إختزالات القضية الفلسطينية إلى أين!/أ. محمد ناصر نصار


منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين في العام 1918 وحتى الاحتلال الإسرائيلي 1948 وما بينهما من ثورات وإضرابات كانت القضية الفلسطينية قضية إسلامية بحتة ، فالمنطقة العربية لازال اثر الخلافة الإسلامية فيها رغم احتلالها وتقسيمها من قبل الحلفاء وخاصة بعد فوزهم على دول المحور والتي كانت منها الخلافة العثمانية ، فكانت القضية الفلسطينية مطلوبة من كل مسلم ، فالمسلم الموجود في جاكرتا أقصى الشرق والمسلم الموجود في موروني مطالب منهم الإسهام في الدفاع عن الأراضي الإسلامية بل ويعتبر ذلك فرض عين لا فرض كفاية ، ثم في إعلان قيام إسرائيل في 14 مايو 1984 قامت الدول العربية ممثلة بالعراق ومصر والسعودية وسوريا ولبنان والأردن والتي أقول للأمانة العلمية إن مشاركة الدول العربية كان رمزيا فكان مجموع هذه القوات لا يزيد عن 22 ألف مقاتل بينما العصابات الصهيونية تجاوزت حوالي 45 ألف مقاتل، وليس الشاهد هنا أن نتحرى هذه الحرب ولكن الشاهد أن قضية فلسطين اختزلت من قضية إسلامية إلى قضية عربية وتجسدت بمصطلح الصراع العربي الإسرائيلي، ثم بتغير الأنظمة وتوالى الهزائم متمثلة بالعدوان الثلاثي 1956 ، أصبحت الدول العربية متثاقلة من مشاركتها في قضية فلسطين ، فألقت العبء على الفلسطينيين أنفسهم فساهموا في إنشاء منظمة التحرير في العام 1964 وهنا تختزل القضية الفلسطينية مرة أخرى إلى صراع فلسطيني إسرائيلي ، فهكذا تخلصت الدول الإسلامية والعربية من عبئ القضية الفلسطينية في المحافل السياسية والدولية بحجة أن الصراع إسرائيلي فلسطيني وظهر العجز الواضح في حل هذا الصراع في الأمم المتحدة والمحافل الدولية ، ومرت المنطقة بإنتصاراً محدودا لأنه وقف على حدود الدول العربية متمثلا بحرب أكتوبر 1973 لأنه لم يهدف إلى
كل فلسطين بل سيناء والجولان ، إلا أن شعب الفلسطيني يأبى إلا أن تكون له كلمة في هذا الصراع وذلك في العام 1988 باندلاع الانتفاضة ،إن إندلاع الانتفاضة الأولى في العام 1988 كان يهدف إلى نزع التمازج الديموغرافي والاتصال المباشر بين الضفة الغربية وغزة والأراضي المحتلة داخل الخط 1948 فكان هذا تهديدا استراتيجيا حقيقيا لدولة إسرائيل ، ولما كانت حرب الخليج الأولى في العام 1990 كان لابد من ثمن سياسي يقدم للدول العربية نظير وقفتها ودعمها اللوجستي لأمريكا في الحرب فعقد اتفاق أوسلو والذي من خلال عادت المنظمة إلى الأراضي الفلسطينية وأنشئت السلطة الوطنية الفلسطينية وهنا أيضا اختزلت القضية الفلسطينية فأصبح الصراع بين إسرائيل والسلطة الوطنية فتقلص الفلسطينيون من الشتات والأراضي الفلسطينية واقتصر على فلسطيني الضفة وغزة فقط بينما فلسطيني أراضي الخط 1948 أصبحوا جزءا من إسرائيل ، وباندلاع الانتفاضة الثانية والتي دخل شارون فيها الأقصى المبارك هدفت إسرائيل إلى تقويض السلطة بتدمير مبانيها ومؤسستها وإضعافها وفي العام 2006 فازت حركة حماس في الانتخابات واشتعل الصراع بين حماس وفتح على السلطة وهنا ظهر أسوأ تجربة مر بها الشعب الفلسطيني ألا وهو الانقسام وهنا اختزلت القضية الفلسطينية في قطاع غزة فقط والضفة الغربية فقط بمعنى أدق أصبح الغزيين مع فرض الحصار عليهم يطالبون بالكهرباء والمحروقات والمواد الغذائية ، وأصبح المواطن في الضفة الغربية يطالب بإزالة الحواجز الإسرائيلية وعدم دخول الجيش الإسرائيلي لمناطق السلطة كما يتمنى التواصل بين مناطق الضفة بسبب الجدار العازل ، هذه الاختزالات التي واجهتا القضية الفلسطينية على مر أكثر من 100 عام ووصلت قضية فلسطين من قضية إسلامية عظيمة إلى قضية حياة آدمية بسيطة ، يدفعنا وبحرقة أن نوحد النظرة الإستراتيجية للنظر الى قضايانا المصيرية وتصويب المسارات وعدم اختزال قضيتنا إلى اقل من ذلك لأنه سيعني انتهاء القضية الفلسطينية .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت