أن ضعف القضية الفلسطينية الان على المستوى السياسي والأمني، هو نتيجة التفرد والهيمنة الأمريكية سياسيا وعسكريا في المنطقة وعلى المنظومة الدولية، ومن خلال حماية ورعاية إسرائيل وخياراتها ورغباتها، لكي تستمر في لعب دروها الوظيفي في المنطقة، والذي يدفع الفلسطينيون ثمنه كل دقيقة وكل ساعة يوما وعلى مدار اكثر من 80 عام، من خلال القتل الممنهج والتصفية والاعتقال والتهجير لشعب مستمر في غضبه وثورثه ونضاله .
إذن متى نتناغم مع هذا الربيع العربي في ثورة شعبية سلمية شاملة، كيف لا ونحن اول ما انتج هذا الربيع العربي المعاصر من خلال تفجير هذه الثورات الفلسطينية المتلاحقة والتي أعادت صياغة الهوية الفلسطينية والروح الكفاحية لشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية، واعادة لشعوب العربية عزتها وكرامتها في أول مواجهة مسلحة مع العدو في اغوار الاردن وجبال السلط ، بعد ان مزقها الاستعمار وحدد مصير شعوبها وابنائها في ظل معادلة جديدة اسرائيل فيها تلعب دور النمر الوحيد في المنطقة .
لذلك لا عجب أن نرى فلسطين حاضرة في قلب وميادين الأمة العربية الغاضبة، وهذا الربيع العربي الساخن .
صحيح اننا ليس على سلم أولوياته بسبب الفشل والإحباط الممنهج في فكر وثقافة الشعوب واحلال الفقر واسقاط خيارات التنمية لصالح ثقافة الاستهلاك والكسل وشل الأمة ومصادرة ثرواتها، برسم هذه الأنظمة التي كبلت الجماهير العربية عبر تكريس سياسات اقتصادية غربية نحن نلعب دور التابع والمستهلك لترف الغربي ،بعد ان غيرت أولوياتنا القومية والوطنية واستباحت دماء شعوبها وسحقت منظومة القيم والأخلاق العربية والإسلامية الأصيلة .
إن الربيع الفلسطيني الثاني الذي الثورة الفلسطينية المعاصرة وقاتلنا فيه بديلا عن الأمة العربية والإسلامية، وطورنا برنامجها النضالي والكفاحي بما ينسجم مع اهدافنا وامكانياتنا الوطنية، وادارنا الصراع في المنطقة بامكانيات بسيطة تكاد ان تكون معدومة ، لكننا حافظنا على ان تكون المواجهة جاهزة دائما لمواجهة هذا المارد الصهيوني، بما يضمن الحفاظ على حقوقنا ورغبات شعبنا وتطلعاته العادلة في التحرر والاستقلال .
لقد حافظت الثورة الفلسطينية المعاصرة على عهد الشهداء وصانت الوعد لهم في بيروت وصيدا وطرابلس وغزة ورام الله ونابلس وفي كل مكان يتواجد بة هذا العدو المتغطرس وعبرت لفلسطين بمشروعها السياسي، الذي ستكون الخسائر به باهظة الثمن، بين ترسانة العدو العسكرية والمتطورة والمتعطشة لدمنا وارضنا ومقدساتنا .
لكي نعيد انتاج هوية الفلسطينية بعد ان تاهت في المنافي والشتات ولنثبت حقوقنا السياسية والوطنية في العالم، بعد ان كان الفلسطيني يعامل في المطارات العربية والغربية كأنه جسم مشبوه، وكان يقال لنا بان الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت .
اما الربيع الفلسطيني الثالث الذي بدأت فتح تقوده من خلال هذا الحراك الدولي في الأمم المتحدة لكسر المعادلة الدولية والتي تتزعمها أمريكا وتساوي فيها بين الضحية والجلاد .
إن لا يمكن ان يتحقق إلا من خلال تحقيق الوحدة الداخلية الفلسطينية وتطبيق المصالحة والوفاق والشراكة الوطنية، وإعادة تقييم وصياغة الحراك الدولي بمعادلات وتحالفات جديدة، ومقاومة شعبية سلمية ممؤسسة ومسيطر عليها، وتكريس مشروع الانتخابات في حياتنا الداخلية ومشروعنا السياسي كممارسة ونهج هو أروع انجاز حقيقي لتطبيق الديمقراطية الفلسطينية، كخيار استراتيجي لنا لتداول السلمي للسلطة، وتحقيق رغبة الجماهير في ممارسة حقوقها السياسية والوطنية بغض النظر عن النتائج حتى لو كانت ملتحية أولا، فالفاشل حتما سيحاكمه الشعب في صندوق الاقتراع .
ففتح تعلم جيدا بأن الفصل الأول في الربيع الفلسطيني القادم، هو من خلال الثورة الشعبية السلمية الوطنية الشاملة وبوتيرة واحدة، تقلب الموازيين وتصوب الاتجاهات .
إذن متى ينطلق هذا الصاعق الفلسطيني في انتفاضة شعبية سلمية شاملة تعيد ترتيب الحروف والأرقام بعد أن اقتنعت كل القوى الاسلامية وعلى رأسها حماس بصوابية هذا التوجه وهذا المنطلق الذي يتبناه أبو مازن وتقوده فتح والقيادة الفلسطينية،وتحدث به الرئيس ابو مازن علنا عندما قال: بان الربيع الفلسطيني قادم، السؤال هو متى ؟؟ أذن نحن بانتظار هذه اللحظة التاريخية والتي حتما ستكون لها مبرراتها، وإبداعاتها .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت