كلمة حق..التحكيم في فلسطين/ سليم شراب

بقلم: سليم شراب

مما لاشك فيه أن نزاهة ابن فلسطين في مجال التحكيم في الملاعب الرياضية أكبر من الشبهات وان كانت هناك من الوقائع والاحداث قد تثير الشكوك لكنها لاتخرج عن كونها أخطاء وقعت بدون قصد أو تعمد مستهدف .


 


يعتبر كل من الحكام والعملية التحكيمية للمباريات في مختلف الألعاب وعلى رأسها كرة القدم من أهم عوامل نجاح هذه اللعبة وتلك وانتشارها , وتفوق دولة عن أخرى قاريا وعالميا , لذلك نجد في الدول المتقدمة رياضيا وكرويا اهتماما منقطع النظير بتأهيل الحكام وتدريبهم وتحفيزهم .


 


هناك معاهد مخصصة توفر دورات في مجال التحكيم , وأثناء حياة الحكم الرياضية نجد الجهات المعنية تراقب باستمرار وعن قرب مستوى كل من الحكام المعتمدين , وتوفر لهم دورات تدريبية مختلفة حسب احتياجاتهم الفنية منها والبدنية , بل وحتى النفسية التي لن ننتبه إليها فلسطينيا حتى اللحظة , وان كنا لانهتم بتطوير مهارات الحكام ورفع منسوب لياقتهم فكيف لنا نلقى باللائمة على القضايا النفسية .


 


والاهتمام بالتوعية النفسية من شأنه أن يزيد من ثقة الحكم وقدرته على التأثير واتخاذ القرارات وحل النزاعات , وتوفر الدول المتحضرة رياضيا وكرويا امتيازات ورواتب عالية للحكام لزيادة دافعيتهم وولاءهم للعبة ورفع مستواهم .


 


وفى بعض الدول قد يصل اجر الحكم في مباراة واحدة ذات حساسية وطابع خاصين إلى ثلاثة آلاف دولار وأكثر أحيانا , بالإضافة إلى تكاليف التنقل والإقامة .


 


كل هذا يزيد من قدرات الحكام هناك وثقتهم بأنفسهم وثقة اللاعبين بهم , مايمكنهم من إدارة مبارياتهم بكل اقتدار ومسئولية مهما كانت درجة حساسية المباراة وأهميتها , وهذا بالتالي يؤدى إلى الرقى بمستوى اللعبة وتطور أداء ومراتب المنتخبات الوطنية .


 


وقد لاتتوفر لحكامنا منذ أن يدخل الواحد منهم لعالم التحكيم إلى أن يعتزل , ما لايصل لعدد أصابع اليد الواحدة من دورات تدريبية للعمل على رفع مستواه أو المحافظة عليه على أقل تعديل إن كان الحكم متميزا  , وهنا نلاحظ قصور الجهات المسئولة عن الحكام في فلسطين , وقصور في عملية تحفيز الحكام ماليا , فالحكم الذي يتقاضى مائة شيكل عن المباراة لن يرتقى الى المستوى المطلوب من الإبداع وبذل الجهد .


 


وقد يقول قائل : " إن العين بصيرة واليد قصيرة " ونقول أن الأيدي ذات أطوال متقاربة , من يسعى  للحصول على امكانيات مالية يمكنه ذلك , وهذا بالطبع يحتاج إلى جهد غير طبيعي خاصة في ظل ظروفنا الاقتصادية التي نحياها على الصعيد الاهلي أو الرسمي , كما أن هناك تقصير أيضا فى مجال أعداد حكام جدد , ففي غزة مثلا تعقد دورة للحكام الجدد كل سنتين وأحيانا إلى أكثر من ذلك , ومن كل دورة يستمر ثلاثة إلى أربعة حكام فهل هذا معقول ؟ طبعا لا !


 


ومن ناحية أخرى هناك جمهور المتابعين والمشجعين والذي له دور كبير في إخماد شعلات الحماس في حكامنا وفى زيادة درجة احباطهم , هذا الجمهور الذي يريد كل منهم قرار الحكم على هواه , وان لم يكن كذلك لن ينجو احد من ذرية هذا الحكم المتطوع من سباب , قد يصيح الجمهور صيحات استهجان واستغراب كردة فعل على قرار خاطئ لحكم ما .


 


وفى دول الجوار قد يتطور الأمر ليصل إلى " العبيط أهو " ولكن أن يتم لعن الحكم وسبه هو وعائلته ومن رباه , ودينه بأعلى الأصوات فهذا مايجب العمل على إيقافه , حتى ولو تطلب الأمر وجود شرطة آداب داخل المدرجات للحفاظ على كرامة واحترام حكامنا المظاليم عمليا .


 


وقد يمتد الأمر إلى أن يقوم اداريو ومسؤولو الفرق بسبب الحكام وشتمهم , وما من عقوبة بحق أحد ما إلا إذا قام بضرب الحكم والاعتداء عليه , حينها يتم فرض غرامة مالية قد تصل في أقصاها إلى مائة دينار أردني , وكأنهم يقولون للناس بان دية ضرب الحكم الفلسطيني مائة دينار كحد أقصى ,فلا تترددو بضربه إن هو أخطأ .


 


والغريب أن الشتيمة تتوجه حتى إلى أفضل حكامنا محمد الشيخ خليل  مثلا حكم قدم معروف , وعلى مستوى عالي من الكفاءة والاقتدار , إلا انه يسب من قبل الكثير من الجماهير , إن لم تكن قرراته على هواهم , والشيخ خليل ليس ملاكا , بل هو عرضة للخطأ مثل غيره , ولكننا نؤكد أن لجان الحكام العربية والدولية لا تستدعى حكمنا الدولي محمد الشيخ خليل لسواد عيونه أو لأنه فلسطيني , أو من سكان قطاع غزة , بل لأنه حكم كفء يهتم بنفسه وينمى مهاراته ومعلوماته ويحافظ على مستواه ولياقته , كل هذا ومنا من يقول   "ملعون من أعطاك الشارة الدولية " .


 


نلاحظ هنا يوجد تجنى كبير على الحكم الفلسطيني , فنجزم بانه مظلوم , وفى نفس الوقت نرى أن غالبية الحكام الفلسطينيين ظالمون لأنفسهم , كيف ؟َ ! والواحد منهم يعتقد أن دورة الثلاثين ساعة التي تقدمها الجهات المسؤولة لهم , ربما بالإضافة لدورة أخرى قد يتم توفيرها في العمر مرة أو مرتين , هي نهاية تحصيل علوم وفنون التحكيك , فنجدهم في غالبيتهم العظمى لا يعملون على بذل جهود ذاتية للارتقاء بمستواهم ومتابعة مايدخل عالم التحكيم من مستجدات, والقيام بتمارين اللياقة البدنية بشكل مستمر , الى غير ذلك مما يساهم فى تطوير أدائهم خدمة لانفسهم وللكرة والرياضة فى فلسطين .


 


ولكن لعلهم مقصرين بحق ذواتهم وبحق وطنهم . كذلك قد يحدث أن يقع أحد الحكام تحت ضغط ما , أو أنه نتيجة لتجربة سابقة مع فريق أو أخر يقوم بغض الطرف مرة أو أكثر عن أخطاء فريق أو إعطائه أولوية لا يستحقها , هذا أمر خطير جدا , وظاهرة قاتلة للرياضة , صحيح بانها غير منتشرة عندنا ولكنها قد تحدث .


 


والحكم الفلسطيني سهل الاستفزاز وسريع الغضب , هذا نتيجة للضغوط النفسية والاقتصادية والسياسية التي نعيشها جميعا , ولكن الحكام ونتيجة لطبيعة عملهم الحساسة لابد وأن يعملوا على زيادة مستوى صبرهم وطاقة تحملهم وقدرتهم على التعامل مع المواقف الحرجة .


 


ومن خلال ماسبق نجد ان مستوى الحكم يتأثر بعوامل عدة ويشترك فى تحديد مستوى الحكم أكثر من طرف فالمباراة المملة قد تصفى صفة البرود على كل شيء , والمباريات الخشنة قد تفرض على الحكم الإكثار من استخدام البطاقات الملونة وهنا نحن لانقصد الدفاع عن حكام الملاعب لكننا نحدد بعض أسباب عدم الاستقرار فى مستوى التحكيم .


 


 ان السادة قضاة الملاعب الفلسطينية مظلومين وظالمون لانفسهم فى نفس الوقت , ولن يكون هناء ارتقاء حقيقي لمستوى الحكم الفلسطيني دون مشاركة جميع الجهات ذات العلاقة الرسمية والأهلية والجماهيرية , كل بدوره .


ولن تتطور الكرة في فلسطين ما لم يتطور مستوى الحكام , فهل من مجيب ؟


 


ولو أردنا الإبحار في الإجابة على هذا السؤال سنجد أن المسببات كثيرة ومنها بعض الأقلام الصحفية بسوء النية لعدد من الحكام , ومما كان لذلك من أثر سلبي على نفسية الحكم ودافع قوى للتطبيل والتغني ببعض الأخطاء التحكيمية بهدف الشماتة , ونحن هنا لا نقصد عدم كشف الأخطاء لكننا نطالب بالإرشاد وليس الانتقاد.


 


إدارات الأندية : عدد من إدارات الأندية لا يكاد ينتهى العمر الزمني لمباراة يكون بها فريقهم خاسرا وإلا تصاريح الإدارة تعلو من خلال تحميل الخسائر لحكام المباريات بسبب قد يكون من خلاله الحكم لم يحتسب خمس ثواني إضافية أو أن الحكم صافرته كانت من النوع القديم .


 


الجماهير :


عدد منا كجماهير وبكل أسف أصبح لا يطيق مشاهدة حكم معين وبمجرد ورود اسم الحكم للتحكيم على مباراة معينه انتابنا احساس بالظلم والتصيد لأيه هفوة تحكيمية.


 


اتحاد اللعبة :


عدد من الأندية قد تضرر من بعض القرارات التحكيمية وقد طالبت هذه الأندية برفع الظلم عنها وعلى أقل تقدير عدم إسناد مباريات فريق معين لحكم سبق وان خانه التوفيق في التحكيم في مباراة أحد الفرق وفى أكثر من مرة , لكن الاتحاد يرفض بعض طلبات الأندية ويوافق على طلبات البعض وهنا تتولد مشاعر الإحساس بتعمد الظلم .


 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت