وتغييب وكي وعي الطالبات مسببا ومختزلا ضرب الثورة الفلسطينية في بداية سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي من قبل دولة الاحتلال، وبعض الانظمة العربية وطردها من بلدانها لأسباب تعود حصرا للممارسات السلبية التي كان يقوم بها بعض اعضاء الفصائل الفلسطينية، ولم يكلف نفسه عناء الحديث عن الاسباب الحقيقية لذلك وتاريخ وبطولات فصائل العمل الوطني في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي، بل هو لم يرد ذلك من حيث المبدأ مسقطا عنها كل المشروعية التاريخية.
ما حدث مشهد يتكرر في باقي الجامعات ولكن بطرق مختلفة، فعدد من المدرسين يقومون بعملية الاستقطاب والتنظير خلال المحاضرة لحزبه ضد الحزب الآخر غارسا الكراهية والحقد الحزبي في نفوس الطلبة، ولا يستطع الطلبة عمل شيئ سوى الاحتجاج الصامت وعدم قدرتهم على الاعتراض خوفا من معاقبتهم بالدرجات، او كما يقولون لان رقابهم في ايدي الدكاترة، الذين يرسخون ثقافة الخوف والجهل والاغتراب بين الطلبة في غياب واضح للديمقراطية وحق الاختلاف في الجامعة.
الاستاذ الجامعي له مكانته في المجتمع ورسالته لا تتوقف عند المادة العلمية التي يدرسها، فدوره مهم في احداث التغيير نحو التنمية وخلق طالب فاعل في دائرة الفعل السياسي والاجتماعي والثقافي والمهني، وهم عنصر اساسي في اصلاح التعليم في فلسطين، وهناك اساتذة يستحقون التقدير والاحترام حيث ترسخ اسماءهم في قلوب وعقول الطلبة.
لكن للأسف ما نراه في جامعاتنا يتناقض مع هذا الدور العظيم، فبعضهم جزء من مشكلة التعليم العالي وسبب في تراجعه وتفاقم مشكلاته حيث يفقتقدون للمصداقية في اوساط طلبتهم ولا علاقة لهم بما يستحوذون عليه من القاب علمية ولا حتى بأخلاق المهنة وكثير منهم يشكل وجودهم في الجامعات عبء كبير عليها، وما يسببه ذلك من حقيقة مؤلمة وتأثير سلبي على الاساتذة الجادين والملتزمين، وما يسببه في اهتزاز صورتهم وتشويهها داخل الجامعة وفي المجتمع وفقدان دورهم الحقيقي في التنمية والتغيير في المجتمع.
نسمع بين فترة وأخرى عما يدور في جامعاتنا بصبغتها الحزبية ومشكلاتها الحزبية المزمنة والية تشكيل مجالس الامناء بطريقة حزبية وعلى اساس فصائلي ودورهم وأهليتهم والأقساط الجامعية الباهظة التي تثقل كاهل اولياء الامور وموازنة السلطة الهشة وحجم الديون الكبيرة المستحقة لبعض الجامعات على الطلبة، والتعيينات السياسية والأمنية والشخصية والعشائرية، إلى جانب غيرها من المشكلات والشكوى المستمرة التي اصبحت مادة للطم والندب.
الاصدقاء الاكاديميين والمختصين لم يتوقفوا عن الحديث بمرارة وحزن وأسى، عن غياب تعليم جامعي حقيقي، وتخلف للمناهج ووسائل التعليم وبدائيتها والتوظيف السياسي والحزبي في الهيئات التدريسية وضعف الجامعات وبعدها عن المجتمع لدرجة انفصالها وعدم قدرتها على التأثير في المجتمع وشح الموارد والموازنات وعدم مواكبة التطورات العلمية وغياب الكتب الجديدة من المكتبات وغياب موازنات البحث العلمي.
التعليم يمثل بالنسبة للفلسطينيين مسألة وجود والتصاق بالماضي والحاضر والمستقبل ومما يؤسف له ان عددا من الجامعات الفلسطينية اصبحت شركات استثمارية وجمع المال والربح، في ظل غياب ادوات رقابية فعالة وفي ظل غياب الموازنات الحكومية وضعفها والمنح والتبرعات العربية والدولية، فمن حق الجامعات تحقيق الربح لتغطية نفقاتها، إلا أنه لا يجوز على الاطلاق أن يكون الهدف الاساسي من التعليم هو الربح على حساب الهدف الاساس وهو زيادة المعرفة وتحديثها ونقل التكنولوجيا وتطويرها للتنمية وخدمة الإنسان.
إضافة الى ضعف الطلبة وتكوينهم العلمي والوطني والسياسي والديمقراطي وعدم انسجام المخرجات وحاجات السوق في ظل تفاقم ازمة البطالة، وفي ظل الانقسام والفرز السياسي الحزبي اصبحت الجامعات تخلو من أي عمل سياسي أو نقابي حقيقي كما كانت في سنوات الثمانينات من القرن الماضي في ظل غياب الحريات السياسية والأكاديمية.
ومع استمرار الانقسام لم نجد أي جهة حكومية او غير حكومية بادرت إلى فعل حقيقي ومؤثر لوقف هذا التدهور الخطير في جامعاتنا وتدني مستواها الاكاديمي، على الرغم من بعض النجاحات التي حققتها بعض الجامعات في ظل الظروف الصعبة والمعقدة التي يعيشها شعبنا، وتعطيل لدورها الوطني والسياسي المفروض عليها ان تقوم به، بالاضافة إلى مشكلة الآلاف الخريجين الجدد الذين ينضمون الى جيش العاطلين عن العمل.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت