أزمات غزة تحول حياة شعبنا الى مآسي وجحيم لا يطاق/وسام زغبر

أزمة الكهرباء والوقود في قطاع غزة ما زالت تراوح مكانها بالرغم من الحديث عن حلول لها بين الفينة والأخرى. ولكن ما يؤخذ على سلطة الطاقة وكهرباء غزة اضافة الى الحكومة المقالة انها تربط مصالح قطاع غزة ومواطنيه بآمال هنا وهناك دون تحميل نفسها المسؤولية الأولى التي افتعلتها بأيديها بعد أشهر من تسلمها مقاليد الحكم في قطاع غزة بعدما أصبحنا منقسمين على ذواتنا، ولا أريد من ذلك تبرئة الاحتلال بأنه المسؤول عن تلك الأزمة وعن كافة الأزمات التي تحاط بنا.

نسمع تصريحات كل يوم عن أن أزمة الكهرباء في قطاع غزة بطريقها للحل تارة عن طريق زيادة عدد الميجا واط التي تأتينا من مصر، وتارة عن الربط مع دول عربية عن طريق مصر، وتارة لا ندري لماذا الأزمة اليوم في قطاع غزة؟؟!!.

كنت قد تحدثت في مقال سابق ان أزمة الكهرباء متصلة بحديث المصالحة الوطنية، فكلما توصلنا الى اتفاقات للمصالحة تأزمت كهرباء غزة على رؤوس المواطنين، ولا ندري لماذا؟؟!!.

نعلم ان سلطة الحكم في أي موطن او بلد أو قطر مسؤوليتها تعزيز صمود مواطنيها وتوفير حاجياتهم والحال يكون اكبر في حال الاحتلال، فبدلا من أن تعزز مقومات صمود المواطنين في قطاع غزة والضفة الفلسطينية لمواجهة الاحتلال في المعركة القادمة نجد انفسنا امام حكومتين تتسابقان في فرض الضرائب وارهاق المواطنين بالجبايات دون النظر الى انفسهما انهما وراء الحالة المأساوية التي وصل اليها المواطن الفلسطيني وان انقسام حركتي فتح وحماس كان وراءه ليس انقساما للجغرافيا والسياسة فحسب بل تجاوز كافة مناحي الحياة حتى غيبت عنا ثقافة النضال الوطني الفلسطيني.

فالمطلوب من حكومة السلطة برام الله بالكف عن فرض ضرائب ترهق المواطنين وخاصة ان شعبنا يعيش تحت نير الاحتلال والاستيطان والتهويد، وعلى الحكومة المقالة في غزة ان تكف عن كوي شعبنا الغزي بمآسي الحياة اليومية التي حولتها الى جحيم لا يطاق تارة بالعلاج والدواء والتعليم والوقود والكهرباء ولا نعلم ماذا غداً، لان طعم السلطة واكتناز المال اصبح أعظم لهم من الشعب والنضال الوطني اللذان اوصلاهما الى سدة الحكم بانتخابات تشريعية مضى عامين على انتهاء شرعيتها. فمقولة تشي جيفارا تنطبق عليكم: "إنَّ الثّورةَ تتجمّدُ، وإنّ الثّوّارَ ينتابُهم الصّقيعُ حينَ يجلسونَ فوقَ الكراسي، وأنا لا أستطيعُ أن أعيشَ ودماءُ الثّورةِ مُجمّدةٌ داخلي"!

فالحكومة المقالة بغزة حولت حياة الشعب الى جحيم بتردي كافة مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية فلم تعطي للتحرير مكانا في قاموسها واصبح كل همها منذ الانقسام كيف تجمع مالا وتكرس سلطتها بضرائب وجبايات ولا يهمها حياة شعب غزة وهمومهم وحكاياتهم المأساوية، فأصبح النضال اليومي للمواطنين لأجل الكهرباء والوقود والدواء والعلاج والكابونة دون النظر ان قطاع غزة ما زال تحت الاحتلال والعدوان الاسرائيلي، وكأن المال وتقاسم غنائم غزة قد أعمى بصيرة حكامها وأمراءها وأبعدها عن النضال والمقاومة وأصبحت تلك شعارات رنانة تحكى في المناسبات والتصريحات الصحفية واستقبال الوفود.

فمن لم يستطع تحمل أعباء الحكم فعليه ان يعترف بذلك ويسترح ولا يلغط نفسه بمآسي الشعب وكراهيته فالتاريخ لن يرحم الظلم والفساد. والثورات والتحركات الشعبية ستطال رؤوس العابثين بالوطن وبالنضال وخاصة اننا نعيش تحت الاحتلال وكأننا نضحك على انفسنا بالقول ان غزة اصبحت محررة، وحكومتها لا تستطيع توفير أي شيء من مقومات الحياة الا عبر الاعانات والمساعدات والاستغاثات من الجوار.

فالنضال الوطني والتحرري بحاجة الى تعزيز صمود المواطنين وانهاء الانقسام بكافة أشكاله وليس ذبح الشعب بضرائب وجبايات ومآسٍ يومية تطيل من عمر الانقسام وتجعل من الاحتلال والعدوان ابدي، فالشعب لن يرحمكم وربيع الثورات العربية في طريقه الى فلسطين. وعلى الحكومتين برام الله وغزة استدراك حاجات ومطالب المواطنين. فالشّعوبُ وحدَها هي مَن تُحرّرُ نفسَها، فأين بلادنا ونحن من هذه الرّؤية الجيفارية؟ وهل هناك مَن يتّعِظ؟

على ما يبدو اننا وقعنا في الفخ الاسرائيلي ونسير نحو تحويل كافة أعبائنا لمصر وكأنها هي المسؤولة بالدرجة الأولى عنا صارفين النظر ان قطاع غزة ما زال محتلاً ويكتوي بعدوان الاحتلال وحصاره، ونعفي الاحتلال من مسؤوليته عن احتلال غزة وتوفير كافة أعباءه ونرمي بأعبائنا نحو مصر ونحرر اسرائيل من كافة مسؤولياتها القانونية اتجاه قطاع غزة دون تكلفتها ثمن احتلالها الذي يدفعها للرحيل، ونسير بأرجلنا نحو تطبيق النظام القديم الذي يرضي اسرائيل ويصرح به قادتها على الدوام ان قطاع غزة من مسؤولية مصر. فعلى حكام غزة ان يستيقظوا من غفلتهم ويكفوا عن استغفال المواطنين ببعض التصريحات الرنانة، فربما تأتي لحظة لا ينفع فيها الندم ونكون حقاً وقعنا في الفخ دون رجعة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت