اليوم تتجه الانظار الى لقاء القاهرة القادم حول إنجاز اتفاق المصالحة الوطنية وخاصة بعد اتفاق الدوحة على تشكيل حكومة مؤقته برئاسة الرئيس محمود عباس كضرورة موضوعية من اجل الاشراف على اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني واعمار ما تهدم في قطاع غزة.
نقف امام هذا اللقاءات ونتراقب بحذر وقلق شديد على مستقبل الوضع الفلسطيني والحاجة الملحة لمختلف القوى والقطاعات والتيارات على طريق إنجاز الحركة الوطنية لمهامها الراهنة والإستراتيجية، ولأهمية الآمال التي وضعتها الجماهير الفلسطينية في مختلف أماكن وجودها في (الداخل والشتات).
ومن هذا الموقع فنحن جميعا مدعوون وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية ان نعمل بكل جهد لصياغة الوحدة الوطنية القادرة على الحفاظ على مسيرة النضال الوطني الفلسطيني بإيجابياته، وتوفير ركائز وطنية وكفاحية مؤهلة لمواصلة المشوار النضالي بروح جديدة تستمد قوتها من العوامل الذاتية التي يمتلكها الشعب الفلسطيني.
لقد تحملت الجماهير الفلسطينية على مدى سنوات طويلة مأسي الاحتلال وعذباته الرهيبة بفعل السياسات والإجراءات والممارسات الصهيونية، ونيران الانقسام الذي أدخل الشعب والثورة في أتون مخاضات سياسية واجتماعية ضارة، بدءاً بتغول الممارسات الصهيونية، ومروراً بجفاء الأشقاء وممارساتهم ضغوطاً استثنائية على القيادة الفلسطينية والفصائل للقبول بالإملاءات والضغوط الصهيو- أمريكية، وانتهاءً بشرعنة الحصار الظالم الذي لا زال يتعرض له أهلنا في قطاع غزة، مما يفرض علينا تحسس شكواهم وتطلعاتهم بعمل وحدوي يتحقق على الأرض واقعاَ بديلاً لسياسة المراوغة التي حكمت كل المحاولات الوطنية لإنهاء الانقسام، وخاصة ان شعبنا لا يرى أي مبرر لاستمرار الانقسام باعتباره شكل كارثة حقيقية على الشعب والقضية وصورتها باعتبارها قضية تحرر وطني.
ان الوحدة الوطنية باعتبارها تشكل السلاح الامضى في مواجهة مخططات الاحتلال ومشاريعه وخاصة ما يجري في القدس ،سيكون لها التأثير الايجابي الكبير على الفعل والحضور الفلسطيني الفاعل على مسرح الأحداث في المنطقة والعالم من أجل إنجاز الطموحات والحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا.
إن حق العودة يعدّ مفتاح حل الصراع، وهو حق مقدس ومشروع لابناء شعبنا اللاجئين بالعودة الى ديارهم وممتلكاتهم التي هجر وشرد منها، وفق القرار الدولي 194 الذي يعتبر جوهر قضيتنا الوطنية.
إن السياسة الإسرائيلية أصبحت ظاهرة للعيان ولا يمكن مواجهتها على طاولة التفاوض. وعلى الرغم من ان المجلس المركزي واللجنة التنفيذية اتخذا قراراً واضحاً بعدم التفاوض في ظل الاستيطان، إلا أن التفاوض حدث تحت عنوان "الاستكشاف"، ما يعدّ خرقاً للقرارات الصادرة عن هيئات قيادية في المنظمة، وفتح الباب أكثر لإمعان الاحتلال في سياساته. ويأتي ذلك في ظل انقسام لم ينته حتى اللحظة، بسبب تعطيل الطرفين ما اتفق عليه.
نحن ندرك حجم الضغوط التي تمارس على القيادة الفلسطينية، ولكن الشعوب تحت الاحتلال تواجه الضغوط، فأكبر ضغط هو الاحتلال.
اننا اليوم بحاجة الى إلى رؤية وطنية تحشد الجماهير خلف المشروع الوطني، والمقاومة الشعبية ضد سياسات الاحتلال، وعدم الرضوخ للضغوط الأميركية، وعدم خلق وهم يعتقد أن الراعي الأميركي يمكن أن يساعدنا في تحصيل الحقوق الفلسطينية.
لقد قدم الشعب الفلسطيني، وما يزال، تجربة حية في النضال ومقاومة المحتل، وهذه التجربة تستحق الوقوف امامها بشكل كامل وذلك من خلال رسم إستراتيجية فلسطينية تحافظ على منظمة التحرير الفلسطينية وحق العودة، وضمن هذه الرؤية يمكننا خوض المعركة.،خاصة وأن هنالك تحذيرات حول مصير م. ت. ف كإطار ممثل للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.. فالمنظمة هي العنوان والإطار القانوني والسياسي الذي يمثل الشعب الفلسطيني، والذي نحافظ من خلاله على حق العودة، وعليه لا بد من ربط مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية باستراتيجية شاملة تقوم على قاعدة الحفاظ على المنظمة وحق العودة وتحقيق الوحدة الوطنية.
إن القوى اليسارية والديمقراطية للاسف تعيش حالة من الشرذمة ، وبالتالي فان دعوتنا هي توحيد صفوفها ، وطرح برنامج للتغيير الجذري يستجيب لاحتياجات الجماهير، وصوغ حلول لمجابهة التحديات، بشكل يتمايز من طروحات الآخرين.
ان المصالحة الفلسطينية تعتبر مطلباً شعبياً فلسطينياً وعربياً، ولهذا على الجميع تطبيق اليات اتفاق المصالحة الوطنية من خلال ترجمة اتفاق وثيقة الوفاق واتفاق القاهرة في العام 2005، استجابة لإرادة الشعب الفلسطيني بإنهاء الانقسام، لاننا نحن مع الوحدة الوطنية الفلسطينية، باعتبارها مسألة مقدسة، يجب تجييرها بما يخدم النضال الوطني الفلسطيني، خاصة وأن هنالك عملية فرز حقيقي تعيشه المنطقة العربية، لجهة التصادم مع المشروع الصهيوني- الامريكي أو الاصطفاف في خندقه”.
إن ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيين والعرب، يتطلب تحركا عاجلا امام المحاكم الدولية من اجل محاسبة الاحتلال، والتشهير بالصامتين، وأولئك الذين يحاولون تفادي الدخول في منطقة الحديث عن موضوع الأسرى الفلسطينيين والعرب، ويقيمون الدنيا ولا يقعِدونها من اجل جنديا احتلاليا تم سحبه من دبابته الاحتلالية الواقفة على أرض محتلة وأسره في جزء محاصر من الأرض المحتلة.
ان ما يتعرض له اليوم الأسير خضر عدنان يتطلب من القيادة الفلسطينية مهمة وطنية وشعبيه لاطلاق اوسع حملة تضامن مع الاسرى والاسيرات البواسل الذين يصنعون لنا فجر الحرية القادم.
وغني عن القول نرى ان الحالة العربية الملموسة،بعد ثورات الشعوب العربية المتمردة اجتماعياً ،وفي حالة الهياج والفوران الانفعالي والعاطفي،يجرى استغلالها خدمة لمصالح القوى الاستعمارية وأجنداتها واهدافها،بحيث كانت الجماهير المتمردة وقوداً وحطباً،فالتمرد الاجتماعي جرى استغلاله وسرقته وتجييره من قبل تلك القوى المسمى الاسلام السياسي ودعاة الفوضى الخلاقة، ،فإسرائيل وأمريكا من مصلحتهما في هذا التمرد الاجتماعي غير الواعي خلق فتن طائفية ومذهبية في الوطن العربي،وبما يغرقها في حروب ليس لها أول أو آخر،وبما يمكن من إعادة رسم وتشكيل الجغرافيا العربية بعد تفكيكها،من أجل السيطرة على ثرواتها ونهب خيراتها،مع بقاء اسرائيل القوة الاقليمية الوحيدة في المنطقة،في حين بعض قوى الاسلام السياسي تأخذ دورها في الحكم بشرط أن تقضي على أي حالة نهوض عربي قومي،أي تقيم الدولة الدينية المتحللة من الالتزامات القومية،مع المحافظة على اتفاقيات "السلام" مع اسرائيل وتوسيع عملية التطبيع معها. ونحن نشهد جهوداً وممارسات في هذا الاتجاه من تونس لمصر فليبيا وسوريا وغيرها والمستهدف الاخير من كل ذلك القضية الفلسطينية، وهذا يتطلب بالطبع بناء نظام تعددي مبني على شراكة حقيقية بين مختلف مكونات الشعب الفلسطيني .
رئيس تحرير صحيفة الوفاء الفلسطينية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت