لم يعد الأمر سهلا كما نتصور بأن الوضع العام للسلطة الفلسطينية في كافة النواحي السياسية والمالية والاقتصادية في أحسن حال، بل أصبحت السلطة أمام مفترق طرق في ظل التهديدات المتواصلة بوقف المساعدات عن السلطة وعدم تحويل إسرائيل للأموال المستحقة للسلطة وفقا للاتفاقيات الثنائية بين الطرفين، وشعبنا الفلسطيني يعرف أن الدعم المالي الذي تسلمته السلطة الفلسطينية من الدول المانحة كان مشروطاً وضمن إطار اتفاقيات أوسلو خلال السنوات السابقة من عمر السلطة للقيام بالتزاماتها لأن المال هو عصب الحياة.
كما أن الدعم العربي لخزينة السلطة الوطنية الفلسطينية بلغ الحضيض، ولم يتجاوز ذلك الدعم النسبة المطلوبة من مجموع الالتزامات والتعهدات العربية للأعوام السابقة،وكانت أكثر الدول التزاما تجاه دعم السلطة الوطنية الفلسطينية وخزينتها دولة الأمارات العربية المتحدة وان كانت بقيم أقل من شقيقتها السعودية.
إن كل ما قدمته الدول العربية من دعم تراوح بين التذبذب والتأرجح والانقطاع تماما، وبالمجمل نرى أن مجموع ما قدمته الدول العربية من دعم خلال السنوات الخمس الأخيرة، بلغ مليارا و678.9 مليون دولار، من أصل 4,8 مليار دولار، أي ان نسبة التزامها بمجمل تعهداتها التي قطعتها على نفسها بلغت 35 % للأعوام الخمس الأخيرة، وفي المقابل أظهرت البيانات المالية على الموقع الالكتروني لوزارة المالية التزام دول الاتحاد الأوروبي بما تعهدت والتزمت به للسلطة الوطنية الفلسطينية، وخزينتها ومشاريعها وخططها التنموية.
الأهم من ذلك كله أن مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية دعا منذ ايام إلى توفير شبكة أمان مالية بملغ 100 مليون دولار شهريا للسلطة الوطنية الفلسطينية وذلك في ضوء الضغوط المالية التي تتعرض لها القيادة والشعب الفلسطينيين وعدم تحويل إسرائيل للأموال المستحقة للسلطة، وتوفير كافة لوازم الصمود التي تحتاجها.
ولكن يبقي السؤال انه في ظل المعطيات والأرقام المالية السابقة التى قدمت من العرب للسلطة، هل باستطاعة العرب تنفيذ تعهداتهم المالية للسلطة لمواجهة التحديات؟
باختصار العرب كثيرين الكلام والوعود ولما تأتى لحظة الحقيقة يتهربون من التزاماتهم، والرهان على العرب رهان خاسر ولن يجدي نفعا وخاصة في ظل الربيع العربي والمشاكل السياسية والاقتصادية التى يعانى منها الأنظمة الحالية، وتوجهات بعض الأنظمة في الخليج لإرضاء شعوبها عن طريق المال وتحسين أوضاعهم الاقتصادية، وتجارب السلطة مع المال العربي حقيقة واقعة تنذر بأن وضع السلطة في خطر.
يبدو أن الأمور تزداد تعقيدا وإسرائيل تدرك جيدا كيف تدير صراعها مع السلطة باستخدام كافة أدواتها وبشكل منظم في المقابل الغوغاء الفلسطينية وحالة الارتباك المسيطرة نتيجة أخطاء وتراكمات سياسية أوصلت السلطة الى هذا الطريق، وان كانت إسرائيل تحسن إدارة صراعها مع السلطة وتفرض سياساتها على أرض الواقع وزيادة الضغوط على السلطة للرضوخ لمطالبها، وتبقي السلطة رهينة تلك الضغوط والعرب ليسوا هم العرب.
كل الشعب الفلسطيني مع دعم السلطة مالياً، ووقوفها على قدميها، ومواجهة التهديدات الإسرائيلية والأمريكية، كل الشعب الفلسطيني مع تسلم موظفي السلطة الفلسطينية رواتبهم في موعدها، ولكن متى وكيف؟ وهل السلطة تمتلك الأدوات المطلوبة لمواجهة التحديات المقبلة؟ وهل الأدوات الحالية للسلطة كفيلة بأن تخرج السلطة من أزمتها؟!!
بقلم : رمزي النجار
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت