خضـــر عدنـــان إنتصار اللحم على السيف/عكرمة ثابت

 


لا زال شامخا يشّرع جناحيه للريح ويسرج الجسد على أضواء الإرادة ويعلو الى كبد السماء ... إنه الأسطورة الخالدة في ضمير الشعب وذاكرة الذين سبقوه في الدرب الطويل ... هكذا يعلو فوق سماءنا لنرى فيه عبدالقادر ابو الفحم وعلي الجعفري وراسم حلاوة واسحق مراغه وأنيس دولة وعمر القاسم وتحسين حلبي ، ذاك القاصيوني ، القادم على جواده من سهل حوران .


كم هو جميل هذا " الخضر العدناني " عندما يعلن الحرب على قوانين الاعتقال الإداري ويقف وحيدا منذ ما يقارب الشهرين – وبامعائه الخاوية -  ليقاوم عدم شرعية إعتقاله !!! وكم هو صامت في رحلته الخالدة وكأنه يحاكي سيدنا موسى في مسيرته الإلهية الصامتة التي تعلو فيها الروح على الجسد ويمتشق المناضل سلاحا آخر هو وحدة المعاني التي من أجلها نضحي بأنفسنا ، ومن أجلها نخّضر ونزهّر كشجيرات لوز على قبر شهيد .


يا أنت المحّلق في كل سماء ويا أنت الرافض قيد السجان ورغاء الدهماء ... يا إبن المروج الخضراء وجنين القسام وفلسطين الشهداء ... ها نحن نراك عاليا وكلما إرتفعت غربانهم للنيل منك ، تنظر اليها من الأعلى بسخرية وإستهزاء ، وتمضي بطريقك وكأنك ذاك النبي المصلوب بالجثمانية أو ذاك الساري على براقه الى السماء العلا .


كم أنت شبيه بالذين مروا من على هذا التراب الطاهر وفتحت لأجل أرواحهم الشريفة أبواب السماء ... وكم نحن في رحلتك محزونون ، فالزمن زمن العظماء أمثالك ، الذين لا ينظرون خلفهم ولا يعدون مقاعد المتفرجّين ... فسر الى نجمك وكن كما أنت واثق من النصر ... إقرأ على نفسك ما تيسر من القرآن وترحّم  على الذين ينتظرون !!! فقد أصبحت أيقونة فلسطين والعلم الذي يمتزج باللحم والجوع والصبر الطويل ... لم تيأس ولم نيأس نحن من جوعك ، فقد أصبح فكرة بعد أن كان صخرة تتحطم عليها أحقاد المجرمين والمحتلين  فأنت الفكرة التي لا تموت والضمير الباقي في عالم الكفاح والثورة .


أنت " الخضر المخضّر "  في عروق الأرض وضفاف البحار وأنهار الوديان ... صف من النخيل وأشجار الصنوبر وسهول من الزيتون الفلسطيني ترتفع في موكب واحد على كفك البيضاء وتسبّح في ضميرك " بسم الله القهار ... بسم الله الجبار ... بسم الله الغفار " ، ثم بسم الشهداء الذين ينظرون اليك من عليّين فرحين برجولتك الحية وفرحين فيما زرعوا في ارضنا فلسطين ... هنيئا لك هذه الارادة الفذة وهذا الصمود البطولي ... هنيئا لك هذا الصبر والجوع المنتصرعلى قهر السجون وعذابات ليلها المرير ، فاليوم وانت تقتحم شهرين من صلف السجان وعنجهيته لتحطمهما مرفوع الهامة شامخ الجبين دعني اردد مقولة شاعرنا الراحل الكبير محمود درويش " خطوات أحبابي انين الصخر تحت يد الحديد ... وانا مع الأمطار ساهد عبثا أحدق في البعيد ... ساظل فوق الصخر ... تحت الصخر ... صامد " ، ففي يوم انتصار كرامتك على جوعهم وقهرهم سأقرأ عليك بحروف أسمك الظافرة ما تيسر من أشعار هذا الشاعر الخالد  :-  


 خذيني أمي إذا عدت يوما وشاحا لهدبك وغطي عظامي بعشب تعّمد  من طهر كعبك ...


ضعيني إذا ما رجعت وقودا بتنور نارك وحبل غسيل على سطح دارك لاني فقدت الوقوف بدون صلاة نهارك..


 رائحة الأرض توقظني في الصباح المبكر ، قيدي الحديدي يوقظها في المساء المبكر .. هذا إحتمال الذهاب الجديد الى العمر ....


على هذه الأرض ما يستحق الحياة ... نهاية ايلول وساعة الشمس في السجن ....


دقات الساعة تقضم عمري ثانية ثانية وتقصّر ايضا عمر الليل ..... 


نحن الذين أتوا لكي يأتون وينتصروا ... رمتنا الكاهنات بشمال غربتنا .... 


أصوات أحبابي تشق الريح ، تقتحم الحصون ... يا امنا انتظري أمام الباب ... إنا عائدون 


نصف دائرة ترجع الخيل قوسا ويلمع وجهي ووجهك حيفا وعرسا ...


الحرية لاسرى الحرية                                            

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت