اعتبر محمود الهباش وزير الأوقاف والشئون الدينية بالسلطة الفلسطينية الاقتراح الذي أعلن عنه أمير قطر بالتوجه إلى مجلس الأمن الدولي بغرض استصدار قرار يقضي بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل منذ احتلال عام 1967 في القدس بقصد طمس معالمها الإسلامية والعربية، بأنه "خطوة مهمة على طريق الدعم العربي والإسلامي لتعزيز صمود المقدسيين ولكشف مدى الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدينة المقدسة".
وقال الهباش، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية (قنا) على هامش مشاركته في المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس الذي بدأ أعماله، يوم الأحد، في العاصمة الدوحة إن "التوجه إلى مجلس الأمن هو شيء حيوي وضروري ومهم لوضع قضية القدس مرة أخرى على طاولة المجتمع الدولي من أجل الضغط على إسرائيل لإعادة إحياء قضية القدس كقضية مركزية للأمة".
وأضاف أنه يجب، إلى جانب هذا المقترح المهم، اتخاذ مجموعة من الإجراءات والخطوات التي يجب أن نقوم بها على صعيد وضع قضية القدس على المسار التثقيفي للأمة، بمعنى أنه يجب أن تكون قضية القدس حاضرة في مناهج الدراسة."
ووجه وزير الأوقاف والشئون الدينية الفلسطيني الشكر لدولة قطر وأميرها، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني،على تنظيم هذا المؤتمر المهم الذي يمثل نقطة انطلاق وارتكاز يبنى عليها، معربا عن أمله أن يتمخض هذا المؤتمر في ظل حالة "الربيع العربي" عن بروز ربيع مقدسي تساهم فيه كل الأمة العربية لرفع مستوى الحياة داخل القدس وللحفاظ على الوجه الحضاري للمدينة المقدسة، ولتعزيز صمود المقدسيين حتى نحافظ على مدينتهم عاصمة للأمة العربية والإسلامية وليس فقط للشعب الفلسطيني.
وردا على سؤال حول الوعي العربي بقضية القدس وهل معنى ذلك أنه غير كاف، قال الهباش "نعم غير كاف، بمعنى أنه لا يرقى إلى مستوى التحدي المفروض على مدينة القدس".
وقال إنه يجب أن تكون قضية القدس بتاريخها وجغرافيتها ومعالمها وبالواجب اتجاهها، جزءا من المناهج الدراسية العربية والإسلامية، ويجب أن يكون هناك نوع من حالة التواصل مع مدينة القدس وأهلها.
وأضاف أن القدس تعاني من حالة قطيعة مع المحيط العربي والإسلامي، حيث لا يكفي أن يكون هناك تعاطف، بل يجب أن يكون هناك تواصل، مشيرا إلى ما قاله الرئيس محمود عباس "بأن زيارة القدس ليست تطبيعا مع الاحتلال الإسرائيلي، بل هي نوع من التحدي للاحتلال".
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لا يريد أن يرى أحدا من العرب والمسلمين في مدينة القدس، فهو أصلا يضيق ذرعا بالفلسطينيين، ومعنى ذلك أن الأمر سيكون أكثر ضيقا بالنسبة للعرب والمسلمين الذين سيأتون من كل مكان، حيث سيسعى إلى التضييق عليهم.
ورأى أن الدعوة بعدم زيارة القدس بحجة منع التعامل مع السلطات الإسرائيلية "هي دعوة خاطئة"، وقال إن "عدم زيارة القدس هو عمليا يخدم الرؤية الإسرائيلية التي تهدف إلى أن تجعل القدس خالية من العرب والمسلمين، ونحن عندما نمتنع عن زيارة القدس، فإننا نعزلها عن محيطها العربي والإسلامي".
ودعا الهباش إلى إقامة وقفيات إسلامية خيرية لدعم القدس على الصعيد المادي، وقال إن الأمة العربية بها الكثير من الخير وعندها الكثير من الإمكانيات، فلماذا لا يقوم كل قائد عربي بإنشاء وإقامة وقفية خاصة به في القدس ويخصص ريعها لدعم مشاريع الإسكان والصحة والتعليم وتعزيز صمود الناس وتثبيتهم في أرضهم ودعم الصناعة والزراعة، موضحا أن كل هذا يحتاج إلى أموال وهي كثيرة لدى العرب والمسلمين.
وقال وزير الأوقاف والشئون الدينية الفلسطيني إن خلق حالة تواصل مع القدس أمر في غاية الأهمية ، حيث يجب أن نفتح الباب أمام كل الجماهير العربية والإسلامية على مستوى العالم بأن تشد الرحال إلى القدس.
وأضاف أن قضية القدس لا تحتاج إلى آراء متشاكسة ومتضاربة بشأن جدوى زيارتها ، حيث نريد توحيد الأمة وخلق حالة تواصل كاملة مع القدس روحا وجسدا وحسا ومعنى ، فلا يكفي الدعم المالي رغم كونه مهما.
وحول الدعم المالي حسب مقررات القمم العربية وهل وصل إلى الفلسطينيين، قال الهباش "للأسف الشديد لم يصلنا منه شيء، وفي نفس الوقت هناك حواجز توضع أمام المواطنين العرب والمسلمين لمنع التواصل مع القدس".
وأكد أن زيارة القدس تحقق أهدافا إستراتيجية، فهي أولا تؤكد على الحق العربي والإسلامي في القدس وترسل رسالة في غاية القوة لإسرائيل وللعالم بأن القدس ليست فقط خطا أحمر للفلسطينيين، ولكنها أيضا خط أحمر للعرب والمسلمين.
وأضاف أن التواصل مع القدس يرفع الروح المعنوية للفلسطينيين وللمقدسيين، حيث سيشعرون بأنهم لم يعودوا وحدهم وأن هناك أمة يبلغ تعدادها أكثر من مليار ونصف تتواصل معهم وتأتي لتعزز صمودهم.
وتابع أن حالة التواصل مع القدس ستنعش الاقتصاد المقدسي، لأن الذين يفدون إلى القدس سيشترون ويبيتون ويأكلون، وهذا كله سيصب في خانة تعزيز صمود المقدسيين.
وقال الهباش ، في ختام تصريحه، إن الأمر الأهم هو أن إسرائيل ، إما أن تسمح للعرب والمسلمين بزيارة مدينة القدس، وفي هذه الحالة نكون قد حققنا أهدافنا بتحقيق التواصل مع القدس، وإما أن ترفض، وفي هذه الحالة سيكون لدينا الحجة لتعرية وكشف إسرائيل على حقيقتها أمام العالم كله بأنه ترفض حرية العبادة والدين وممارسة الشعائر.