لا أدرى لماذا يحاول البعض من القطبين الرئيسيين على الساحة الفلسطينية اختزال مواقفهم من الحكومة الانتقالية التى سوف يرأسها الرئيس محمود عباس وفقا لاتفاق الدوحة والتي حددت مهامها في توحيد المؤسسات الفلسطينية، وإعادة أعمار قطاع غزة وفك الحصار، وكثيرا ما نسمع بين الحين والآخر شروط واستدراكات وتصريحات مملة وطلبات تأجيل تشكيل الحكومة، ترجعنا إلى المربع الأول من الانقسام وكأننا أمام حلبه صراع كتب له أن لا ينتهي إلا بطريقة إعلان انتصار أحد الأطراف واستسلام الطرف الآخر.
لا أحد يعرف ما هى نهاية تلك الاجتماعات المتواصلة بين أقطاب العمل السياسي والقيادي في القاهرة والجولات المستمرة لانجاز ملف المصالحة وطيه الى الأبد، ليصبح من الماضي ونعيش لحظة الحقيقة مع النفس والأمل نحو المستقبل للأجيال القادمة، وهل هذا ممكن أم انه من المستحيل، فسبحان الباقي بعد فناء خلقه، لم يكن أحد يستطيع أن يجمع القادة والساسة على طاولة واحدة، وان حدث ذلك، وتصافحت الأيادي وخرجت الابتسامات وتعالت الضحكات وشعرنا أن الأمور تسير بالطريق الصحيح من أجل إنهاء الانقسام المشئوم، والبدء في مرحلة جديدة يعلوها مصلحة الشعب الفلسطيني في التوحد لمواجهة التحديات وما أكثرها في هذه الأيام والأوقات التى تمر بها قضيتنا الفلسطينية، إلا أن الأمور تسير عكس التيار.
وهنا أتساءل وكما من حق أي فلسطيني أن يتساءل كم يلزمنا من الوقت الكافي لانجاز تشكيل الحكومة الانتقالية؟! ولماذا لغة الحوار هبطت الى هذا المستوى بين أقطاب العمل السياسي؟
أعرف وأشعر مدى حاله الإحباط التي تسود الشارع الفلسطيني نظرا لطول الانتظار، ولا أريد تحميل طرف عن الطرف الآخر، فالجميع مسئولين مسئولية تضامنية أمام الشعب، ويجب على الجميع أن يتحمل مسؤولياته الوطنية والدينية والأخلاقية للعمل على إنجاح المصالحة، وبدء التشاور فورا بتشكيل الحكومة الانتقالية بشكل واضح دون إيجاد عراقيل ومشاكل، وخاصة ان الحكومة ستشرف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، بالإضافة إلى توحيد عمل المؤسسات الفلسطينية، وإعادة أعمار قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي وفك الحصار.
ان الحكومة الانتقالية لا يمكنها التحليق إلا بجناحين توأمين، هما فتح وحماس معاً، فلا أظن أن عاقلاً يؤيد استئثار الحكومة مع طرف دون وجود الآخر، أو يرغب في إقصاء قطب من أقطاب العمل السياسي عن المشهد السياسي في الوطن، لأنهما جميعا جزء لا يتجزأ من خريطة هذا المشهد، ورقم مهم وحتمي في معادلة الوطن.
لقد حان الوقت لكي نرى مشاهد جميلة من مشاهد العمل السياسي على أرض الواقع وفي مختلف المؤسسات والنقابات والاتحادات، وتحذونا الأحلام بأن نرفع شعار لا للعبث بتاريخ وجغرافيا الوطن، وأن يتكامل أقطاب العمل الوطني مع بعضهم من اجل فلسطين والقدس، ونرتقي الى مستوى الحدث الديمقراطي وإيجاد المعارضة البناءة وسماع صوت الأغلبية الصامتة، وشعبنا الفلسطيني صنع المستحيل بالتضحية والاستشهاد، والحقوق الكاملة، والتي تتطلب المزيد من التضحية والإصرار على تغيير الواقع الحاضر لصالح المستقبل، لتحقيق الحقوق التاريخية للشعب، وأن المستحيل هو الممكن الوحيد المستقر المبنى أساسا على التوازن والتلاحم والتقدم في وجدان الشعوب وتطابقه مع حتمية الانتصار على العدو الإسرائيلي.
وأختتم وأقول انه من الممكن أن نحقق النجاح، ولكن من المستحيل ان نكتفي بما حققنا، من الممكن ان نقابل أشخاصا تملؤهم الغيرة ويزعجهم نجاح وحدة شعبنا، لكن من المستحيل أن تتوقف حياه شعبنا لأجلهم.
بقلم : رمزي النجار
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت