مما لا شك فيه أن لكل امة رموز دينية تحتل أعلى درجات التقديس والتقدير لما لها من أهمية في حياة الناس، وتسعى هذه الأمم دائما للحفاظ على رموزها بكل الطرق مهما كلفها ذلك من ثمن، ونحن والحمد لله لنا أماكن دينية لها من القدسية الدينية ما تجعل الجميع يضحى بنفسه من أجل أن يراها حرة وعزيزة وكريمة .
إنها القدس التي تسكن رغماً عنها في بطن الحوت الذي يذيقها سوء العذاب في كل لحظة، ويمارس كل ما لذ وطاب له من جبروت وقهر بحق مقدساتها ، ويتفنن في ابتكار الأزمات ويضعها أمام أبناء القدس ليجعلهم عاجزين عن التفكير فيما يعيشونه من ألم .
ولأن الزمن يلعب دوراً هاماً في صياغة الواقع ، فقد تمكن العدو الصهيوني من صناعة خارطة جغرافيا جديدة ووضع بموجبها كل الفلسطينيين في مأزق كبير لتحقيق أهداف سياسية، ويغتال عفة المقدسات وبحراسة دولية، مستثمراً انشغال الفلسطينيون بخلافاتهم الداخلية، فلا ينكر أحد أن الانقسام كان صعباً وقاسياً على القضية الفلسطينية وخاصة مدينة القدس، ففي مرحلة الانقسام استطاع العدو الصهيوني تمادى العدو في تنفيذ الأنشطة الاستيطانية وبناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية، وتهويد القدس وتشويه واقعها، هدم بيوت المواطنين واستكمال بناء جدار الفصل العنصري وإقامة منظومة من المعازل وبناء العشرات من الحواجز في الضفة والاستمرار في تشديد حصار قطاع غزة، وما بث
الإعلام الصهيوني للفيلم الذي يزور الحقائق التاريخية المتعلقة بالأماكن المقدسة، وخاصة في مدينة بيت لحم والقدس المحتلة، إلا هو حلقة في مسلسل صهيوني لا يفرق بين مسلم ومسيحي.
لكن الآن وبعد أن بدأ الانقسام يلتقط أنفاسه الأخيرة في قطر، لابد من اتخاذ المزيد من الإجراءات التي تعزز من صمود القدس وأهلها، وتقديم كافة أنواع الدعم المالي والمادي والمعنوي والسياسي والإعلامي، ولنعمل جميعا من أجل القدس التي لن تغفر لنا تقصيرنا بحقها، ولنعلم أيضا أن عودة القدس لا يكون بالأماني والشعارات وإنما يكون بالوحدة الوطنية والإسلامية وتنسيق الجهود والمواقف بين كل المسلمين، ولنستمع للشاعر احمد فهمي خطاب في نداء القدس إذ يقول :
للقدس يا امة الإسلام يا عرَبُ توحدوا.... ضد هذا البغي واعتصبوا
إن اليهود... إذا عدتم لوحدتكم لايقنوا أنكم رأس... وهم ذنب
فوحدتكم صفكم من فوركم تجدوا عتائهم... مسهم من بأسكم نصَبُ
وعندها... يعرف الأعداء أنهم أخف من ريشة في الجو تضطرب
وفي هذا الكلام دليل واضح على أن القدس لا يعيدها المتفرقون بل يعيدها الذين يتوحدون من اجلها متسلحين بإيمانهم بالله ، وبضرورة بذل الغالي والنفيس من اجلها، فهي المقدسة والمباركة بنص القرآن الكريم والسنة النبوية وهنا يقول شاعر أخر" لِلهِ دَرُّكَ مِنْ بَيْتٍ لَهُ شَرَفٌ، نَالَ الرِّيَادَةَ تَقْوَى اللهِ أصَّلَهَا، فيا أيها العرب والمسلمون حرروا أنفسكم من الأماني الفارغة كي تحرروا قدسكم من قبضة الاحتلال، فالقدس تشتاق لمن يحررها ويعيد لها الكرامة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت