سكسونيا رائدة السياسة العربية/أسعد عطاري

لم يعد قانون سكسونيا الذي أحدث إنقلاب بالمفاهيم , وإعادة بلورة القوانين الجائرة والظالمة , حكراً على تلك الولاية الألمانية في تلك العقود ,عندما راود حاكمة تلك الولاية حلماً بأن يذيع صيتها بين الناس, فأشار عليها مستشاريها أن تحقق العدل وان تجري الاصلاحات , وهذا بخلاف للمعهود وبخلاف لما يدور حولها في المقاطعات الأخرى , مما تطلب ذلك منها ان تبذل الجهد وان تستهلك الوقت, لتغرق بالتفكير بكيفية تحقيق ذلك الحلم المنشود , لتخرج فيما بعد على مستشاريها بقرار إعادة بلورة وصياغة القوانين السائدة في حينها انذاك, وانه سيصبح الجميع سواسية أمام القانون و بأنها ستوقع العقاب على النبلاء وعامة الناس , وستكون آلية العقاب بأن تجلب عند الصباح ومع بزوغ الشمس الجاني , فإذا كان من النبلاء وقع العقاب على ظله , أما إذا كان من المواطنين والفقراء أوقع عليه العقاب , وبذلك تحقق العدل بحسب مفهومها .


فالحديث عن الإصلاحات العربية واعادة صياغة القوانين والنظر بمطالب الشعب , هو نفس الحديث , وهي نفس الإصلاحات التي  أجريت قبل عقود طويلة من الزمن في ولاية سكسونيا , والتي أبقت الظلم بواقعه مع تغير في كلمات التعبير عنه , ففي سكسونيا كان الجميع سواسية أمام القانون ويقر بأنهم مفسدون , ولكن لم يكونوا سواسية أمام حد السيف ومقصلة السجان !!! , أما اليوم فالأمر اختلف نوعاً ما , فأصبح المفسدون هم سادة القوم , ولا يجرموا وهم أكبر من كل القوانين والتشريعات وما ينطبق على عامة الناس لاينطبق عليهم , وبذلك تكون حكوماتنا بتشريعاتها وقوانينها المنسكبة على الشعب اكثر تطوراً بالظلم من قانون سكسونيا , فأنظمتنا لا تجرم المفسدون أو تعاقب ظلالهم , فالعقاب واحد والضحية واحدة الا وهي الشعب !!!!.


والسؤال الذي يطرح نفسه الآن وهو لماذا لا تقوم هذه الإصلاحات ضمن مطالب الشعب وارادته ؟؟


لقد كان الواقع الفاسد الذي اغرقت به الأنظمة العربية مواطنوها هو الدافع الأكبر لهم للثورة عليها, مما اتاح المجال امام العديد من المتربصين والحاقدين والمضللين أو المضللين بأن يطالبوا بالتدخل الأجنبي من أجل الخلاص من نيران وظلام الأنظمة الفاسدة - وكأن القوات الأجنبية الغازية جمعية خيرية تمنح شعبنا الهبات من الحرية - وفي المقابل أخذ البعض يدافع عن نيران وظلم الانظمة العربية والرضا بسياسة " الأمر الواقع " بحجة ان بقائها افضل من دخول القوات الغازية , لتكون لهم ذريعة في إلقاء تهم الخيانة كل منهم على الأخر .


فسكسونية الأنظمة العربية واضحة وضوح الشمس ولا يمكن أن تغطى بغربال أو تجمل بمساحيق التجميل عبر وسائل الإعلام المتعددة والمتنوعة والتي لا تتدخر جهدا في ذلك  سواء من خلال تزوير الحقائق أو من خلال التعتيم الإعلامي والانشغال بأمور أخرى لا تغني ولاتسمن من جوع .


فالجدير ذكره أن نكون أكثر وعيا لهذه السكسونية المجرمة , وأكثر وعياً من المخططات التآمرية والتي تحاك بإسم الحرية لإستنزاف أمتنا , و أن نحدد موقفنا بكل وضوح وصراحة اتجاه ما يدور حولنا في الأقطار العربية وأن نؤكد بأننا ضد التدخل الأجنبي و نؤكد أيضاً على ضرورة الإصلاح والتغير بأيدي الشعب وليس بأيدي العملاء القابعون خارج حدود الوطن او من خلال القوات الأجنبية الغازية أو من خلال قوانين وإصلاحات الأنظمة الرجعية , فالتغير الحقيقي هو ذاك الذي يقام بإرادة الجماهير الثائرة وحدها .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت