دُهش ضابط شرطة المرور أمس عندما أوقف عدة حافلات وسط مدينة جنين تقل أطفالا لا تتجاوز أعمارهم ست سنوات، متجهين إلى رياضهم ، و لا يجد كثيرون منهم مكانا للوقوف ولا حتى للجلوس.
كان مشهد تلك الحافلات، ملفتا لانتباه هذا الضابط الذي سرعان ما أوقفها، بهدف التأكد من سلامة الأوراق الثبوتية الخاصة بالسائق والمركبة.
إلا أن مشهد الأطفال المكدسين داخل الحافلة، أنسى هذا الضابط سؤال السائق عن تلك الأوراق الثبوتية، بعد أن هاله مشهد الأطفال ممن لم يشاهد منهم سوى رؤوسهم، حيث كان كل ثلاثة منهم يجلسون على كرسي صغير، فيما اختار آخرون الوقوف بالكاد بعد أن لم يجدوا لهم متسعا داخل هذه الحافلة التي تبين لضابط شرطة المرور، أنها تفتقر لكل شروط وسائل السلامة العامة،
"إنها كارثة عامة وطامة", يقول ضابط الشرطة الذي أحزنه مشهد الأطفال ممن أخذ بعضهم يبكي لأسباب يجهلها ، ما اضطره إلى الطلب من السائق، الانتظار قليلا، فتوجه إلى البقالة المجاورة، ليشتري بعض الحلوى التي قدمها للأطفال، في محاولة منه للتهدئة من روعهم .
ويقول ضابط شرطة المرور المناوب في تقرير أرسله الشرطة إلى وسائل الاعلام، إنه توقع أن تكون هذه الحافلة المخصصة لنقل أطفال الروضة، مخالفة لبعض الشروط، إلا أن المفاجأة كانت أنها تفتقر لكل شيء، فالكراسي بداخلها كانت محدودة وكأنها أشبه ما تكون بـ" القبر المتحرك" الذي سيكون حتما ضحيته من هؤلاء الأطفال الأبرياء ممن يزج بهم في حافلات تفتقر لكل شروط السلامة العامة.
وبحسب هذا الضابط، فإن الحد الأعلى لحمولة هذه الحافلة، لا يزيد عن 15راكبا، إلا أنه وجد بداخلها أكثر من 35طفلا وطفلة، تجلس في الكرسي الأمامي معهم فتاة بحدود العشرين من عمرها، تعمل مرافقة ومربية في ذات الوقت، في وضع يجعل حياة هؤلاء الأطفال في خطر شديد.
من جهته، قال مدير شرطة المحافظة، المقدم محمد تيم، إن الشرطة تتابع بنوع من القلق الشديد واقع الحافلات التابعة لرياض الأطفال، والتي تبين بعد الفحص لها، أنها في معظمها تفتقر للحد الأدنى من شروط السلامة العامة، وهو ما دفع شرطة المحافظة، إلى تكثيف الحملات المرورية، والتشديد على مراقبة حركة السير.
وأشار تيم، إلى حملة التوعية المرورية التي تنفذها شرطة المحافظة من خلال شرطة المرور، والعلاقات العامة والإعلام فيها، والتي تستهدف توعية المجتمع المحلي، وتحديدا أولياء الأمور، وأصحاب رياض الأطفال والمدارس الخاصة والعاملين فيها، حول مخاطر الحمولة الزائدة في المركبات التي تقل الأطفال، وتشدد على ضرورة التزام تلك الحافلات بشروط السلامة العامة، وذلك حرصا على حياة من تقلهم من أطفال ومربيات وسائقين على حد سواء.
وذكر، أن الشرطة باشرت ومنذ اليوم الأول لبدء العام الدراسي، بتكثيف الرقابة على حافلات نقل رياض الأطفال والمدارس، وعدم السماح بأية حمولة زائدة، والتنبيه على أصحاب رياض الأطفال بضرورة استكمال واستيفاء التراخيص اللازمة من كافة النواحي.
وبين تيم، أن هذه الحملة، تستهدف الحد من الحوادث المرورية، ومراقبة السائقين المخالفين الذين لا يتقيدون بقواعد وأنظمة السير والمرور، ووضع حد للتجاوزات الناتجة عن الحمولة الزائدة في حافلات رياض الأطفال.
وأكد، أن هذه الحملة ستستمر حتى يتم تحقيق أهدافها المنشودة، وليست لها مدة محددة، وذلك حفاظا على سلامة المواطنين والأطفال ممن يتم نقلهم بواسطة حافلات تفتقر في معظمها للحد الأدنى من شروط السلامة العامة، وغالبا ما تكون مملوكة لجمعيات خيرية تدير رياض الأطفال.
وناشد، أهالي الأطفال ضرورة التعاون مع الشرطة، والإبلاغ عن أية خروقات يقوم بها أصحاب رياض الأطفال، والتأكد من سلامة الحافلات المخصصة لنقل أطفالهم، مع تأكيده أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الحافلات التي لا تلتزم بالحمولة المسموح بها، ولا تستوفي الشروط التي حددتها وزارة النقل والمواصلات.
وحث، جميع أصحاب رياض الأطفال والمدارس الخاصة، على توفير حافلات لنقل الأطفال والتلاميذ من وإلى المدرسة والروضة، بما يتناسب مع عدد مقاعد الحافلة، واستكمال إجراءات ترخيص وتأمين الحافلات على مدار العام، بما يضمن سلامة الأطفال والتلاميذ.
وشدد تيم، على ضرورة إطلاق حملة توعية مجتمعية، ودق ناقوس الخطر في سبيل وضع حد لظاهرة حافلات نقل الأطفال المخالفة لكل الأنظمة والقوانين، وان يكون للمجتمع دور فاعل ومؤثر في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة.