محاكمة عباس وحماس بتهمة الإهمال الوطني/د. طلال الشريف

 


سلطة رام الله يحكمها شخص الرئيس عباس، وسلطة غزة لا ندري من يحكمها من الأشخاص، ولذلك نقول محاكمة "عباس وحماس".


 


هناك من يفكر سريعا بأنني أطالب بمحاكمتهم على خلفية الانقسام أو عدم الاهتمام بالشعب الفلسطيني والخدمات الفلسطينية وحالة التشظي التي فعلوها بشعبنا ودمروا مؤسساته وأحزابه ونظامه السياسي والمعاناة التي يتلظى في نارها كل الشعب في المهجر  والوطن من أقصاه إلى أقصاه، وتأخير أو غياب المصالحة أو الانتخابات أو القمع والاعتقالات وانتهاك الحريات حقوق الإنسان.


 


لا يا سادة ليس لهذه الأسباب ولا لتلك، أنا أطالب بمحاكمتهم من منطلق أكثر خطورة وهو متعلق بالفكرة الأصل من وجود مثل هؤلاء على قمة هرم السلطة الحاكمة ومن منطلق الشعار الذي حكمونا على أساسه ومن منطلق ما هزئوا به وأهملوه بلهوهم أو جهلهم فهم جالسون على رقابنا باسم الوطن وباسم النضال أو الجهاد في سبيل تحريرنا ودفع الضيم عنا وبإسم استعادة حقوقنا السليبة.


 


أطالب بمحاكمتهم على قضيتين تمسان جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.


 


القضية الأولى: ماذا جني الشعب الفلسطيني من مقاومة حماس؟  فقد دفع شعبنا الكثير الكثير من دمه وماله وخدماته وتنميته وتطوره واقتصاده ومستقبل أجياله عندما أخذتنا حماس سواء بموافقتنا أو بعدم موافقتنا على مقاومتها ( وهنا كل الاحترام لدماء الشهداء ومعاناة الأسرى ودمار البيوت وتشريد أصحابها) ولكن؟!!


 


ولكن نحن كشعب دفعنا ثمن كل هذا في رحلة الذهاب، فلماذا ندفع الشعب الثمن أيضا في رحلة الإياب والتجريب لحماس؟  ماذا كسب الشعب الفلسطيني في رحلة الإياب التي باعتها حماس دون ثمن يعود على الشعب الفلسطيني عندما أوقفت المقاومة واعترف قادتها بحقنا على حدود السبعة وستين، كان من الأولى أن تحصد حماس المكاسب التي تعود على الشعب الفلسطيني وليس على حركة حماس لتطبيع علاقاتها والاعتراف بها من العالم ومن الآخرين ومكاسب السلطة والحكم،


 


والقضية الثانية هي قضية الإهمال في جني ثمار تقرير جولدستون الذي حدث بسبب التقصير والإهمال من الرئيس عباس وفشله في إدارة هذا الملف الذي مهد الطريق بقوة لمكاسب ضاعت على الشعب الفلسطيني، ومن قبله قرار محكمة لاهاي والأخطر من ذلك الذهاب إلى الأمم المتحدة في وقت لم تحضر جيدا ولم تضمن فيه القيادة الفلسطينية كل عناصر الدعم والقوة والتأييد لإنفاذ الاعتراف بدولة فلسطين.


 


قضيتين من أخطر القضايا التي كان يجب على شعبنا أن يسجل فيها مكاسب حقيقية تقوي من عناصر صموده واستمرار نضاله ومراكمة الانجازات الفلسطينية في صراعنا من أجل التحرر والاستقلال.


 


هكذا يلتهون ولا يعرفون فن إدارة المكاسب العامة، ولكنهم مهرة في كيفية إدارة المكاسب الخاصة والحزبية على حساب قضيتنا المقدسة وعلى حساب معاناة شعبنا ويستغلون ضعف قوتنا الشعبية التي سحقوها بعنفهم وقمعهم ودمويتهم وسجونهم وتزويرهم ومؤامرتهم وتحالفاتهم وإرعابهم لشعبنا.


 


معقول أن تتخلى حماس عن مقاومتها وتعترف بحدود سبعة وستين هباء ودون مكاسب للشعب الفلسطيني؟؟؟


 


معقول أن تكون أوراق مثل جولدستون وقرار محكمة لاهاي والاعتراف بالدولة في الأمم المتحدة التي بها مكاسب مفصلية جمة للشعب الفلسطيني دون انجازها؟؟؟


 


ولذلك على شعبنا تقديم " عباس وحماس" للمحاكمة بتهمة الإهمال لا في المال العام ولا الصحة العامة، بل يجب تقديمهم للمحاكمة بتهمة الإهمال الوطني في القضية العامة .. "قضية فلسطين"، والتسبب في خسائر فلسطينية خطيرة.


16/2/2012م

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت