البعثات الدبلوماسية – السفارات الفلسطينية – المنتشرة في كافة أصقاع العالم لها أكثر من مهمة على المستوى الرسمي والشعبي سواء ما يتعلق بالعلاقة مع شعوب الدول المضيفة من أحزاب وقوى سياسية ومؤسسات مجتمع مدني وكذلك تطوير العلاقة مع الجالية الفلسطينية المتواجدة في ذاك البلد وربطهم بتفاصيل قضيتهم المركزية والعمل أن تكون السفارة مقرا للكل الفلسطيني دون استثناء ويجب أن يعمل السفير وأركان السفارة على تعزيز هذا الرابط وفتح مكاتبهم لكل فلسطيني والاهتمام بشأن الحياة العامة للجالية الفلسطينية دونما تهرب من المسئولية تحت أي ظرف أو لأي سبب .
واليوم وفي ظل الربيع العربي والمتغيرات الكبيرة الحادثة على طبيعة الكثير من الأنظمة الحاكمة سواء في الوضع الراهن أو المتوقع مستقبلا يجب الاعتراف بأن هناك متغيرات حقيقية في بنية الأنظمة الحاكمة من سياسات داخلية وخارجية وكذلك اختلاف طبيعة القوى الجديدة الصاعدة لاستلام الحكم في تلك البلاد وطبيعة الأفكار التي تحملها تلك القوى وقياسها بشكل جدي على طبيعة وتركيبة سفاراتنا ، لأن السفارة لا تقتتصر مهمتها على الدور الرسمي الدبلوماسي فقط بل تتعدى الى ما هو أكثر من ذلك ، لأن تلك السفارات تمثل البعد العام الشامل للقضية الفلسطينية بكل أبعادها وتفاصيلها وربطها بكافة فئات وأطراف المجتمع ، ولابد أن يكون هناك نوع من الانسجام الفكري العام بين نظام الحكم في البلد والفكر الذي يؤمن به السفير المقيم هناك حتى يتمكن من نسج علاقة صحيحة ومبنية على أسس سليمة بما ينفع القضية والشأن الفلسطيني العام ، ومن هنا فإن شخص السفير وتركيبة السفارة تلعب دورا أساسيا في تحقيق هذا الهدف الهام لعمل السفارة ، فقد يكون السفير ناجحا ومتميزا في أدائه الرسمي مع النظام الذي سقط وذهب أركانه , بل قد يتعامل النظام الجديد مع ذلك السفير بشكل سلبي كونه كانت تربطه علاقات متميزة مع بعض أركان النظام السابق وبالتالي من الصعب علي ذات السفير نسج ذات العلاقة الصحيحة مع النظام الجديد لأسباب عديدة أهمها التركيبة الفكرية لشخص السفير التي قد تتناقض مع فكر القيادة الجديدة وكذلك طريقة عمل وسلوك ذات السفير خلال المرحلة البائدة ، ومن هنا فإن المصلحة الفلسطينية تقتضي التحرك السريع المتزامن مع المتغيرات الجارية في المنطقة ولابد من عمل التغيير المطلوب المنسجم مع ذات المتغير .
ومن هنا فإن المصلحة الفلسطينية العامة تقتضي إجراء تغييرات دبلوماسية على بعثاتنا الخارجية وخاصة في الدول التي جرى فيها تغيير طبيعة الحكم فيها ووصول قوى سياسية جديدة للحكم ولا يجب التوقف عند شخص أو مصلحة أفراد على حساب المصالح العامة ، فلا يوجد شخص يصلح لكل زمان ومكان ، ومن يصلح مع هذا النظام ليس بالضرورة أن يصلح مع النظام الجديد ، وفي كل الأحوال فإن التغيير سنة حميدة تعمل على تفعيل المؤسسات بشكل أكثر تأثيرا .
وإذا كان من المهم الاهتمام بالتغييرات الحاصلة في الأنظمة الحاكمة فلابد من أخذ بعين الاعتبار المتغيرات المهمة الجارية على الجاليات الفلسطينية والجيل الفلسطيني الجديد الذي بدأ يتأثر بكل ما يدور حوله ويطالب أن يتم معاملته ليس أقل مما تتعامل سفاراتهم معهم كما تعامل سفارات الدول الأخرى مع جالياتها ، عندما يصلنا أخبار أن السفارات الفلسطينية ليس لديها ما تقدمه للجالية الفلسطينية وعندما ترى السفارة الفلسطينية مهمشة ولا دور حقيقي لها خلال حدث فلسطيني في ذاك البلد هذا يعني أن هناك خللا إداريا أو فنيا أو بروتوكوليا يقع وهذا يفرض دائما وضع سفاراتنا وبعثاتنا تحت الرقابة والمراجعة والمحاسبة الدائمة ، هناك جاليات فلسطينية تمتلك كل مقومات العطاء اللامحدود ولكنها تفتقر الى العنوان الصحيح والقوي والجريء والذي يحظى بثقتها في سفارة بلدها حيث تكون .
لابد من التأكيد أن القوى العربية الجديدة الصاعدة للحكم تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها المركزية وبرامجها السياسية هي الأقرب للبرنامج الرسمي الفلسطيني ولكنها تحتاج الى تفعيل العناوين الصحيحة وضرورة تصحيح الصورة الخاطئة المرسومة حول القيادة الفلسطينية وتوضيح حقيقة الأمور ولكن في حالة أن يكون العنوان الرسمي يصلح لهذه المهمة فكرا وسياسة .ن أ
م. عماد عبد الحميد الفالوجي
رئيس مركز آدم لحوار الحضارات
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت