث قفزة نوعية وتغيير شاملة  في المعادلة الاقتصادية والاستثمارية الفلسطينية . وضرب مثلا على التشسوه البنيوي الهيكلي الذي خلقه الاحتلال الاسرائيلي فيما يخص القطاع الزراعي على سبيل المثال  من خلال اغراق الاسواق الفلسطينية بالمنتجات الزراعية الاسرائيلية والسيطرة  على البحر والمياه ووضع العقبات امام التصدير الى الخارج وحاجتنا الى استثمار زراعي مختلف مشيدا في هذا السياق بالمشاريع الزراعية في مجالات الاعشاب الطبية وتمور المجول المتميزة والمختلفة والرائدة في مجال الزراعة غير التقليدية والمجدية . وقال ان التعليم مترهل وهو بحاجة الى برامج خلاقة لانه الميزة النسبية لنا كفلسطينيين نحتاح الى نظام تعليمي مختلف ومتطور  .


 


 واكد انه لا بد من التخلص من اتفاق باريس الاقتصادي الجائر والظالم . وانه ليس في وارد الصندوق انشاء فضائية  فلسطينية اخرى .


 


وأيد التركيز على الحد من القيود المفروضة  فلسطينيا  في بعض مجالات الاستثمار وطالب باطلاق عملية التدريب المهني لخلق الكوادر المهنية والفنية لادارة مشاريعنا في شؤون حياتنا المختلفة.وفي مختلف التخصصات .


 


 وختم .. يجب معرفة الى اين نتجه باقتصادنا الفلسطيني مستقبلا  والتخطيط جيدا لمعرفة مصادر القوة والنمو  فيه والتركيز على الخدمات في القطاعات  العصرية ، كالانترنت والتكنولوجيا والسياحة بمفهومها الحديث والعصري وبرامج  الصحة والادوات الطبية  العصرية او ما يسمى بقطاع الخدمات الذكية.


 


وفي نهاية اللقاء تم تكريم د. محمد مصطفى الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار الفلسطيني على هامش لقاءٍ الذي ينظمه نادي الصحافة المقدسي – نقابة الصحفيين الفلسطينيين في مقهى الكتاب الثقافي التايع للمكتبة العلمية حيث تم تسليمه درعا تقديريا لمساهمة الصندوق  السنوية في دعم استمرار نادي الصحافة  وفعالياته الاعلامية والثقافية.


 


واعرب الاعلامي محمد زحايكة الرئيس التنفيذي  لنادي الصحافة  عن شكره وتقديره للمساهمة السنوية التي يقدمها الصندوق لدعم النادي والعديد  من المؤسسات المقدسية الاخرى للحفاظ على وجودها وتفعيل دورها في خدمة مدينة القدس كل في مجالها .