أن تسمع عن مشكلة الكهرباء في غزة، غير أن تعايشها، وان تكون احد قاطني غزة، أمر بلا شك مختلف، فلا احد في القرن الحادي والعشرين يتخيل، حجم معاناة قرابة المليونا مواطن فلسطيني في غزة، خلال السنوات الخمس الأخيرة، التي انقسم فيها الفلسطينيين علي أنفسهم وما زالوا، وفرضت خلالها إسرائيل حصارها، كعقاب جماعي مست من خلاله، كافة مناحي الحياة الإنسانية، لمجتمع متحضر يعتمد كليا على التكنولوجيا، في إدارة حياته اليومية، والتي ركيزة تفعيلها الكهرباء، مما عطل منظومة الحياة بجلها في القطاع البائس.
في ظل أزمة الكهرباء تطل لائحة متنوعة، من السوء تنغص الحياة الإنسانية للمواطنين، وتحد من مقومات العيش في الحدود الدنيا للسوي المعافى، فما بالكم بالمرضي وكبار السن والأطفال، بلا كهرباء تعني ببساطة في ظل شح المحروقات، أن لا ماء في خزانات الشرب، علي أسطح العمارات والأبراج، ولا تصريف للمياه العادمة، ولا مخابز عامة، ولا تدفئة منزلية في هذا الشتاء القارص، ولا إنارة للظلام الدامس، ولا استخدام لأجهزة الحاسوب والانترنت، ولا شحن للأجهزة الخلوية، ولا غسل أو كي للملابس.
الجديد أن أزمة الكهرباء تفاقمت، منذ أكثر من أسبوع، ليتغير الجدول المعمول به سابقا، لتصل الكهرباء ست ساعات يوميا، يتلوها انقطاع اثني عشر ساعة وهكذا، بعد أن كانت معكوسة في مواعيد مختلفة، اليوم يكاد لا يخلو مجلس، دون نقاش غاضب لازمة الكهرباء وانقطاعها، نلمس من خلاله، بان صبر المواطن بات ينفذ، اتجاه إهمال المسئولين لمعاناتهم، وانشغالهم بتبادل الاتهامات، وتحميل احدهم للآخر المسؤولية، بدل البحث عن معالجة فعلية، ويري المواطنين بان المناكفة القائمة، لن تحسن من جودة حياتهم، أو تخفف من آلامهم، فلا يعني المواطن من المسئول، بقدر ما يعنيه الحلول، فأزمة الكهرباء تضاف، إلي أزمات أخري لا تقل قسوة، تتعلق بالصحة والتعليم والعمل والبيئة، والأمن والتنمية والاقتصاد، والعلاقات الوطنية والاجتماعية، والقصف الاحتلالي وتهديده شبه اليومي، ولا يملك الغزيين سوي الصبر والأمل، والابتهال إلي الله بفرج قريب ومستقبل أفضل.
حبذا لو انتبه الساسة والفصائل، إلي وجع الناس قبل فوات الأوان، ليوحدوا جهودهم للبحث عن مخارج، تكفل الحد الأدنى لحياة كريمة، فكفي غزة وأهلها ما جابهت، خلال سنوات عجاف فهي تستحق الحياة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت