أزمة الكهرباء في غزة إلى متى؟؟/ سمير حمتو

يوما بعد يوم تتفاقم معاناة المواطنين القاطنين في قطاع غزة جراء استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي ونفاذ مختلف أنواع الوقود وما ينجم عن ذلك من كوارث بيئية وصحية وإنسانية بدأت تلقي بظلالها على المواطن الغزي الصابر المكلوم الذي اضطر للعودة إلى حياة العصور القديمة لتسيير شؤون حياته اليومية دون أن يري إلى متى ستستمر معاناته .

إن المراقب للازمة التي تتفاقم يوما بعد يوم يدرك بما لا يدع مجالا للشك حجم المؤامرة الكبيرة التي تحاك ضد هذا الشعب الصابر من قبل عدة أطراف بما فيها أطراف فلسطينية تسعى لمعاقبة هذا الشعب على صبره وثباته على أرضه وتراهن على تأليب الشعب ودفعه كي ينفجر غضبا في وجه حكومته وحتما ستفشل رهاناتهم .
أكثر من شهرين مضت على الأزمة دون أن يرى المواطن الفلسطيني أي بصيص أمل بحل هذه المشكلة وكلما تم التوصل إلى حل ينهي هذه المعاناة نفاجأ بتدخلات من هنا وهناك لدى الجانب المصري تعيق الحل وتدفق المحروقات .

وقد رأينا كيف تبخرت الوعود المصرية خلال الأسابيع الماضية ولم يدخل الوقود الموعود بسبب تدخلات جهات لا تريد الخير لهذا الشعب وإنما تسعى لتحقيق مصالح شخصية ومكاسب مادية على حساب الشعب الصابر المكلوم .

نعم لقد بدا واضحا للجميع أن هذه الفئة الطفيلية التي تتغذى من معاناة الشعب المجروح سعت وما زالت لإقناع الأشقاء المصريين بعدم جدوى إدخال الوقود عبر الأنفاق أو معبر رفح البري الرمز السيادي الوحيد لفلسطين وتريد تحويله إلى معبر كرم ابوسالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية المطلقة لا لشيء إنما لإبقاء الشعب الفلسطيني تحت رحمة المحتل وفي نفس الوقت تحقيق مآرب أخرى تتمثل في تحقيق مكاسب مادية كبيرة من وراء تجارة الوقود .

إزاء هذه الأزمة الإنسانية متعددة الوجوه والتي تتفاقم يوما بعد يوم ويكتوي بنارها جميع أفراد هذا الشعب يحق للمرء أن يتساءل لماذا تستجيب القيادة المصرية لوسوسة هؤلاء الذين لا يريدون الخير للشعب الفلسطيني وتمتنع حتى اللحظة عن دعم جهود الحكومة في غزة وتنفيذ الاتفاقات والتفاهمات التي تمت بين رئيس الحكومة إسماعيل هنية والمسؤولين المصريين ؟

في ظل خضوع محطة توليد الطاقة لدائرة المساومات من قبل أطراف فلسطينية تسعى للكسب والثراء المادي وإبقاء الشعب الفلسطيني يعيش حالة الأزمة يطرح الفلسطينيون في مجالسهم وفي أحاديثهم حلولا قد لا ترضي البعض لكنها تبدو منطقية .

البعض يدعو الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة لأن تأخذ زمام المبادرة وان تصدر قرارا جريئا بإغلاق محطة توليد الطاقة نهائيا لأنها باتت تشكل عبئا على الاقتصاد وعلى الشعب الفلسطيني وكلفة إنتاج الكهرباء فيها تفوق عشرات المرات سعر الكهرباء المستوردة .

كما يقترح بعضهم وردا على التقاعس العربي أن تجد الحكومة سبيلا عبر القطاع الخاص للطلب من إسرائيل زيادة الكمية التي تزود بها قطاع غزة من الكهرباء، فهي تزودنا ب120 ميجا وات ونحن نحتاج فعليا إلى 180 ميجا وات أخرى، فما الضير بالحصول على باقي الكمية من المحتل.

قد يقولون أن العودة إلى رحمة المحتل حل غير مقنع ولكن ما البديل يا سادة ما دام العرب متقاعسون عن نصرة إخوانهم وما زالوا يتلذذون بمعاناتهم التي فاقت كل حدود التصور ويرفضون تنفيذ مشروع الربط الإقليمي بحجج واهية ؟ وهل مطلوب منا أن نبقى ننتظر في المعاناة لعامين مقبلين حتى ينفذ المشروع ؟ أسئلة مشروعة يطرحها المواطن الفلسطيني وتنتظر الإجابة .

إن الشعب الفلسطيني أيها العرب وهو جزء من أمتكم لن يسامحكم وسيحملكم وزر هذه المعاناة إلى يوم الدين ، ففي الوقت الذي يذهب بترولكم وغازكم الطبيعي بكل سهولة لإنارة الأحياء والمستوطنات الإسرائيلية تواجهون صعوبة في إنارة بقعة صغيرة لا تتجاوز حي صغير في أي مدينة من مدنكم !!!.

إن الشعب الفلسطيني المكتوي بنار المعاناة والظلام الحالك ما زال يتطلع للأشقاء المصريين والعرب بان يبادروا إلى إنهاء معاناته فمفتاح الحل بأيديهم ولا يعقل أن تظل معاناته في دائرة المساومات والمناكفات السياسية ووسوسات من ارتبطت مصالحهم بدولة الاحتلال ولا يريدون الخير والاستقرار لهذا الشعب.

آن الأوان أن تتخذ القيادة في مصر الكنانة قرارا شجاعا ينهي معاناة مليون ونصف المليون فلسطيني في هذه البقعة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها حي من أحياء مصر وان تفتح الباب لإدخال المحروقات وربط قطاع غزة بالشبكة المصرية، وشعبنا ما زال على ثقة بأنكم لن تتخلوا عنه ،فهل من مستجيب ؟
*صحفي ومحلل سياسي-غزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت